مورينهو وصل الريال «متفردا» وخرج بعد 3 سنوات يجر أذيال الخيبة

نائب رئيس برشلونة يصف المدرب البرتغالي بـ«الوباء».. والصحف الإسبانية تشيد بقرار رحيله

TT

دخل المدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينهو نادي ريال مدريد الإسباني في مايو (أيار) 2010 وهو «الاسبيشيال وان - المتفرد» وسيخرج بنهاية الموسم الحالي وهو يجر أذيال الفشل لأول مرة في مسيرته بعد أن أخفق في مهمته.

وحملت كثرة «الضغوط» مورينهو على الرحيل عن منصبه كمدير فني لريال مدريد، قبل ثلاثة أعوام من انتهاء تعاقده.

ولم يمثل هذا الإعلان مفاجأة، لأن الانطباع العام في إسبانيا كان أن مورينهو سيرحل عن ريال مدريد بعد أن ذاق في الفترة الأخيرة مرارة الخروج من الدور قبل النهائي لدوري الأبطال، وخسارة لقب الدوري والخسارة في نهائي كأس الملك، فضلا عن نقطة اللاعودة التي وصلت إليها علاقته بعدد من اللاعبين البارزين في الفريق مثل الحارس إيكر كاسياس والمدافع بيبي وكريستيانو رونالدو نفسه، الذي كان حليفا له حتى وقت قريب.

وقال رئيس النادي الملكي فلورنتينو بيريز: «لقد قررنا فك الارتباط بشكل ودي، إنه يتعرض لمستوى من الضغط ليس من السهل تحمله، وأشكر له العمل الذي قام به، فهو مدرب حققنا معه نقلة تنافسية».

وأشار بيريز الذي أعلن أيضا عن إجراء انتخابات رئاسة النادي الملكي قبل موعدها المحدد من أجل تحقيق الاستقرار في الفريق إلى أن الريال لم يتفق بعد على خليفة مورينهو.

ونفى بيريز التقارير التي تحدثت عن انتقال المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي المدير الفني لباريس سان جيرمان الفرنسي وقال: «أريد التوضيح أننا لم نصل إلى اتفاق أو نوقع أي عقد مبدئي مع أي مدرب، إنها مهمة تنتظرنا في الأيام المقبلة. أريد أن أظهر أقصى احترامي لباريس سان جرمان ورئيسه وكل من في النادي».

وكان أنشيلوتي أعرب عن رغبته بالرحيل عن سان جيرمان قائلا إن ريال مدريد «أحد الخيارات» المطروحة أمامه، لكنه أشار إلى أنه ينتظر قرار فريقه الحالي بشأن مستقبله معه لأنه ما زال مرتبطا بعقد به تم تمديده بشكل تلقائي لعام إضافي بعد فوز الفريق بلقب الدوري الفرنسي.

ولا يشبه اليوم البارحة فعندما وصل مورينهو إلى الريال قال في مؤتمره الصحافي الأول: «الأمر الأكثر جمالا، جمالا ليس هو التدريب أو اللعب في ريال مدريد. الأمر الأكثر جمالا، جمالا، جمالا، هو الفوز في ريال مدريد، وذلك هو حافزي».

وبعدها بثلاثة أعوام، يرحل مورينهو عن النادي دون تحقيق الهدف الأكبر الذي قاده إلى عاصمة إسبانيا والمتمثل بالفوز بدوري الأبطال مع الفريق الملكي.

وخلال مواسمه الثلاثة مع الريال، أشعل مورينهو حرائق في جميع أركان النادي، وأقال موظفين في مختلف الإدارات والدرجات، ودخل في مواجهة مع لاعبين «كبار»، وقسم الجماهير بين أوفياء وخونة.

واستطاع مورينهو الحصول على السلطة المطلقة على إدارة كرة القدم على مدار المواسم الثلاثة، لكنه أنهى ولايته بثلاثة ألقاب فقط، بواقع لقب في بطولات الدوري وكأس الملك وكأس السوبر الإسبانية.

وعلى الرغم من أنها كانت كافية لنسيان سبع مرات على التوالي من الخروج من دور الستة عشر، فإن الثلاثية المتتالية من الوصول إلى قبل نهائي دوري الأبطال كانت حملا أكثر من ثقيل.

وأغرقت قلة الألقاب الكبيرة المدرب نفسه في دوامة من التناقضات، والأهواء النرجسية، والصراعات مع كل عمود من الأربعة التي تستند عليها بنية ريال مدريد: اللاعبين والجماهير والإدارة والصحافة.

وأكد المدرب، بعد أيام قليلة من الخسارة في الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا على يد بوروسيا دورتموند: «عندما يتم تقييم عملي، لا يقيم أبدا على مستوى مطلق، وإنما تبعا لما حققته. ولذلك الذنب ذنبي، فقد فزت كثيرا كثيرا كثيرا، لدرجة أن الآمال أصبحت كبيرة أكثر من اللازم».

وعلى ما يبدو أن الإعلام الإسباني كان يتوقع خبر إنهاء تعاقد مورينهو، لذا كانت فرصة لإظهار العلاقة المتوترة معه في عناوين وقصص تظهر خيبة الآمال على مدى ثلاثة أعوام قضاها مورينهو في الريال ولعلاقة المتأزمة بين الطرفين.

«نهاية المميز» هو العنوان بالإنجليزية الذي أفردته صحيفة «ماركا» في صدر صفحتها وتحته صورة لرئيس النادي فلورنتينو بيريز وجوزيه مورينهو وهما يبتسمان علما بأن الصورة تعود إلى تاريخ توقيع العقد بينهما في مايو عام 2010. والعنوان الذي استعملته «ماركا» يتضمن تهكما للقب الذي يطلق على مورينهو الذي كان يصف نفسه بـ«الاسبيشيال وان - أو المتفرد».

أما صحيفة «آس» فتحدثت عن عقد مكلف لحقبة مورينهو بقولها «50 مليون يورو للتعاقد مع المدرب و162 مليون يورو لشراء اللاعبين»، وأشار الصحافي ألفريدو ريلانو بأن مورينهو «جلب القليل من الألقاب مقابل الكثير من العواصف».

أما «موندو يبورتيفو» الكاتالونية الرياضية فتحدثت عن «نهاية حقبة» وذكرت تحت عنوان عريض «مورينهو في الشارع».

وأضافت الصحيفة «مورينهو الذي كان يعتبر الدواء ضد سيطرة برشلونة على الكرة المحلية والأوروبية يترك سانتياغو برنابيو وقد أخفق في مهمته. لم يتمكن من إعادة التوازن».

في المقابل قالت «آل موندو» «إعصار مورينهو ينتهي دون أن يتكلل مشروعه بالنجاح».

وظهرت الشماتة أيضا في تصريحات كارليس فيلاروبي نائب رئيس نادي برشلونة، الذي حيا قرار رحيل مورينهو، ووصفه بأنه كان «وباء» على كرة القدم الإسبانية.

وقال فيلاروبي في حديث لإذاعة كاتالونيا: «الآن يمكنني قولها. كان مورينهو وباء».

وأضاف: «رؤيته يرحل خبر إيجابي لكرة القدم الإسبانية، كان يخلق أجواء سلبية».

ولم يكن الهدف الأكبر لمورينهو لدى وصوله إلى ريال مدريد هو إبعاد برشلونة بقيادة جوسيب غوارديولا عن عرشه، وإنما إثبات صحة الأسلوب الذي اتبعه في مشواره كمدرب في فريق مر بمرحلة طويلة من الإحباط.

وصل مورينهو إلى بورتو وصنع منه بطلا لدوري الأبطال بعد غياب 17 عاما، ووصل مورينهو إلى تشيلسي وقاده إلى أول ألقابه في الدوري الإنجليزي بعد 50 عاما، ووصل مورينهو إلى إنترميلان وتوجه بطلا لأوروبا بعد 45 عاما.

لكن مورينهو وصل إلى ريال مدريد ولم يكن قادرا على أن يقوده إلى لقبه العاشر في دوري أبطال أوروبا، الإنجاز الذي يفلت من النادي الملكي منذ عام 2002.

كان ريال مدريد يعلم أن شخصية مورينهو قابلة للانفجار، لكن لم يتخيل قط أن مدربا ما قد يكون قادرا على خلق هذا القدر من الانقسام بين اللاعبين والجماهير.

ووسط كل ذلك، تمكن البرتغالي من دفع الأرجنتيني خورخي فالدانو، الذراع اليمنى لرئيس النادي فلورنتينو بيريز، إلى الرحيل عن مشروع النادي الملكي بعد عام من وصوله. كما تسبب في إقالة الطبيب خوان كارلوس هيرنانديز، الذي كان قد قضى عقدا كاملا داخل النادي، وحتى الطاهي تشيتشو لم يسلم من ذلك ورحل هو الآخر.

كما كان أثر البرتغالي عاصفا بين لاعبي ريال مدريد. في بدايته أقنع اللاعبين بأن المواجهات ضد برشلونة تتعلق بما هو أقل بقليل من الحرب، وأدان إيكر كاسياس بعد قيام الحارس بالاتصال بنجم برشلونة تشافي هيرنانديز لتهدئة الأجواء بين لاعبي الفريقين الأهم في إسبانيا، ودخل في صفقات مثيرة للجدل مثل الأربعين مليون يورو التي دفعت مقابل ضم الظهير فابيو كوينتراو.

وامتدت صدامات مدرب ريال مدريد إلى لاعبين مثل كريستيانو رونالدو أو بيبي، اللذين كانا بين أقوى حلفائه في موسميه الافتتاحيين، لينتهي الأمر بمعاداة صريحة.

وعلى مدار الأعوام الثلاثة، لم يتمكن البرتغالي من العثور بين لاعبي ريال مدريد على ديدييه دروغبا (نجم تشيلسي السابق) أو ويسلي شنايدر (إنترميلان)، «ابنيه الروحيين كرويا» والأقرب إليه من بين كثيرين.

وأكد مورينهو بعناده الذي لا يتزعزع، ومطالبته بالوفاء المطلق وغير المشروط من جانب الفريق، والعلاقة المتوترة دائما مع الصحافة، مرة أخرى أنه مدرب الحقب القصيرة العاصفة.

ولن يكون مورينهو الذي ينهي مشواره مع النادي الملكي بمباراتين هامشيتين ضد ريال سوسييداد وأوساسونا، على الأرجح المدرب الأعلى أجرا في العالم الموسم المقبل كما كان مع ريال مدريد (14 مليون يورو في العام)، لكن من المؤكد أن «البحار» البرتغالي كما يطلق على نفسه، سيراهن على تحديات أخرى ستعيده في غالب الظن إلى ملعب «ستامفورد بريدج» من أجل تولي الإشراف على تشيلسي مجددا بعد أن سبق له قيادة الفريق اللندني بين 2004 و2007 وقاده إلى لقب الدوري الممتاز عامي 2005 2006 والكأس المحلية عام 2007 وكأس رابطة الأندية المحترفة عامي 2005 و2007 قبل أن يتركه بسبب خلافه مع مالك النادي اللندني الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش.