مؤسس خدمة «تامبلر» كان مصدر فخر لأمه عندما ترك المدرسة

في سن الـ14 كانت تبدو على ديفيد كارب علامات النبوغ

ديفيد كارب مؤسس «تمبلر» مع ماريسا ماير الرئيسة التفيذية بياهو
TT

عندما كان ديفيد كارب في سن الرابعة عشرة، كانت تبدو عليه علامات النبوغ. كان هادئا ومنعزلا ويشعر بالملل من فصول الدراسة في مدرسة برونكس الثانوية للعلوم. وكان يقضي جل وقته في غرفته ملازما لحاسبه. وبدلا من محاولة إبعاده عن جهازه أو إغرائه للخروج من المنزل لاستنشاق الهواء النقي، كان لوالدته، باربرا آكرمان، رأي آخر، أن يترك المدرسة الثانوية ليواصل التعليم في المنزل.

وقالت آكرمان في مقابلة عبر الهاتف هذا الأسبوع: «كان يقضي طوال اليوم في المدرسة وطيلة الليل مع حاسبه».

لم يتمكن كارب (26 عاما) من إنهاء دراسته الثانوية أو الالتحاق بالجامعة، لكنه رغم ذلك لعب دورا مهما في الكثير من شركات التكنولوجيا الجديدة قبل أن يؤسس شركة «تامبلر»، خدمة التدوين الشهيرة التي وافق علي بيعها إلى «ياهو» مقابل 1.1 مليار دولار هذا الأسبوع، يبلغ نصيبه فيها نحو 250 مليون دولار، وبهذا دخل كارب الدائرة الضيقة المؤلفة من 20 شخصا من أصحاب الأعمال الشباب مثل مارك زوكربيرغ صاحب «فيس بوك» ودنيس كراولي صاحب فورسكوار الذين أصبحوا أثرياء قبل أن يبلغوا الثلاثين.

ويقول بيجان سابات، الشريك العام في «سبارك كابيتال» الذي كان من بين أوائل الأشخاص الذين استثمروا في «تامبلر»: «عندما التقيت ديفيد للمرة الأولى كان في سن العشرين ويرتدي حذاء رياضيا وسروالا من الجينز، لكني كنت أعلم أنه واحد من سلالة نادرة من أصحاب مبادرات الأعمال الذين نشأوا على الإنترنت والقادر على ابتكار الأفكار، وتطويرها ثم تنفيذها في ذات الليلة».

منذ تأسيس «تامبلر» قبل ست سنوات أثار ديفيد كارب الإعجاب بقدراته في مجال البرمجة وتصميم مواقع الإنترنت، لكنه في بعض الأوقات كان شخصية مثيرة للتناقضات في دوائر نيويورك التقنية لأنه عادة ما كان يدون عن حياته الشخصية وحضور الحفلات، كما ظهر على غلاف مجلات الموضة وكان هدفا دائما لموقع النميمة «غاوكر» الذي وصفه بعاشق الشهرة، وهو وصف مهين لشخص يمتلك رغبة جارفة في الشهرة.

بعد ترك الدراسة والعمل لبعض الوقت في شركات صغيرة للتكنولوجيا، شق طريقه إلى طوكيو، حيث عمل لعدة أشهر لشركة صغيرة. ثم عاد إلى الولايات المتحدة ويتولى مسؤولية قسم التكنولوجيا في شركة «أوروبان بابي»، شركة رسائل الإنترنت لأولياء الأمور، التي قامت شركة «سي إن إي تي نتوركس» بشرائها عام 2006، وحصل على عدة مئات آلاف الدولارات نتيجة بيع الشركة ليقوم بافتتاح شركته الخاصة والتي أطلق عليها «ديفيدفيل»، وكانت من أحد مشروعات هذه الشركة خدمة تدوين صغيرة تدعى «تامبلر».

لم تشهد إدارة كارب لـ«تامبلر» أي عوائق، عدا من بعض المشكلات الصغيرة في الأيام الأولى أثناء توظيف الفريق، فلم يكن متأكدا من كيفية إجراء المقابلات مع الموظفين الجدد. وعادة ما كان يعتقد أن قدراته أكبر من تحدها الشركة، زاعما أنه قادر على إدارة «تامبلر» بأربعة أفراد فقط.

لكن كراب خرج من المشهد وبدأ في مواعدة صديقته الحالية، خريجة كلية التمريض في جامعة نيويورك سيتي قبل أربع سنوات، وبدأ وكأنه اكتسب مزيدا من الجدية بشأن شركته التي زاد عدد موظفيها من أقل من عشرة موظفين إلى أكثر من 175 موظفا اليوم. ويقول مارك كواتني، الذي يشرف على علاقات تامبلر مع شركات الإعلام: «لقد نضج ديفيد في (تامبلر)».

أدى مكانة كارب المهتز إلى مناقشات حول قيامه بدور مختلف في «تامبلر» بحسب اثنين عملا مع الشركة ووافقا على الحديث شريطة عدم ذكر اسميهما. ونظرا لعدم زيادة العائدات بالسرعة التي كان يتوقعونها فكر المستثمرون في تولية كارب مسؤولية تطوير منتجات «تامبلر» والبحث عن رئيس تنفيذي أكثر كفاءة.

ونفى كارب في مقابلة أنه كان هناك خطة لإقالته من منصب الرئيس التنفيذي. وكحال الكثيرين الذين أداروا شركات مماثلة للتكنولوجيا، كان كارب يميل إلى العزلة، ففي مقابلة معه العام الماضي أثناء انعقاد مؤتمر «فوندرز» الذي أقيم في نيويورك قال إنه يفضل الوصول إلى مكتبه مبكرا حتى يعمل بمفرده، ويتجنب الأفراد الآخرين.

وقال: «أشعر بأقصى قدرة على الإنتاجية والانغماس في العمل عندما أكون مستغرقا في الأكواد وبعض المشروعات أقوم ببعض التصميمات. إنني انطوائي بكل تأكيد».

ويقول فريد سايبرت المنتج التلفزيوني الذي كان أول مدير إبداعي في قناة «إم تي في»، والذي التقى كارب عام 2000 عندما كان في مرحلة الدراسة الثانوية. يحضر أطفاله مدرسة خاصة في غرب منهاتن تدعى كالهون سكول، حيث كانت والدة كارب مدرسة للعلوم.

وقال سايبرت: «ربطت زوجتي وباربرا علاقة صداقة، وكانت تصف لها أثناء احتساء القهوة كيف كان ديفيد يشعر بالملل في المدرسة، وقالت زوجتي إن زوجي يحب مساعدة الشباب الموهوبين، ينبغي عليك أن ترسليه إليها، وكانت هذه هي المرة الأولى التي التقيته فيها».

وصل كارب إلى مكتب سايبرت في بارك أفنيو، وقال إنه أراد أن يتعلم الهندسة وأن يصبح مهندسا. في البداية كان كارب يذهب إلى مكتب سايبرت بضعة أيام أسبوعيا، ثم بعد ذلك أعلن كارب أنه سيحضر كل يوم. وعندما سألته، هل تغير جدول الدراسة، قال لا لكنني تركت المدرسة.

وأضاف سايبرت: «لم يمض وقت طويل حتى أصبح كارب مثار اهتمام الجميع، عندما طلب منه تصميم موقع لشركته الجديدة، شركة لإنتاج فيديو الإنترنت تدعى (نكست نيو نتوركس)».

شارك كارب في تصميم جهاز ألعاب بلاي ستيشن المتنقل الذي أنتجته شركة «سوني»، وقال له إن «أبل» ستطلق «آي بود» يملك إمكانيات الفيديو. وقال: «هذه هي الطريقة التي سيشاهد بها الناس الفيديو ينبغي أن تخوض هذه التجربة. كانت شركة (نكست نيو نتوركس) أول إنتاج الفيديو الذي ينشر على (آي تيونز) وسرعان ما اشترتها (غوغل) مقابل 50 مليون دولار».

وأضاف سايبرت: «إن قدرته على استشراف المستقبل والتوقيت كان أبرز عوامل النجاح. وفي النهاية أصبح سايبرت مستثمرا في (تامبلر) وعضوا في مجلس إدارة الشركة».

كارب الذي يعيش في شقة تبلغ تكلفتها 1.6 مليون دولار في ويليامسبيرغ، ببروكلين مع صديقته وكلب، قال إنه يسهر في نيويورك ومع «ياهو». وهو ينوي تدشين مؤسسة خيرية، ويوما ما قد يلتحق بالجامعة. وقال: «على الأقل ينبغي أن أتمكن من توفير نفقات ذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»