حزب الله يتكبد أكبر خسائره البشرية في يوم واحد بالقصير

وسائل إعلامية رسمية تتحدث عن آلية إسرائيلية في البلدة .. والمعارضة تنفي سيطرة النظام

مواطنون سوريون يتفقدون يوم السبت الماضي الدمار الذي حل بعدد من المباني في مدينة القصير جراء القتال الدائر هناك (أ.ب)
TT

تفاوتت، أمس، التقديرات حول عدد الخسائر البشرية التي مني بها حزب الله اللبناني، في معارك السيطرة على مدينة القصير المستعرة منذ أيام، فبينما نشرت مواقع إلكترونية مقربة منه أسماء 16 عنصرا قتلوا في هذه المعارك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه وثق 23 قتيلا، و70 جريحا.

لكن مصادر في المعارضة، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن مجموعة من قوات الحزب «وقعت في كمين نصبه مقاتلو المعارضة، غرب مدينة القصير، مساء أول من أمس، أدى إلى مقتل 6 عناصر منهم على الفور»، وقُتل 10 آخرون في كمين آخر في الموقع نفسه، حين وصلت قوة معززة بقوات النخبة في الحزب لإجلاء القتلى والجرحى. وأشارت المصادر عينها إلى أن مقاتلين آخرين للحزب قتلوا، أمس، خلال معارك على تخوم المدينة، حيث «فشلت القوات السورية مدعومة بمقاتلين من حزب الله في السيطرة عليها». ونشرت صفحات إلكترونية مؤيدة لحزب الله، أمس، أسماء المقاتلين الـ16 الذين قتلوا من دون أن تحدد صفاتهم العسكرية، مكتفية بالإشارة إلى البلدات التي ينتمون إليها. لكن مصادر المعارضة في القصير، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «أبرز قتلى الحزب هو محمد خليل شحرور المعروف باسمه الحركي (الحاج ساجد)»، وهو مسؤول أمن حزب الله في بعلبك. كما برز من بين أسماء القتلى، فادي الجزار، وهو فلسطيني مقيم في مخيم برج البراجنة في لبنان، اعتقلته إسرائيل في عام 1991، أثناء تخطيه الحدود اللبنانية باتجاه إسرائيل، وأفرج عنه ضمن صفقة التبادل بين إسرائيل والحزب في عام 2004، قبل أن يواصل عمله العسكري في صفوف الحزب.

من جانبها، أعلنت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر عن تحقيق نجاح كبير، في أول سلسلة من عمليات «جدران الموت» في مدينة القصير، واصفة مقاتلي القصير بـ«الأبطال الشجعان». وإذ نفت القيادة المشتركة، في بيان، سيطرة حزب الله والقوات النظامية على المدينة، أكدت أن مستشفيات البقاع في لبنان «امتلأت بالعشرات من المصابين والجرحى»، لافتة إلى أن «عددا كبيرا من جرحى حزب الله نقلوا إلى مستشفى الرسول الأعظم في ضاحية بيروت الجنوبية».

وتواصلت المعارك، أمس، في مدينة القصير، وعلى تخومها، لليوم الثاني على التوالي، بوتيرة عنيفة، إذ أعلنت مصادر المعارضة في المدينة لـ«الشرق الأوسط» أن «المنطقة تشهد حتى هذه اللحظة (عصر أمس) اشتباكات عنيفة، تستخدم فيها الأسلحة الرشاشة والصواريخ المضادة للدروع، وسط قصف عنيف تتعرض له المدينة من جانب الجيش النظامي بمعدل 20 قذيفة بالدقيقة، فضلا عن الغارات الجوية».

وقالت المصادر إن المدينة «باتت أشبه بمدينة أشباح، إذ لم يبقَ فيها حجر على حجر، بينما يواصل الجيش الحر القتال». ولفتت إلى أن «قوات المعارضة أجبرت القوات النظامية على الخروج من أحياء دخلتها في المدينة، انتقلت بموجبها المعركة إلى مداخل القصير». وكانت القوات النظامية قد فقدت السيطرة على المدينة خلال معارك طاحنة وقعت قبل عام، وهي تحاول الآن استعادتها بدعم من مقاتلي اللجان الشعبية السورية وحزب الله. وقال الناشط السوري طاريق موري لوكالة «رويترز» إن قوات الحكومة السورية يدعمها حزب الله «توغلت داخل القصير لكنها عادت الآن من حيث بدأت في الأساس عند مجمعات أمنية شرق المدينة»، لافتا إلى أن «قاذفات الصواريخ المتعددة التابعة لحزب الله قصفت القصير من الأراضي السورية إلى الغرب من نهر العاصي، إلى جانب مدفعية الجيش السوري».

وفي السياق نفسه، نقل عضو المجلس والائتلاف الوطني السوري المعارض محمد سرميني عن اللواء سليم أدريس، رئيس هيئة الأركان العامة للجيش السوري الحر، إعلانه أن «الذخيرة موجودة ومتوفرة في القصير، وقد وصلت إلى أبطالها، وستصل إليهم إمدادات إضافية من الأركان»، مشددا على أن «معنويات المقاتلين عالية ولا ينقصهم إلا الدعاء».

وفي السياق ذاته، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بأن «الطيران الحربي يمطر المدينة بوابل من الصواريخ والقذائف بالتزامن مع قصف شديد جدا بالمدفعية الثقيلة والهاون»، مشيرة إلى أن «المنازل تتهدم وتحترق».

على صعيد آخر، أكدت وسائل إعلام سورية رسمية، سيطرة القوات النظامية على جزء واسع من القصير. وقالت وكالة «سانا» إن «وحدات من الجيش السوري قضت على عدد من متزعمي المجموعات الإرهابية المسلحة خلال عملياتها المتواصلة في مدينة القصير، ودمرت أسلحة وذخيرة كانت بحوزتهم». ونقلت عن مصدر مسؤول تأكيده أن «وحدات من الجيش تواصل ملاحقة الإرهابيين في بعض الأوكار بالمنطقتين الشمالية والجنوبية في المدينة». وفي سياق متصل، أعلن مصدر عسكري سوري أن قوات الجيش ضبطت آلية إسرائيلية مدرعة في مدينة القصير بريف حمص بعد دخولها المدينة لتطهيرها من المسلحين. وقال المصدر، وفق ما نقلته عنه قناة «الميادين» التي بثت صورا للآلية، إن القوات النظامية «كانت تفقد الاتصال عندما تدخل إلى منطقة من مناطق مدينة القصير»، مرجعا ذلك لاحتواء هذه الآلية على «أجهزة تشويش أو تنصت على الاتصالات بين وحدات وفرق الجيش». لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، نفى أن تكون الآلية ضمن الخدمة الفعلية، مؤكدا أنها «خرجت من الخدمة من أكثر من 10 سنوات».