لبنان أمام خياري العودة إلى قانون الستين الأكثري أو التمديد بعد فشل التوافق

وزير الداخلية: نحتاج شهرا ونصف الشهر للاستعداد لإجراء الانتخابات

TT

وصلت المشاورات بين ممثلي الكتل السياسية اللبنانية داخل لجنة التواصل النيابية أمس إلى حائط مسدود، بعد تعذر التوافق على كل مشاريع قوانين الانتخاب المطروحة على طاولة البحث. ويضع هذا الفشل الكتل السياسية واللبنانيين عمليا أمام خيارين: الأول اللجوء إلى تمديد تقني لولاية المجلس النيابي الحالي، على أن تجرى الانتخابات على أساس قانون الستين الأكثري النافذ والمعمول به في الانتخابات الأخيرة، بعد تعديل المهل القانونية الواردة فيه. وقال وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارته جاهزة لإجراء الانتخابات وفق قانون الستين»، لكنه استبعد إمكانية حصولها في موعدها المحدد أي في 16 يونيو (حزيران) المقبل، علما بأن القانون الأكثري يلقى رفضا مطلقا من الأحزاب المسيحية بشكل خاص.

ويتمثل الخيار الثاني بالاستعاضة عن إجراء الانتخابات النيابية باللجوء إلى تمديد قانوني طويل الأمد لولاية المجلس النيابي الحالي، على غرار التمديد القسري الذي شهده المجلس النيابي في الفترة الفاصلة بين اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 وصولا إلى عام 1992، تاريخ إجراء الانتخابات النيابية الأولى بعد اتفاق الطائف. ويحتاج خيار التمديد السياسي إلى توافق سياسي يبدو حتى اللحظة غير متوفر، رغم تأكيد بعض القوى السياسية موافقة بعض الأطراف ضمنيا على هذا الخيار بانتظار جلاء المشهد السوري.

وكان المجلس النيابي اللبناني قد شهد تمديدا تقنيا عام 2004، حيث تأجلت الانتخابات من شهر سبتمبر (أيلول) 2004، حتى شهر يونيو (حزيران) 2005 نظرا لـ«ظروف غير مواتية». ويقول الباحث القانوني الدكتور محمود رمضان لـ«الشرق الأوسط»، إن «التمديد التقني لا يعتبر مخالفة دستورية، وقد يحصل في مختلف دول العالم»، موضحا أن هذا النوع من التمديد «ناتج عن عملية إجرائية لا تمس بصلب العملية السياسية والدستورية للانتخابات».

وغالبا ما يحصل التمديد التقني عندما تكون هناك عوائق تقنية تتعلق بإجراءات الانتخابات وليس بالانتخابات نفسها، بحسب رمضان، على غرار عدم اكتمال لوائح المقترعين، أو وجود أخطاء فيها، أو نقص بالموظفين يحول من دون قيام وزارة الداخلية بإجراء الانتخابات في موعدها.

وبخلاف التمديد التقني، يعد التمديد القانوني «مخالفة دستورية ما لم تكن هناك ظروف قاهرة دفعت البرلمان للتمديد لنفسه»، وفق ما يوضحه رمضان، لافتا إلى أن «التمديد القانوني لمجلس النواب يحصل إذا كان يستحيل إجراء الانتخابات، بسبب عدم وجود قانون لها، أو إذا كان ناتجا عن افتراق بين نسيج المجتمع اللبناني». ويشير إلى أن القانون اللبناني يعتبر الانتخابات غير ميثاقية إذا قاطعتها أي طائفة في لبنان، وعليه «لا يجري التصويت لاختيار النواب».

وفي موازاة تأكيد رمضان أن القانون اللبناني «يفرض إجراء الانتخابات في موعدها، أو بتمديد تقني، في ظل القانون النافذ إذا لم يتوصل المجلس القائم لإقرار قانون للانتخاب»، أعلن وزير الداخلية اللبناني أمس أن قانون «الستين» الانتخابي لا يزال نافذا ووزارة الداخلية جاهزة لتطبيقه. وقال شربل لـ«الشرق الأوسط»، إنه يحتاج لفترة تحضير تصل لشهر ونصف الشهر منذ لحظة إعلان النواب إفلاسهم في التوصل إلى توافق حول قانون وموافقتهم على إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، أي الستين. وأشار إلى أن «التمديد التقني للمجلس النيابي بات واقعا إذ من الصعوبة بمكان إجراء الانتخابات في موعدها، خصوصا أن الوقت بات ضيقا ونحن محشورون جدا، علما بأننا على استعداد للعمل ليل نهار من أجل اختصار الوقت وإجراء الانتخابات».

ويتوجب على الذين يرغبون الترشح إلى الانتخابات النيابية، وفق شربل، أن يقدموا ترشيحاتهم خلال الأسبوع المقبل أي بين يوم غد حتى السبت المقبل، مذكرا أن التعديل الأخير نص على إلغاء المادة 50 التي تنص على فوز من تقدم بترشيحه بالتزكية.

وكانت لجنة التواصل النيابية، التي التأمت قبل ظهر أمس برئاسة بري رفعت اجتماعها إلى يوم غد، في موازاة تأكيد ممثلي كتل المستقبل والكتائب والقوات والتيار الوطني الحر توجههم لتقديم ترشيحاتهم وفق قانون الستين الأكثري بداية الأسبوع المقبل، مع تعذر الاتفاق على قانون آخر. وعكست المواقف النيابية الصادرة عن ممثلي الأحزاب السياسية بعد انتهاء اجتماع لجنة التواصل صعوبة كبرى في التوصل إلى أي اتفاق محتمل، بالتزامن مع إعلان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل أنه «لا يوجد إرادة جامعة عند كل الفرقاء على التمديد، ولدينا أسبوعان إذا توافقنا على ذلك».

وقال ممثل كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت بعد رفع اجتماعات لجنة التواصل إنه «جرى إسقاط أي محاولة للتوافق على قانون انتخاب على أساس القانون المختلط (يزاوج بين النسبية والأكثرية)». وأكد رفض العودة إلى قانون الستين، لكنه أشار إلى أنه إذا كان هناك اتفاق في جلسة الاثنين، يذهب القانون إلى الهيئة العامة وطالما أن الجلسات قائمة لن نتقدم بترشيحاتنا (وفق الستين) وهناك مهلة حتى نهار السبت».

وأبدى ممثل حزب القوات النائب جورج عدوان أسفه «لأننا كلبنانيين لسنا قادرين على إنتاج قانون لبناني صنع في لبنان»، متسائلا: «هل سنجد صيغة في احترام بعضنا أم أننا سنبقى في حفلة شد الحبال التي يدفع ثمنها البلد والمواطن؟». ولفت إلى وجود «انقسام كبير في البلاد وفي كل نقطة تطرح يحاول كل فريق أن يسجل نقطة في السياسة ونقطة في الانتخابات».

وأكد ممثل «التيار الوطني الحر» النائب الآن عون «أننا وصلنا إلى حائط مسدود وبالتالي كل واحد سيذهب ليتحمل مسؤوليته، ويرى أي كأس سيشرب إما الانتخابات على أساس الستين أو التمديد».

وأعلن ممثل «حزب الله» في لجنة التواصل النائب علي فياض «إقفال فرص التوافق»، وقال: «دخلنا إلى النقاشات بروحية السعي إلى التفاهم، وكنا نأمل أن نزف للبنانيين صيغة متوافق عليها لكن هذا لم يحصل»، موضحا أن «الجميع يشعر بالمسؤولية ونريد الوصول إلى قانون توافقي متفاهم عليه من الجميع وسنعاود اجتماعاتنا الاثنين».

ونفى ممثل حزب الكتائب النائب سامي الجميل أن تكون «المشكلة في الناحية التقنية، بل أن كل واحد يقرأ المعايير بطريقة مختلفة». وأعرب عن اعتقاده أن «ما يعطل القوانين هو أن المشاريع التي طرحت لا تضمن الربح لأحد، وأعتقد أن لا أحد يريد أن يربط مصيره بانتخابات لا يعرف مصيرها خصوصا في ظل ما يجري في سوريا».

في موازاة ذلك، أبدى عدد من النواب والشخصيات المستقلين، والمنضوين إلى قوى «14 (آذار)»، بعد اجتماعهم في مكتب النائب بطرس حرب، رفضهم «ربط دعوة المجلس النيابي لعقد جلسة لإقرار قانون انتخابات جديد بإجماع أعضاء لجنة التواصل النيابية على صيغة القانون الجديد». وشددوا على وجوب «دعوة الهيئة العامة لمجلس النواب وفقا للأصول في أسرع وقت، وقبل نفاذ مهل الترشيح تفاديا لتكريس أحكام قانون الستين».

ولفتوا إلى أنه «في حال لم يطرأ أي تطور إيجابي على صعيد إقرار قانون جديد للانتخابات، سيعمدون بالتشاور مع قوى 14 (آذار)» إلى التقدم بترشيحاتهم ضمن المهل المتبقية وذلك تفاديا للأمر الواقع التي قد تنتج عن إحجامهم عن الترشح».