مقتل وإصابة العشرات في سلسلة هجمات على مساجد وحسينيات في بغداد

الوقف السني: هذه الممارسات لن تكون بابا للحرب الطائفية

TT

خفافيش الظلام.. هذا هو الوصف الذي أطلقه نائب رئيس ديوان الوقف السني في العراق الشيخ محمود الصميدعي وهو يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عما بات يوصف بأنه تصعيد غير طبيعي على صعيد أعمال العنف الطائفي أو ما اعتبره رئيس البرلمان أسامة النجيفي في بيان له مؤخرا بأنه تمرين للحرب الأهلية. ورغم التشديد الأمني المكثف أمس الذي بات من أكثر الأيام إزعاجا في العاصمة بغداد منذ شهور بسبب صلاة الجمعة فإن سلسلة هجمات وقعت أمس في مناطق مختلفة من بغداد استهدفت مساجد «سنية» وحسينيات «شيعية».

الصميدعي نائب رئيس الوقف السني استبعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تكون مثل هذه الممارسات بابا للحرب الطائفية لأن هناك من الوعي والإدراك لدى أبناء الشعب العراقي ما يجعلنا نطمئن من هذه الناحية». لكن الصميدعي عبر من زاوية أخرى عن «القلق مما يجري في البلاد لأن خفافيش الظلام من الطرفين يبدأ نشاطهم عندما يحصل ضعف في أجهزة الدولة وهو أمر مؤسف جدا». وأكد الصميدعي أن «لدينا في العراق فتنة سياسية وليست فتنة طائفية ولدينا خلافات سياسية وليست خلافات طائفية ولدينا أزمة سياسية لا أزمة طائفية ولكنها مثلما تستغل من السياسيين لأهداف ومصالح، فإنها تستغل من عناصر الإجرام التي لا هم لها سوى استباحة دماء أبناء العراق من كل الطوائف والأعراق». وأشار الصميدعي إلى أنه «لو كان هناك اتفاق سياسي لما حصلت هذه المآسي التي يدفع ثمنها الأبرياء والناس بدأت تفهم هذا وتتفهمه». وكانت الأجهزة الأمنية في بغداد قد شددت من إجراءاتها بالقرب من الجوامع والحسينيات في بغداد تحسبا لأي طارئ. مع ذلك فقد قتل وأصيب ما لا يقل عن 36 شخصا بانفجار سيارة مفخخة كانت مركونة قرب جامع الرزاق بمنطقة الراشدية شمالي بغداد، انفجرت بعد خروج المصلين من الجامع، مما أسفر عن مقتل خمسة منهم على الأقل وإصابة أكثر من 31 آخرين بجروح. وفي الوقت نفسه فقد قتل ثلاثة مصلين وأصيب سبعة آخرون، بانفجار عبوة ناسفة عند حسينية المصطفى شمال شرقي العاصمة بغداد. وقال مصدر أمني إن عبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب الطريق انفجرت لدى خروج المصلين من حسينية المصطفى في حي أور شمال شرقي بغداد، مما أدى إلى مقتل ثلاثة من المصلين وجرح سبعة آخرين في حصيلة أولية. وفي محافظة ديالى أعلنت مديرية مكافحة المتفجرات هناك أنها تمكنت من تفكيك ثلاث عبوات وإبطال مفعول كمية من مادة الـc4 شديدة الانفجار وسط بعقوبة كانت موضوعة داخل لوحة إعلانية ضوئية في ساحة السارية التي تقام فيها صلاة الجمعة الموحدة. وفي هذا السياق اعتبر مفتى أهل السنة والجماعة في العراق الشيخ مهدي الصميدعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مثل هذه الأساليب تنذر بشر مستطير وأنه يتوجب على عقلاء القوم الانتباه والحذر الشديد لأن هناك من يريد أن يسفك دم المسلمين من دون وازع من ضمير». وأضاف الصميدعي أن «ما يجري اليوم من استهداف دور العبادة أمر مؤسف وخطير في الوقت نفسه لأن من شأن ذلك أن يخلخل ميزانية الاعتدال والمحبة ويؤدي إلى البغضاء والعداوة وأن ذلك يتطلب من السياسيين والأجهزة الأمنية أن تكون في غاية الحذر والخطورة مما يجري تسويقه من رعب وقتال واقتتال لن يستفيد منه سوى أعداء الإسلام». من جهته دان إمام جمعة مدينة الصدر الشيخ ناصر الساعدي ارتكاب أي «فعل إجرامي ورد الفعل تجاهه»، مؤكدا أن القاتل والمقتول «عراقيا الهوية». وقال ناصر الساعدي خلال صلاة الجمعة إننا «كما ندين الفعل الإجرامي فإننا ندين رد الفعل كذلك»، موضحا أن «الجريمة واحدة والضحية واحدة، والقاتل والمقتول عراقي مسلم، وتشريع قتله وقتاله عمل باطل اجتمعت عليه أئمة ضالة من السنة والشيعة بلا استثناء».

وأضاف الساعدي أن «الحق الذي تفرقنا عنه اليوم هو حق العيش بكرامة وتعايش الجميع مع الجميع وفقا لما سنه الله، وهذا لم نلمسه من قادة البلاد السياسيين أو رجال الدين»، مبينا أن «ثقافة الثأر والثأر المضاد شاعت ولن تتوقف ما لم تتوقف أسبابها».