وسائل إعلام حزب بارزاني تتجاهل بث صور طالباني من مشفاه

نائب كردي: الهدف منها إغلاق ملف البحث عن بديله للرئاسة

TT

عمت مظاهر الفرح والنشوة كل أرجاء كردستان الخاضعة لنفوذ حزب الرئيس العراقي جلال طالباني مع بث الصور الأولى له بالمستشفى الألماني وظهر فيها طالباني وهو يتحاور مع فريقه الطبي، فيما اقتصر الاحتفاء بهذه المناسبة في مناطق نفوذ حزب بارزاني على عدد قليل من أنصار الاتحاد الوطني الكردستاني في أحد شوارع مدينة أربيل، في وقت تجاهلت فيه وسائل الإعلام التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني رئيس الإقليم الذي يرتبط باتفاقية استراتيجية طويلة الأمد مع حزب طالباني أية إشارة إلى الحدث الأهم على الصعيد الكردستاني، رغم أن بارزاني، وهو رئيس الإقليم ورفيق نضال طالباني قد غرد على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) مرحبا بتحسن صحة طالباني، متمنيا له الشفاء العاجل والعودة الميمونة إلى كردستان».

فقد سهرت مدينة السليمانية ليل أول من أمس الجمعة إلى ساعات الفجر وسط أفراح شعبية وأهازيج وإطلاق أبواق السيارات بأنحاء المدينة، وإطلاق الأعيرة النارية بالهواء والذي أدخل ستة أشخاص إلى المستشفيات جراء إصابتهم بجروح، فيما شهدت مدن أخرى إصابات مماثلة جراء الاحتفال بالمناسبة وإطلاق الأعيرة النارية بالهواء، حيث أصيب 7 أشخاص في كركوك و3 في رانية وواحد في سيد صادق وواحد في قلعة دزة، فقد كان الجميع في مختلف مدن كردستان على موعد في الساعة السادسة من مساء الجمعة مع هذا الحدث الذي طال انتظاره لأكثر من خمسة أشهر حين ظهر الدكتور نجم الدين كريم الطبيب الخاص لطالباني ومعه فريق ألماني مؤلف من أربعة أطباء ليعلنوا تحسنا كبيرا بصحة الرئيس العراقي ويبثوا أولى الصور الدالة على تحسن صحته والتي أخذت من داخل حديقة المستشفى عصر الجمعة.

وأعلن الدكتور كريم هناك أن: «معجزة حصلت بهذا المجال، حيث فقدنا الأمل ببقاء الرئيس بعد الجلطة الدماغية التي أصيب بها، لأنها ضربته بمنطقة حساسة، ولكن دعاء المخلصين وإرادة الله خلقت معجزة أنقذت طالباني الذي بدأ يتماثل للشفاء» فيما أعلن البروفسور الألماني المشرف على علاجه أن «طالباني يستعيد صحته وبإمكانه الرجوع إلى العراق وكردستان في غضون فترة قريبة وسيتمكن من مزاولة حياته الطبيعية عن قريب».

هذه التطمينات دفعت بالنائب الكردي عن حركة التغيير المعارضة بكردستان لطيف شيخ مصطفى ليؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن بث تلك الصور والتطمينات التي أكد عليها الفريق الطبي يكفيان لسد الملف الذي فتح أخيرا فيما يتعلق بترشيح بديل عن طالباني برئاسة الجمهورية. وقال: إن «الهدف الأساسي من بث تلك الصور وفي هذا الوقت بالذات، هو إغلاق هذا الملف في الوقت الحاضر من خلال التأكيد على أن الرئيس حي يرزق وأنه مريض يتلقى العلاج، وهذا بحد ذاته سيغلق هذا الملف بشكل مؤقت حاليا».

ولكن قياديا كرديا طلب عدم ذكر اسمه قال لـ«الشرق الأوسط» رغم أن الصور المطمئنة كانت كافية لغلق هذا الملف، وعلى الأقل في الوقت الحاضر، ولكن من المشكوك فيه أن يتمكن طالباني من العودة إلى رئاسة الجمهورية، وقال المصدر إن «فترة خمسة أشهر والمعالجة في أرقى المستشفيات بالعالم، تؤكد بما لا يقبل الشك بأن الأزمة كانت خطيرة للغاية، وأنه رغم التطمينات فإن الرئيس سيحتاج بكل تأكيد إلى الراحة التامة حتى لو عاد إلى العراق، يجب عليه الابتعاد عن كل جهد أو عمل يسببان له ضغطا، عليه من المتعذر جدا أن يستطيع الرئيس العودة إلى ممارسة مهامه برئاسة للعراق، الشيء الوحيد الذي يمكن عمله في هذا المجال، هو أنه إذا عاد سالما إن شاء الله وهذا ما نتمناه له، فإن بإمكانه أن يعالج بعض المشكلات الخطيرة التي حدثت في غيابه، على سبيل المثال إذا ساعدت صحته فبإمكانه أن يحسم مرشح اتحاد الوطني ليكون بديله ببغداد، وكذلك حسم موقف حزبه من مسألة إعادة انتخاب بارزاني لولاية ثالثة، وتحديد مصير تقارب حزبه مع حركة التغيير، وهذه المسائل الثلاث الأساسية التي تختلف مواقف القيادة الحالية للاتحاد الوطني حولها بغياب الرئيس طالباني، والتي تهدد بالفعل بنيان هذا الحزب في الوقت الراهن».

اللافت أن وسائل الإعلام التابعة لحزب بارزاني تجاهلت تماما هذا الحدث الأهم على مستوى كردستان والعراق طيلة يوم الجمعة والذي بثت فيه الصور الجديدة للرئيس طالباني بعد خمسة أشهر من تضارب التقارير التي أكدت بعضها وفاته حسب الصحف التركية، فوكالة «بيامنير» الرسمية التابعة لحزب بارزاني لم تشر من قريب أو بعيد إلى هذا الحدث بنشرتها اليومية، وكان العنوان الرئيسي لنشرتها الخبرية يوم الجمعة وحتى أمس هو «فوز المخرج الكردي مانو خليل بجائزة في المهرجان السينمائي بسويسرا»، فيما انتشر خبر آخر بإصابة أحد المغنيين المحليين ويدعى محمد مصطفى بمدينة دهوك بجلطة قلبية. ونشرت الوكالة جانبا من سيرته الذاتية وأشارت إلى أنه من مواليد 1969 وموظف بمديرية الفنون الموسيقية بدهوك.

ولكن موقع «روداو» الذي يعتقد أنه مملوك لرئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني اهتمت بالحدث وبثت مقاطع فيديو لاحتفالات مدينة السليمانية بهذه المناسبة ونشرت عدة تقارير حول ذلك.