عشائر الأنبار تنجح في سحب البساط من تحت أقدام الجيش والمعتصمين

أبدت استعدادها لمساعدة الجيش في اعتقال قتلة 5 من جنوده > العراق يبلغ الأردن بإغلاق الحدود 48 ساعة اعتبارا من فجر الثلاثاء

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لمراسم التشييع التي جرت بالمنطقة الخضراء في بغداد أمس لجثامين 5 جنود قتلوا في الرمادي بمحافظة الأنبار
TT

لم يتكرر سيناريو الحويجة حتى الآن في الأنبار، لكن سيناريو آخر خرج إلى النور ليوجه واحدة من أقوى الضربات إلى المتشددين من قادة المظاهرات في الرمادي بعد إعلان العديد من العشائر هناك انسحابها من ساحة الاعتصام بعد يومين من اتفاق بدا تاريخيا بين العشائر هناك على تشكيل جيشها الذي أطلق عليه «جيش العزة». لكن هذا الجيش لم يتمكن بعد ساعات من إعلان تأسيسه من حماية خمسة جنود كانوا قد عادوا إلى بيوتهم بعد تمتعهم بإجازتهم الدورية وقتلوا يد مسلحين بالقرب من ساحة الاعتصام.

وفي وقت لم تجف فيه بعد دماء قتلى وجرحى حادث اقتحام ساحة الحويجة شمال غربي بغداد، فقد انفتح المشهد في الأنبار على كل الاحتمالات بما فيها أكثرها سوءا. وبدأت طبول الحرب تدق على المستوى الإعلامي على الأقل في بادئ الأمر بين الحكومة والمعتصمين لجهة عدم السكوت عن قتلة الجنود الخمسة الذين جرت مراسم تشييع رسمية لهم في المنطقة الخضراء ببغداد بحضور رئيس الوزراء نوري المالكي وكبار المسؤولين. لكن بعد مسارعة نحو خمس عشائر للانسحاب من الساحة وإعلان صحوات أبناء العراق المؤيدة للحكومة استعدادها للنزول إلى الساحة لمساعدة القوات الحكومية في اعتقال الجناة، أعلن المعتصمون براءتهم من القتلة.

وكانت قيادة عمليات الأنبار منحت المعتصمين أول من أمس مهلة 24 ساعة لتسليم القتلة أو مواجهة الهجوم. وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر أمني موثوق، فإن الخطة كانت تقضي بالهجوم على ساحة الاعتصام في الرمادي في تمام الساعة السادسة من صباح أمس ولكن بالتعاون بين قيادة العمليات والعشائر التي أعلنت استعدادها لمساندة قوات الجيش. وأضاف المصدر أن «كون الخطة مشتركة بين قوات الجيش والعشائر ربما يكون عاملا مساعدا في الوصول بسرعة إلى الجناة، لا سيما أن هناك شكوكا تدور حول البعض منهم وانتماءاتهم». واستنادا للمصدر المطلع ذاته، فإن «هذه الخطة تم تسريبها ربما بشكل مقصود، وهو ما أخذته لجان التنسيق الخاصة بالمعتصمين على محمل الجد، فبدأت حملة للبحث عن الجناة حتى تمكنت من معرفة أسمائهم، وقد سلمت الأسماء إلى الجيش؛ الأمر الذي أدى إلى التخفيف من شدة الإجراءات ومن ثم تمديد المهلة».

في غضون ذلك، أصدر المعتصمون بيانا أعلنوا فيه براءتهم من قاتلي الجنود. وقال البيان إن «الحكومة تتحمل مسؤولية هذه الجريمة لكونها هددت محافظاتنا المعتصمة في أكثر من مناسبة»، مضيفا: «لن نتستر على القتلة كما فعلت الحكومة مع قتلة شهداء الفلوجة والحويجة وديالى والموصل وبغداد وغيرها، والعشائر ستقوم بملاحقة القتلة وتسليمهم إلى القضاء». وتابع معتصمو الرمادي: «ساحة الاعتصام تعلن براءتها من جميع ما حصل والذي أيدته إفادة أحد الجرحى الذي أقر بقيام المعتصمين بإسعافه مع أحد علماء الدين بساحة الاعتصام».

من جهته، أكد أمير قبائل الدليم ماجد العلي السليمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «انسحاب خمس عشائر من ساحة التظاهرات يجب أن لا يفهم أنه تنازل عن الحقوق المشروعة للتظاهرات، بل لأن هناك من يريد إشعال فتنة في عموم البلاد، وهو ما نرفضه»، مؤكدا أن «المطالبة بالحقوق ستستمر، لكن بالحوار الهادئ لا بافتراش الخيام والخطب الرنانة التي لم تجلب لنا غير الموت والدمار». وأوضح السليمان أن «المشكلة أن الأجندات السياسية دخلت ساحات التظاهر وقد أفشلت خطط المتظاهرين السلمية، ولأننا لا نريد أن نزج بالعشائر في مثل هذه القضايا، فإن انسحاب هذه العشائر وعشائر غيرها هو سحب بساط من تحت أقدام السياسيين من كل الأطراف ومن يريد ركوب الموجة لأهداف ومصالح شخصية».

وفي تطور آخر ذي صلة، أبلغت السلطات العراقية، من خلال سفارتها في عمان، الحكومة الأردنية بأنها ستغلق منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن (حدود الكرامة) أمام حركتي المسافرين والشحن ابتداء من فجر غد ولمدة 48 ساعة؛ لأسباب تتعلق بالشأن الداخلي العراقي.