«عوالم الرمل 2013»

قصور وتماثيل بارتفاع 10 أمتار

الفنانة الألمانية جوانا لايدنشايد أثناء العمل (إ.ب.أ)
TT

تتكدس منذ أيام قرب المنطقة الخضراء «بيرينفيزة»، من مدينة لودفيغسبورغ الألمانية، أطنان من الرمل الخاص، ذي حبات الرمل المكعبة، إذ لم يجرِ جمع الرمل هناك كي يلعب به الأطفال بمجارفهم، ولا كي تجري عليه مسابقات كرة الطائرة على السواحل، وإنما كي يستخدمه الفنانون لتجسيد أحلامهم في منحوتات وتماثيل هائلة من الرمال.

لكن ما يجمع قصور الرمال، التي يصنعها الأطفال من الرمل على السواحل، مع منحوتات «عوالم الرمل 2013»، هو أن هذه «القصور» مثل الأحلام الرومانسية، سرعان من يعيدها الماء إلى أصلها الرملي. فأمام الفنانين عدة أيام كي ينحتوا تماثيلهم الرملية، كي يشاهدها الجمهور خلال بضعة أشهر (حتى سبتمبر «أيلول»)، قبل أن يحول الماء أطنانا من أعمالهم إلى مجرد رمال.

الأعمال هناك قائمة منذ أيام، وينتظر أن تكتمل اليوم 29 أبريل (نيسان) الحالي كي يجري الافتتاح. ويحرص الفنانون يوميا على معالجة المنحوتات بشيء من الماء كي تحافظ على متانتها، كما يخفونها تحت الخيام ليلا خشية الأمطار الغزيرة التي قد تفاجئهم في تلك المنطقة الباردة نسبيا من بافاريا.

مع ذلك تتخذ بعض الأشكال الرملية صورتها الجميلة منذ الآن كما يتخذ «رجل الرمال» شكله وقوته في فيلم «سبايدرمان3». وتتنوع الأشكال بين أشكال الشخصيات الحديثة، والشخصيات الأسطورية، وتاريخ البشرية منذ سفينة نوح، والعصر الباروكي، وصولا إلى القرن الواحد والعشرين.

وضع بيتر ايريال، المسؤول التقني عن المعرض، 1000 طن من الرمل الخاص تحت تصرف الفنانين المتخصصين بالأعمال الرملية. يزيد طول بعض الأعمال على 10 أمتار، ويستخدم الفنانون «متاريس» خشبية لإسناد النصب الذي يبدو مثل برج بابل.

وليس الإنسان بحاجة إلى أن يطمر رأسه في الرمال خشية النظر في عيون مشاهير العالم وبناة التاريخ وملامح الأبطال الأسطوريين، فهم تماثيل من رمل عملت سكاكين ومجارف الفنانين طويلا كي تحفر أخاديدها ومعالمها. والمنتظر أن يكون دافنشي ومخترعاته هناك على مساحة «بيرينفيزة» الخضراء، إلى جانب أينشتاين، ومقابل مشاهد من الصحراء وميلاد السيد المسيح.

ويشارك في هذا المعرض 16 فنانا من ألمانيا وهولندا وليتوانيا وسوريا (جوزيف بكر) وجيكيا وإيطاليا والمجر والبرتغال والولايات المتحدة. وسبق لبعضهم أن فاز بجوائز عالمية كثيرة مثل الأميركي ريتش فارانو.

ويستخدم الفنانون، كما هو معروف، رملا خاصا يتكون من ذرات ذات زوايا كي تحتفظ التماثيل بصلادتها أمام عوامل الريح والماء على الشاطئ، لكن التماثيل ليست أبدية بالطبع ولا يمكن بيعها، ولا يبقى من مجال للكسب للفنانين غير مبيعات البطاقات البريدية التي تحمل صور أعمالهم. وإذ استخدم الفنانون عام 2007، في شتوتغارت، أكثر من 8 أطنان من الرمل الخاص لتجسيد أعمالهم الفنية في صور ناطقة، استخدم فنانو 2013 أكثر من 10 أطنان رغم أن عددهم أقل.

وليس الفنان هنا بحاجة إلى الألوان والمواد وإنما إلى الرمل والماء، فهي عودة حقيقية إلى مجرى التاريخ الطبيعي، وباستخدام الرمل الحجري الخاص من شركة «نيدرلهلم» الألمانية.

يكوم الفنانون كتل الرمل بالماء حسب الأحجام التي يحتاجون إليها ثم يكبسونها جيدا بآلات خاصة كي تتصلب مؤقتا قبل أن يعملوا عليها بأدوات البنائين. ويحتاج البعض إلى رافعات صغيرة يدورون بها حول التماثيل الكبيرة لينجزوا الأعمال.

ويكون نسيان الفن «كارثة» بالطبع في معرض للنحت بالرمل، لهذا فقد خصص المعرض مساحة واسعة لعرض صور «النسخ الرملية» من أعمال مشاهير الفن في التاريخ البشري، إضافة إلى الصور الملتقطة للأعمال الرملية السابقة المستمدة من «عوالم الرمل» السابقة.

«الحفلات العشوائية» التي صارت ترافق الفنانين وهم يعملون حتى وقت متأخر من المساء، وهي حفلات يقيمها المعجبون، أدت إلى نتائج سيئة حتى الآن، لأن سكان البيوت القريبة تقدموا بشكاوى ضد مقيمي المعرض بسبب الضجيج، وهذا يعني أن المشكلة ستتعقد أكثر حينما تتحول المساحة الخضراء «بيرنيفيزة» إلى ساحة احتفالات أثناء الافتتاح.

وينتظر أن يجتذب العرض أكثر من 200 ألف مشاهد، ويتضمن الكثير من الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية، إضافة إلى سوق فنية، وسلسلة من المطاعم الصغيرة التي تقدم وجباتها الحارة من كل أرجاء العالم.