«هولسيم المغرب» تغلق مصنعا في وجدة بسبب تراجع الطلب على الإسمنت

مبيعاتها انخفض بنسبة 16% بسبب تراجع قطاع البناء والأشغال

TT

قررت شركة «هولسيم المغرب» وقف العمل بمصنعها لإنتاج مادة الكلينكر التي يصنع منها الإسمنت في مدينة وجدة (شرق)، وتكييف قدراتها الإنتاجية في مصانع فاس وسطات جراء حالة الانكماش التي تعرفها سوق الإسمنت في المغرب.

ويقع المصنع في مدينة وجدة على الحدود المغلقة مع الجزائر التي تعاني من نقص في إنتاج الإسمنت، ويتوقع أن تستورد منه ثلاثة ملايين طن خلال العام الحالي.

وعرفت مبيعات الإسمنت في المغرب انخفاضا بنسة 16.5 في المائة خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، حسب الإحصائيات التي نشرتها وزارة الإسكان. ويأتي هذا الانخفاض بعد هبوط مبيعات الإسمنت بنسبة 1.6 في المائة خلال العام الماضي، وهي المرة الأولى التي تعرف فيها مبيعات الإسمنت في المغرب انخفاضا منذ سنة 1999. وحسب المحللين الماليين في بورصة الدار البيضاء فإن الأحوال الجوية الممطرة التي سادت خلال الفصل الأول من السنة الحالية، والتي تسببت في تأخر إطلاق الكثير من مشاريع الأشغال والبناء في انتظار ظروف مناخية أفضل، لا تفسر لوحدها هذا التراجع.

وأشاروا إلى أن انكماش قطاع الأشغال والبناء كان له دور في تراجع مبيعات الإسمنت خلال العام الماضي وخلال الأشهر الأربعة من العام الحالي. ويتوقع المحللون استمرار انكماش سوق الإسمنت، خصوصا مع إعلان الحكومة إلغاء 15 مليار درهم (1.8 مليار دولار) من الاستثمارات التي كانت مبرمجة في موازنة العام الحالي بسبب الضائقة المالية. وقال محلل مالي لـ«الشرق الأوسط» إن القدرة الإنتاجية الإجمالية لشركات الإسمنت الخمس بالمغرب تقدر بنحو 22 مليون طن في السنة، في حين أن الاستهلاك لم يتجاوز خلال العام الماضي 16 مليون طن، أي أن هناك فائضا في القدرة الإنتاجية يصل إلى نحو 6 ملايين طن. وأوضح المحلل أن التضخم في الطاقة الإنتاجية ناتج عن الاستثمارات الضخمة التي عرفها القطاع خلال العقد الماضي في سياق الطفرة العقارية وفورة مشاريع السياحة والبنيات الأساسية الضخمة التي عرفها المغرب خلال هذه الفترة، والتي جعلت استهلاك الإسمنت ينمو. غير أن اكتمال الكثير من المشاريع الاستثمارية الجديدة في صناعة الإسمنت تزامن مع انقلاب الظرفية الاقتصادية بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، مشيرا إلى أن شركة «هولسيم» أكملت مشروع مضاعفة القدرة الإنتاجية لمصنعها في فاس في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.

وكانت الحكومة المغربية قد أنشأت شركة «هولسيم» تحت اسم «إسمنت المغرب الشرقي» خلال عقد السبعينات من القرن الماضي بمدينة وجدة على الحدود مع الجزائر، وذلك في سياق سياسة التكامل الاقتصادي بين البلدان المغاربية، غير أن إغلاق الحدود بين البلدين في بداية عقد التسعينات جعل الشركة توجه إنتاجها إلى داخل المغرب، خصوصا إلى الدار البيضاء. وفي منتصف عقد التسعينات تم تخصيص الشركة، التي أصبحت تابعة لشركة «هولسيم» السويسرية. وتوسعت الشركة عبر الاستثمار في مصانع جديدة في فاس وسطات (جنوب الدار البيضاء).

ويرى المحلل المالي أن فتح الحدود بين المغرب والجزائر وتطبيع المبادلات التجارية بين البلدين سيكون جد مفيد بالنسبة لصناعة الإسمنت المغربية، وكذلك بالنسبة للمقاولات الجزائرية. وأشار المحلل إلى أن الجزائر التي تنتج 18 مليون طن من الإسمنت في السنة تعاني من نقص يقدر بنحو ثلاثة ملايين طن، والتي ستستوردها من الخارج. وأشار إلى أن الجزائر استوردت 800 ألف طن من الإسمنت بقيمة 68 مليون دولار. وخلال العام الماضي استوردت الجزائر 2.7 مليون طن من الإسمنت بقيمة 244 مليون دولار.