الرئيس المالي بالوكالة مستعد للتفاوض مع «الطوارق» بشروط

عودة المواجهات المسلحة بين العرب والطوارق في شمال مالي

TT

أعلن الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري استعداده للتفاوض مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد، ذات الأغلبية الطوارقية، مشترطا لذلك بأن تعترف الأخيرة بوحدة أراضي دولة مالي، بينما اندلعت من جديد الاشتباكات ما بين الحركات المسلحة العربية والطوارقية في شمال مالي.

وقد تجددت الاشتباكات بعد هجوم شنه مقاتلون من الحركة العربية الأزوادية، مساء الجمعة، على مدينة انفيف الواقعة على بعد 100 كيلومتر جنوب غربي مدينة كيدال، في أقصى شمال شرقي مالي، وهي المدينة التي تقع على الطريق الرابط ما بين مدينتي غاو وكيدال.

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، أكد محمد مولود رمضان مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة العربية الأزوادية، أن مقاتلي الحركة تمكنوا من السيطرة التامة على المدينة، بعد مواجهات وصفها بـ«السريعة» مع مقاتلي الحركة الوطنية لتحرير أزواد.

واعتبر رمضان أن هجومهم على مدينة انفيف يأتي للرد ما قال إنه «الاعتداءات المتكررة»، التي تمارسها «عصابات الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، في حق التجار والرعاة العرب القاطنين في المدينة، وما جاورها من مناطق، متهما الحركة الوطنية لتحرير أزواد، ذات الأغلبية الطوارقية، بتصفية عدة أشخاص وسط المدينة وأمام الجميع.

وعلى صعيد آخر، أكدت مصادر محلية بمدينة انفيف، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، صباح أمس، أن «المهاجمين انسحبوا بعد اشتباكات مع مقاتلي الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وقد سقط منهم خمسة قتلى، بينما قُتل اثنان من الحركة الوطنية وجرح 4 آخرون».

ويرى مراقبون أن مدينة أنفيف، الواقعة في عمق إقليم أزواد، عند التقاء حدود مناطق الإقليم الثلاث، غاو وتمبكتو وكيدال، وتسكنها قبائل كنته العربية ذات المكانة الروحية، تعتبر عرضة لهجمات قبائل المهار، المعروفة محليا بقبائل «عرب نلمسي»، ذات العداء التاريخي مع قبائل كنته.

وكان العداء بين القبيلتين قد ازداد مع بداية التمرد في شمال مالي، حيث ساندت بعض زعامات قبائل كنته الحركة الوطنية لتحرير أزواد، بينما انضمت قبائل المهار العربية إلى حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا والحركة العربية الأزوادية.

ويربط بعض المراقبين تجدد المواجهات بين الطوارق والعرب، بتصريحات الرئيس المالكي بالوكالة ديونكوندا تراوري، نهاية الأسبوع الماضي، التي أقصى فيها عرب أزواد من أي حوار محتمل لحل الأزمة في الإقليم، حيث أكد استعداده للتحاور مع المتمردين الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، المسيطرين على مدينة كيدال.

وقد أضاف الرئيس المالي في حديثه مع قناة «يورونيوز»: «نحن مضطرون إلى التحاور مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد لأنهم مواطنون ماليون، وبمجرد الحديث عن سلامة أراضي مالي والوحدة الوطنية، فنحن مضطرون للتحاور مع جميع الماليين».

وجدد تراوري رفضه لفكرة منح حكم ذاتي لإقليم أزواد، في الشمال المالي، وقال: «لن نصل إلى هذا الحد، نعتقد أن عملية اللامركزية لدينا تضم كل العناصر لتسوية قضية الشمال؛ إذا تم تطبيق اللامركزية في شكل صحيح فإن الجميع سيكونون راضين».

وتسعى الحكومة المركزية في باماكو إلى إنهاء الأزمة في الإقليم قبل شهر يوليو (تموز) 2013، حيث من المنتظر أن تنظم أول انتخابات رئاسية بعد الانقلاب الذي نفذه العقيد في الجيش أمادو هايا سانوغو، 22 مارس (آذار) 2012، الذي لعب دورا مهما في سقوط الشمال في أيدي الجماعات الإسلامية المسلحة والمتمردين الطوارق.

وفي سياق حديثه عن الانتخابات، قال الرئيس المالي إن بلاده «تواجه كمّا من المشكلات البالغة العمق، التي لا يمكن حلها عبر مرحلة انتقالية. وحدها حكومة تنبثق من انتخابات وتتمتع بشرعية أكبر ووقت أطول قادرة على الاهتمام بتنمية البلاد».

وعلى صعيد آخر، أعلن وزير خارجية بنين أن بلاده مستعدة لمنح «اللجوء السياسي» لزعيم انقلاب 22 مارس (آذار) 2012، النقيب في الجيش المالي أمادو هايا سانوغو، معتبرا أن ذلك يدخل ضمن مساعي بلاده «لترسيخ السلام ومساندة العملية الديمقراطية في مالي».

وأشار وزير خارجية بنين إلى أن «كندا والولايات المتحدة الأميركية غير مطمئنتين لوجود النقيب سانوغو في مالي، بسبب تدخلاته الكثيرة في العملية الانتخابية»، مبديا استعداد بلاده لاستضافته في إطار مشاركتها في الجهود التي تبذلها فرنسا والمجموعة الدولية لإنجاح العملية الانتخابية في مالي.

وقد عرف عن سانوغو، منذ إطاحته بنظام الرئيس أمادو توماني توري، نفوذه الواسع في مالي، حيث اتهم سابقا بتدبير عملية الاعتداء على الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري في القصر الرئاسي من طرف محتجين، كما أنه تدخل بشكل مباشر في الإطاحة بحكومة الوزير الأول السابق الشيخ موديبو ديارا.