معتصمو المحافظات العراقية: إما استبدال المالكي أو الذهاب للإقليم السني

مستشارة رئيس الحكومة: نرحب بالسعدي مفاوضا عن المتظاهرين

متظاهرو مدينة الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار يلوحون بالعلم العراقي الذي كان معتمدا من قبل النظام السابق أمس (أ.ب)
TT

انتهت جمعة «الخيارات المفتوحة» في اعتصامات محافظات العراق الغربية والشمالية إلى خيار واحد أطلق عليه خيار المضطر وهو إقامة الإقليم السني. وحاول بعض خطباء الجمعة هناك طرح الموضوع على استحياء بسبب حساسيته المجتمعية لا سيما في المناطق الغربية من العراق التي عرفت بقوة موقفها من وحدة العراق حيث كانت ثلاث محافظات منها هي الأنبار وصلاح الدين ونينوى قد رفضت عام 2005 التصويت على الدستور بسبب تضمينه الفيدرالية، في الوقت الذي انسحب فيه المئات من بعض ساحات الاعتصام بعد سماعهم هذا الطرح، وكان نصيب إمام وخطيب جامع الفلوجة أن يتم قذفه بقناني المياه طبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» أحد أبرز قادة المظاهرات في مدينة الفلوجة.

خيار الإقليم طرح أيضا في مقابل خيار آخر هو استقالة رئيس الوزراء نوري المالكي أو إزاحته وهي المقايضة التي يبدو من الصعب تطبيقها في ظل قلة الخيارات السياسية المطروحة في العراق اليوم في ظل تفاقم الأزمة بين الشركاء. وكان إمام وخطيب جمعة «الخيارات المفتوحة» في ميدان الحق بسامراء الشيخ محمد طه الحمدون قد طالب جميع الكتل باستبدال رئيس الوزراء نوري المالكي، طارحا مجموعة خيارات. وقال الحمدون خلال الخطبة إن على الكتل السياسية إيجاد بديل عن المالكي لحل الأزمات المتكررة. واعتبر الحمدون الذي جرى تخويله بأن يكون متحدثا رسميا باسم ساحات الاعتصام باسم المحافظات المتظاهرة الست أن خيار الإقليم هو الخيار الثاني، رافضا تقسيم العراق، موضحا أن «الإقليم هو تنظيم وليس تقسيما وهو أيضا تقاسم للسلطة».

وأشار إلى أن «الإقليم هو ما يحفظ للسنة عقيدتهم ودماءهم وأعراضهم وما يحفظ للعراق وحدته وكيانه وإن شاء الله إذا اخترتموه فإنا معكم لسائرون لوطن مستقر قائم على العدالة والمساواة ومبدأ المواطنة».

لكن الأمر في الفلوجة أخذ مسارا آخر. ففيما انسحب المئات من ساحة الاعتصام فإن نصيب الخطيب كان الرمي بقناني المياه. وقال الشيخ خالد حمود الجميلي أحد رجال الدين في الفلوجة وقادة اعتصامها في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «كان هناك اتفاق على جملة من الأمور منها الإطار العام لخطبة الجمعة ولكن الذي حصل أن هناك أمرا دبر بليل وهو موضوع الأقاليم المرفوض بالنسبة لنا جملة وتفصيلا وبالتالي فإن الخطيب حاول أن يلف ويدور حول هذا الموضوع لأنه يعرف طبيعة الرفض الجماهيري له».

وأضاف الجميلي أنه «ما إن نطق الخطيب بموضوع الأقاليم حتى قام المعتصمون برميه بكل ما وقعت عليه أيديهم من قناني مياه»، مشيرا إلى أن «العراقيين وبغالبيتهم العظمى يرفضون الأقاليم والتقسيم وأن هذه ألاعيب سياسيين ولا يمكن أن تنطلي علينا». وأوضح الجميلي «إننا خرجنا من أجل مطالب عادلة لم تحققها الحكومة وبالتالي نحن نصر عليها بالطرق السلمية حتى لو بقينا سنوات أما أن يأتي من يريد أن يقسم العراق برؤوسنا فهذا أمر مرفوض تماما».

من جانبه أكد خطيب جمعة الرمادي أن متظاهري الأنبار لا يريدون خيار مواجهة الحكومة لأنه «يعني الحرب الطائفية التي لا تبقي ولا تذر»، مبينا أن «حكم أنفسنا بأنفسنا هو الحل الذي يرتضيه من يختار الرمضاء على النار».

لكن المطالبات بإقامة الإقليم السني امتدت إلى الموصل أيضا حيث طالب إمام وخطيب جامع النبي شيت في مدينة الموصل بإقامة الأقاليم لعدم استجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين المشروعة، فيما انتقد موقف أهالي المحافظات الجنوبية لعدم وقوفهم مع المتظاهرين في مطالبهم المشروعة. وقال إمام وخطيب الجامع محمد الرضواني خلال خطبة صلاة الجمعة التي حملت اسم جمعة الخيارات المفتوحة إن «هناك ثلاثة خيارات مطروحة أمامنا، لعدم استجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين المشروعة»، مبينا أن «الخيار الأول هو الانسحاب من ساحات الاعتصام وهو مرفوض لأننا ثابتون على مواقفنا».

من جهتها رحبت الحكومة العراقية بما توصل إليه المعتصمون من قرار يقضي بتخويل الشيخ عبد الملك السعدي مهمة إجراء مفاوضات مع الحكومة. وقالت مريم الريس المستشارة السياسية في مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة ترحب بأي شخص يخوله المتظاهرون لإجراء مفاوضات معها وإن ما صدر عنهم من تخويل الشيخ السعدي هذه المهمة إنما هو موضع ترحيب لأننا نريد أن نصل إلى حلول لهذه القضية». وأضافت الريس أن «عملية الفرز قد بدأت في عموم المحافظات الغربية وساحات التظاهر بين من خرج من أجل مطالب مشروعة ومن ركب الموجة من السياسيين الذين لا يريدون لهذه المظاهرات والاعتصامات أن تنتهي لأن استمرارها يصب لمصلحتهم سواء لأغراض انتخابية أو لأغراض أخرى منها تنفيذ أجندات خارجية». وأشارت الريس إلى أن «المفاوضات إذا ما جرت وفق التطور الجديد فإنها لن تبدأ من الصفر لأن الحكومة عملت وشكلت لجانا واتخذت قرارات وبالتالي لا بد من التأسيس على ذلك مع أننا منفتحون على كل الخيارات في هذا المجال».

وأكدت المستشارة السياسية لرئيس الوزراء العراقي أنه «لا بد من التمييز بين أمرين؛ بين الأجندات والأهداف السياسية التي يتبناها بعض السياسيين من داخل العملية السياسية ويريدون حرف مسار المظاهرات بسببها وبين الخدمات والأداء الحكومي وهي مطالب لا تقتصر على أهالي المحافظات والمدن الغربية بل تشمل أهالي الوسط والجنوب»، موضحة أن «المشكلة أن الجميع يريدون من المالكي أن يحقق كل شيء بينما هو ليس مخيرا في اختيار الطاقم الوزاري فضلا عن أن الكثير من الأمور تتعلق بمجالس المحافظات والبرلمان». وفيما اعتبرت الريس أن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك «يقوم بعمل مهم داخل مجلس الوزراء لغرض تلبية مطالب المتظاهرين» هاجمت رئيس البرلمان أسامة النجيفي معتبرة أنه «سبب عرقلة كل التشريعات والقوانين التي يمكن أن تصب في مصلحة المتظاهرين ولا يكتفي بذلك بل يخطو خطوة غير دستورية لحل الحكومة ويطلق عليها مبادرة لحل الأزمة بينما هي لتعقيدها».