«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان» السينمائي (4): خطوات لافتة للسينما الخليجية

بفضل استقرارها اقتصادياً وسياسياً

«جي آي جو: انتقام» حقق أكثر من ضعف جزئه الأول في الإمارات
TT

بانتظار المؤتمر الصحافي الذي ستعقده مؤسسة «الدوحة للسينما» اليوم وما سيعلن فيه، تبدو منطقة الشرق الأوسط محط اهتمام الجانب الصناعي من السينما، المتجدد في كل دورة. ما يحدث هو الانتقال، خطوة خطوة، إلى مقدمـة اللاعبين العالميين في مجال الصناعة السينمائية والجانب «البزنس» منها.

والمشمـرون عن سواعدهم جادون في طلب الحضور على الخريطة العالمية. وهو تعبير استخدم أولا حين تم إرساء المهرجانات العربية الجديدة في الإمارات وقطر، ثم استخدم حينما باشرت مؤسسات إنتاج (من بينها «إيماج ناشن») تمويل أفلام أميركية رغم أن التجربة لحين قريب خسرت أكثر مما كسبت أو أفرزت نتائج فعلية.

الآن، هناك حركة جديدة في هذا الميدان تنبع أيضا من المنطقة التي يـشار إليها بـ«منطقة الشرق الأوسط»، وهو اسم يحتوي أساسا على دول الخليج العربي ومؤسساته السينمائية، بينما تكنى الأسواق العربية الأخرى بأسماء مختلفة، فمصر هي «السوق المصرية»، ودول شمال غربي أفريقيا (الجزائر وتونس والمغرب على الأخص) فهي «شمال أفريقيا».

والوضع على ما هو عليه في مصر من لا استقرار، وفي دور «شمال أفريقيا» من حالات متناقضة (انحسار سينمائي في تونس والجزائر، وثبات إنتاجي في المغرب)، فإن منطقة الشرق الأوسط، وفي جزئها الأكثر تنعـما بالاستقرار وثقة رأس المال (الخليج العربي)، هي التي تشهد التقدم الوحيد في كل ما تعج به الدول العربية من حالات.

العداد متصاعد إلى جانب أن منطقة الخليج أصبحت عنوانا شبه وحيد للسينما العربية (كما أوردنا ذلك قبل أسابيع)، هي الآن العنوان الوحيد للسينما العالمية على ذلك الجزء الآسيوي من الخريطة.

في هذه المنطقة، تطالعنا حقيقة أن نحو 50% من عدد السكان هم دون الخامسة والعشرين من العمر، وذلك حسب إحصاءات استندت إليها مؤسسات أميركية، من بينها مؤسسة «باسنار» المعتمدة في هذا المضمار، مما يكشف عن السبب في أن الإقبال على مشاهدة الأفلام في صالات السينما ينعم بدرجات متصاعدة من الإقبال، وهذا بدوره ما تبحث عنه السينما الأميركية في سعيها (المشروع من ناحيتها على الأقل) السيطرة على الأسواق العالمية بأسرها.

وتكشف الدراسة عن أن دولة الإمارات ما زالت تحقق النسبة الأعلى من الحضور بحسبان السنوات الأخيرة، إذ زادت نسبة الإقبال على الصالات بـ75% عما كانت عليه قبل عام 2008. هذا باستثناء زيادة غير مسبوقة طرأت على السوق العمانية، فإذا بها تحقق في الفترة نفسها ارتفاعا في الإيرادات بلغ 112% (أي أكثر من الضعف) عما كان عليه الحال قبل سنة 2008.

والعداد في تصاعد حين نراقب مصائر أفلام معينة. ففي عام 2009 عندما قامت شركة «باراماونت» بطرح «ج. آي جو» (الجزء الأول)، أنجز في دولة الإمارات مليونا و400 ألف دولار (في العام الحالي، حقق الجزء الثاني من هذا الفيلم ثلاثة ملايين و300 ألف دولار).

لكن، ما قيمة هذا التصاعد بالمقارنة مع دول عالمية أخرى؟ النسبتان العـمانية والإماراتية هما أعلى من تلك المسجـلة مثلا في دولة «جنوب أفريقيا» (58%)، وأعلى من ذلك المسجـل في تايلاند (41%). بينما ما زال على حاله المتـسع في غالبية الدول الأوروبية الأخرى (حيث نصيب الأفلام الأميركية يتراوح بين 40 و70% في معظم أسواقها).

الارتفاع الأكبر حجما هو مفاجأة كبيرة بحد ذاتها: فيتنام التي أنجزت قفزة قدرها 514% ما بعد سنة 2008، وحاليا هناك هجمة إنشاء صالات سينما تلبـي عطش 92 مليون نسمة. ماليزيا شهدت نسبة 132%، وأعلى منها جارتها إندونيسيا التي شهدت مبيعاتها من التذاكر ارتفاعا قدره 171% عن الفترة ذاتها.

من المغرب إلى عـمان وسط كل ذلك، تأتي الاتفاقات الحديثة المبرمة بين فرقاء متعددين لتحتل مكانها في الوقت المناسب. في اليوم الأول من المهرجان، تم الإعلان عن قيام الإعلامي المصري نجيب ساويرس والمنتج والسينمائي التونسي طارق بن عمـار بتطوير تعاونهما، الذي كان انطلق قبل أشهر عندما اشترى بن عمـار حصصا في مؤسسة ساويرس التلفزيونية. التطور الجديد يبدو نوعا من التوسع والتبادل في الوقت ذاته، فحصـة الثلث (تقريبا) من إحدى شركات طارق بن عمـار (كوينتاس) ذهبت إلى ساويرس، كذلك نصيب من شركة «إيغل بيكتشرز» وهي ذراع بن عمـار التوزيعية في إيطاليا.

في الإطار ذاته، قامت شركة «VOX»، التي يملكها الإماراتي ماجد الفطيم، والتي تملك صالات سينمائية في كل من دبي وأبوظبي ومدن إماراتية أخرى إلى جانب استحواذها على صالات في مدينة بيروت، والتي تقوم، علاوة على ذلك، بتوزيع عدد كبير من الأفلام الأميركية في المنطقة بالاتفاق مع مؤسسة جورج سمعان التي تهتم بالسوق المغاربية وأسواق آسيوية - على تأسيس شركة واحدة من شأنها أن تقوي عضد كل واحدة منهما على حدة.

هذا يأتي في الوقت الذي بلغت فيه حصـة مؤسسة الفطيم «فوكس» من إيرادات السوق اللبنانية 37%، مشكلة منافسة مع الشركات اللبنانية ذاتها (مثل «صالات أمبير»).

أكثر من ذلك، الشراكة ستتيح للمؤسستين نشر إمبراطورية من صالات السينما تمتد من المغرب إلى عـمان، مرورا بمصر، حيث أعلنتا أن خططتهما افتتاح 300 صالة جديدة بحلول عام 2017.