أمير الرياض ورئيس «السياحة» يدشنان مشروع «الفاو» الأثري

الموقع يمثل متحفاً مفتوحاً يحكي حضارة الممالك القديمة في الجزيرة العربية

الأمير سلطان بن سلمان يقدم درعا تذكارية لأمير منطقة الرياض (واس)
TT

دشن الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أمس الثلاثاء، مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري واستئناف أعمال التطوير في الموقع، وذلك في مقر المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز التاريخي في العاصمة الرياض.

وعقب تدشين المشروع أجرى أمير منطقة الرياض اتصالا مرئيا مع محافظ وادي الدواسر أحمد المنيفي عبر خلاله عن تمنياته بأن يثمر هذا المشروع خيرا وفيرا لأهالي المحافظة، وقال: «أتمنى أن نرى مردود هذا المشروع في القريب العاجل، وأن يجني ثماره أهل المنطقة ومواطنو البلاد كافة».

وأكد أمير منطقة الرياض خلال الاتصال المرئي مع فريق التنقيب الأثري الذين يوجدون في موقع الفاو لمباشرة أعمالهم، على الأهمية التاريخية لهذا المشروع في إبراز تاريخ وحضارة السعودية، ووجههم ببذل الجهود في عمليات التنقيب والمحافظة على الموقع لما يمثله من قيمة تاريخية وحضارية.

من جانبه أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، خلال كلمته في حفل التدشين، أن السعودية تعيش نقلة كبيرة في العناية بموروثها الثقافي وإرثها الحضاري الضارب في القدم، بهدف إبراز البعد الحضاري للبلاد، مشيرا إلى أن العمل في موقع الفاو الأثري يحظى بمتابعة أمير منطقة الرياض ونائبه، والمسؤولين في المنطقة ومحافظ وادي الدواسر.

وقال الأمير سلطان: «باكتمال مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري، سيكون متحفا مفتوحا يحكي تاريخ وحضارة مملكة كندة، إحدى الممالك القديمة في الجزيرة العربية، كما أنه يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ومنها أن يكون موقع (الفاو) معلما تاريخيا وشاهدا حضاريا يمكن زيارته ضمن العملية التعليمية والتثقيفية، وأن يلعب الموقع دورا اقتصاديا في منطقة الرياض، إضافة إلى عرض المكتشفات الأثرية للدارسين والباحثين والمهتمين بالتراث الثقافي وزائري المنطقة، ودعم الاقتصاد المحلي لمحافظة وادي الدواسر والمحافظات القريبة منها».

وأضاف الأمير سلطان بن سلمان، «أن موقع الفاو شهد عمليات تنقيب كبيرة، حيث بدأ التنقيب في الموقع قبل أكثر من أربعين عاما، وأشرف على أعمال التنقيب آنذاك الدكتور عبد الرحمن الأنصاري عالم الآثار، وهو اليوم يعود مشرفا على فريق العمل لاستكمال ما بدأه مع كثير من أعضاء الفريق العلمي الأساسي، مشيرا إلى أن أعمال التنقيب في الموقع أسفرت عن العثور على قطع أثرية يجري ترميمها حاليا وسيتم عرضها في متحف جامعة الملك سعود، كما أن بعض القطع التي عثر عليها في الموقع يتم عرضها حاليا في معرض روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور الذي يجوب عددا من المدن الأميركية حاليا».

وأوضح، أن السعودية تشهد في الوقت الحاضر نقلة كبيرة جدا في مجال الآثار، ويعمل في المواقع الأثرية حاليا 25 فريقا علميا سعوديا دوليا، مشيرا إلى أن أعمال تلك البعثات ستسهم في اكتشاف المزيد من المواقع والموجودات الأثرية لعرضها في المتاحف الجديدة التي يتم إنشاؤها في مختلف مناطق البلاد.

وأشار إلى حرص الهيئة على إشراك الجامعات السعودية في العمل الميداني الأثري، حيث تم توقيع مذكرات تعاون في هذا المجال مع عدد من الجامعات منها جامعة الملك سعود التي تنقب حاليا في موقعي الخريبة والمابيات بالعلا، إضافة إلى معاودة التنقيب في موقع الفاو، وكذلك جامعة حائل في موقع فيد والعرايش، وجامعة تبوك في موقع قرية، وجامعة جازان في موقع المنارة، وجامعة نجران في موقع الأخدود، موضحا أن أعمال البحث والتنقيب الأثري من شأنها تزويد المتاحف المحلية والإقليمية وكذلك معارض الآثار الدولية بالقطع الأثرية، إضافة إلى إثراء البحث العلمي الأثري.

من جانبه أوضح الدكتور بدران العمر مدير جامعة الملك سعود أن الجامعة قد أسهمت في مشروعات التنقيب الآثاري منذ أكثر من 40 عاما في الكشف عن جوانب مهمة للحضارتين العربية والإسلامية في السعودية في كثير من المواقع في شمال وجنوب البلاد، الأمر الذي أسهم في اكتشاف كثير من الآثار، وهي تعد الآن ركيزة أساسية لكتابة التاريخ الوطني وفق رؤية موضوعية تعتمد على الشواهد المادية، كما تمثل عنصرا رئيسا للعروض المتحفية في المتحف الوطني ومتحف جامعة الملك سعود. مشيرا إلى أن موقع الفاو يقدم أنموذجا للامتداد التاريخي لأرض المملكة وعمقها الحضاري مؤكدا بأن هذا الموقع سيكون من المواقع المميزة للجذب السياحي في منطقة الرياض.

ويحظى موقع الفاو الأثري الذي يقع على مسافة 700 كيلومتر جنوب غربي مدينة الرياض، بأهمية تاريخية كبيرة، حيث كانت قرية الفاو عاصمة مملكة كندة الأولى، التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى مطلع القرن الرابع الميلادي، وكانت مركزا تجاريا مهما وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج.

وقد بدأ الاهتمام بقرية الفاو بوصفه موقعا أثريا بدأ منذ أربعينات القرن العشرين من جانب موظفي شركة «أرامكو السعودية»، وتلا ذلك رحلات واستطلاعات علمية قام بها علماء الآثار الأجانب، وكان ما كتبوه عنها النواة الأولى لأعمال التنقيب في الموقع التي بدأت في عام 1972 لمدة ثلاثة مواسم.