هجوم انتحاري في كيدال.. والمتمردون الطوارق يرحلون السود منها

فرنسا تندد بأعمال عنف واعتقالات خارج إطار القضاء استهدفتهم

TT

في ظل التوتر الذي تعيشه مدينة كيدال (أقصى شمال شرقي مالي)، التي تقبع تحت سيطرة المتمردين الطوارق، فجر انتحاري نفسه أمس، في ساحة كان ينتظر أن تشهد تنظيم مظاهرات شعبية مناهضة لوجود الإدارة والجيش الماليين، وتسبب الانفجار في مقتل منفذه وإصابة شخص واحد بجراح.

وقالت مصادر محلية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن منفذ الانفجار كان يوجد في الساحة بعد خروجه من منزل مهجور يملكه ضابط سابق في «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، وأحد المقربين جدا من إياد آغ غالي، أمير جماعة «أنصار الدين» الإسلامية المسلحة، مشيرة إلى أن صاحب المنزل اختفى عن الأنظار منذ التدخل الفرنسي في مالي، ويعتقد أنه برفقة آغ غالي.

ورجحت بعض المصادر أن يكون سبب الانفجار ماس كهربائي نتيجة خلل في تركيب الحزام الناسف، وهو ما بررته هذه المصادر بأن الانفجار كان يستهدف المشاركين في المظاهرة، ولكنه حدث قبل أن يصلوا إلى الساحة التي تقع في حي المطار.

وترجح مصادر عسكرية في «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» أن يكون منفذ الهجوم أحد عناصر جماعة «التوحيد والجهاد» في غرب أفريقيا، بينما أكدت المصادر ذاتها أن منفذ الهجوم أسود البشرة، على غرار جميع منفذي العمليات الانتحارية التي شهدها شمال مالي منذ بداية العملية العسكرية الفرنسية في 11 يناير (كانون الثاني) 2013.

يأتي هذا الهجوم الانتحاري في وقت تشهد المدينة توترا كبيرا، وقلقا في الأوساط الشعبية من احتمال هجوم الجيش المالي على المدينة ومحاولة السيطرة عليها، بينما تتمركز «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» عند مداخل المدينة وتؤكد استعدادها لمواجهة أي هجوم محتمل للجيش الحكومي المالي الذي ترفض وجوده في المدينة.

وكانت «الحركة الوطنية» قد باشرت منذ أول من أمس عمليات اعتقال واسعة في صفوف سكان المدينة من السود، وهو ما برره مصدر قيادي بـ«الحركة الوطنية»، في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»، بوجود عناصر من الجيش المالي تسللت إلى داخل المدينة من أجل تسهيل عملية اقتحام المدينة على طريقة «حصان طروادة»، وفق تعبيره.

وأكد المصدر أن حملة الاعتقالات جاءت بعد أن تعرف أحد الطوارق المنشقين السابقين عن الجيش المالي على نقيب في الجيش الحكومي منحدر من الجنوب وصل مؤخرا، وعمل حمالا للبضائع في سوق المدينة، معتبرا أن النقيب اعترف بوجود ثمانية نقباء من الجيش في كيدال، مهمتهم تسهيل اقتحامها.

وأشارت مصادر محلية بالمدينة إلى أن «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» بدأت ترحيل المعتقلين إلى مدينة غاو، كبرى مدن شمال مالي، التي تقع تحت سيطرة الجيش الحكومي، بينما أكدت هذه المصادر لجوء أطباء المستشفى المركزي بالمدينة من السود، إلى منزل الشيخ آغ أوسا، القيادي في «المجلس الأعلى لوحدة أزواد»، وذلك بعد اتهامهم من طرف بعض السكان بأنهم يعملون لصالح المخابرات المالية.

على صعيد آخر، نددت فرنسا بما قالت إنه «أعمال عنف واعتقالات خارج إطار القضاء» استهدفت السكان السود في كيدال، ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس؛ حيث قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، فيليب لاليو، إن «معلومات تحدثت عن اعتقالات وأعمال عنف في مدينة كيدال ضد أشخاص ينحدرون خصوصا من مجتمعات السونغي على أساس لون البشرة»، قبل أن يضيف أن «فرنسا تدين أعمال العنف هذه والتوقيفات خارج إطار القضاء، وتطلب الإفراج عن الأشخاص المعنيين. وتذكر بتمسكها بالتوصل إلى حل تفاوضي حول الوضع في كيدال».