باستثناء كتلة «التغيير» الكردية فإن كل نواب التحالف الكردستاني لا يزالون ينتظرون في مدن الإقليم قرارا من رئيسه مسعود بارزاني بإمكانية عودتهم إلى جلسات البرلمان الاتحادي في بغداد من عدمها. وفي بغداد فإن «التثاؤب» سيد الموقف بين أعضاء البرلمان العراقي الذي يضم 325 نائبا يتوزعون على ثلاث كتل رئيسية (التحالف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني)، وكتل أخرى صغيرة ونواب مستقلين فضلا عن الكوتة التي منحت مقاعد للأقليات الدينية والعرقية في العراق.
وتمتع البرلمان بإجازة طويلة، أكثر من 18 يوما، تلتها عطلة إجبارية هي عطلة أعياد نوروز التي وإن كانت تخص النواب الكرد فإن رئاسة البرلمان الاتحادي وجدتها فرصة لتمد العطلة على أمل أن يشمر النواب عن سواعدهم لإقرار عشرات القوانين المعطلة والتي تنتظر التصويت، إلا أن البرلمان لا يزال عاجزا عن عقد جلسة كاملة النصاب في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية حادة.
رئيس البرلمان أسامة النجيفي، في محاولة منه لإيجاد حل لأزمة عدم اكتمال النصاب بسبب الغيابات المتكررة أو لجوء بعض النواب ولأسباب سياسية للبقاء في الحانة المجاورة للقاعة الرئيسة وعدم حضورهم الجلسات، لجأ هو الآخر إلى فرض غرامات مالية، مليون دينار عراقي، وهو ما يعادل 800 دولار، عن كل جلسة. ومع أن مبدأ الغرامة كان معمولا به في البرلمان، وبواقع نصف مليون دينار عن كل جلسة، فإنه لم يجر العمل به. وأعلنت كتلة الأحرار، التابعة للتيار الصدري، ترحيبها بقرار رئاسة البرلمان محاسبة النواب المتغيبين وإعلان أسمائهم في الصحف الرسمية. وقال رئيس الكتلة بهاء الأعرجي، خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أمس، إن «رئاسة البرلمان أحسنت بقرارها معاقبة النواب المتغيبين وإعلان أسمائهم في الصحف الرسمية»، موضحا أن «هذا الإجراء كان ضروريا وواجبا تحقيقه لإنهاء حالة عدم الالتزام بالحضور التي عطلت الكثير من القوانين». وأضاف الأعرجي أن «استمرار غياب النواب سيدفع بكتلة الأحرار إلى إقامة مؤتمر صحافي آخر وإعلان الكتل والنواب المتغيبين بالأسماء من دون أي إحراج أو تخوف». ودعا الأعرجي رئاسة البرلمان إلى «تقليص العطلة التشريعية إلى شهر واحد بدل شهرين، وأن يكون الدوام في الأسبوع المقبل مستمرا طيلة أيامه لتعويض التأخير الذي حصل في الجلسات السابقة لضمان تمرير القوانين الخدمية والمهمة».
من جهته، حمل مقرر البرلمان العراقي محمد الخالدي المحكمة الاتحادية مسؤولية ما يعانيه البرلمان من شلل حاليا. وقال الخالدي، وهو نائب عن القائمة العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحكمة الاتحادية عملت على تحجيم دور البرلمان في اقتراح القوانين وتشريعها حيث إنه يفترض أن تقترح اللجان البرلمانية مشاريع القوانين بتأييد من عشرة نواب، لكن التفسير الذي قدمته المحكمة الاتحادية عطل هذا الدور، وبالتالي فإن الكثير من النواب بات يجد نفسه وكأنه بلا عمل»، معتبرا أن «ذلك انعكس كثيرا على طبيعة عمل البرلمان وأعضائه». وردا على سؤال عما إذا كان هذا هو السبب في كثرة الغيابات مما يؤدي إلى عدم اكتمال النصاب أو أن هناك أسبابا سياسية تحول دون ذلك، قال الخالدي إن «المقاطعة الكردية تكاد تكون السبب الرئيسي في عدم اكتمال النصاب، فلولا المقاطعة لكان قد اكتمل النصاب حتى بوجود النواب المتغيبين دون أعذار مشروعة». وبشأن رؤيته فيما إذا كانت جلسة الأحد المقبل سوف تعقد أم لا في ظل هذه الأوضاع، قال الخالدي «في حال حضر نواب كتلة التحالف الكردستاني فإن الجلسة تعقد، وفي حال لم يحضروا فلا أمل في عقدها حتى باستخدام العقوبات المالية».
أما موقف النواب الأكراد من جانبهم فإنه، طبقا لما أعلنه عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستان برهان محمد فرج في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا يزال كما هو بانتظار نتائج عمل اللجنة التي شكلها رئيس إقليم كردستان مؤخرا برئاسة الدكتور فؤاد معصوم لدراسة وتقييم الموقف». وأضاف فرج أن «اللجنة يمكن أن تكون عقدت الخميس أولى جلساتها، ويتوقع أن تقدم تقريرها إلى رئاسة الإقليم، وبعد ذلك يتقرر ما إذا كان النواب والوزراء الكرد سيعودون، أم يعود النواب ويبقى الوزراء وبالعكس، أو تستمر المقاطعة»، معتبرا أن «كل شيء يتوقف على مدى استجابة الحكومة الاتحادية للمطالب الكردية، فالقضية بالنسبة لنا هي ليست قضية أن نعود أو لا نعود، بل هل يمكن أن تحسم المشاكل العالقة أم لا».