خبراء: السعودية نجحت في تحقيق تنويع اقتصادي يتجاوز تحديات متغيرات الطاقة

أكدوا على أن المخاوف الاقتصادية العالمية تحتم ضرورة التنويع

TT

أكد خبراء اقتصاديون أن الشكوك الاقتصادية العالمية، التي تتركز حول البلدان المتقدمة، تستدعي ضرورة تنويع الموارد الاقتصادية عبر قطاع الصناعة لدى دول منطقة الشرق الأوسط، والاتجاه بشكل أكبر نحو الابتكار والتعاون، لتحقيق التنمية والازدهار المطلوبين.

وأوضح خبراء في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن التطورات العالمية في قطاع الطاقة، إلى جانب التحولات الديموغرافية الكبيرة، في ظل والنمو السريع للكثافة السكانية، تحتم على دول العالم الثالث ضرورة البحث عن فرص متنوعة في قطاع الصناعة، لتغطي أي عجز محتمل في مجالات أخرى تؤثر بشكل مباشر في اقتصادات هذه الدول.

وقد أوضح زهير علاوي، رئيس شركة «داو للكيماويات» في السعودية، والمسؤول عن قيادة استراتيجية النمو للشركة، لـ«الشرق الأوسط»، أن التطورات الحاصلة في مجالي الغاز الصخري في شمال أميركا، وتقنيات الفحم في آسيا، أسهمت في تغيير مشهد المواد الخام السائد في العالم، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن السعودية إحدى أهم دول منطقة الشرق الأوسط في التعاطي مع هذا الواقع.

وأكد أن السعودية التزمت بتحقيق نمو اقتصادي ملموس وتنويع الموارد الاقتصادية عبر الصناعة، مبينا أن تحديات التزايد السكاني السريع في المنطقة، وتطور قدرات صناعة البتروكيماويات، والشكوك الاقتصادية العالمية، توجب ضرورة استمرار الدول التي تتمتع حاليا بثروات المواد الخام في تنمية قطاعات الصناعات التحويلية.

وأضاف علاوي أن منطقة الشرق الأوسط تواجه حاليا حزمة تحديات وفرص متعلقة بشكل مباشر بسلسلة القيمة في قطاع الصناعة، تتمثل في التطورات العالمية في قطاع الطاقة، إلى جانب التحولات الديموغرافية الكبيرة، مع الأخذ بعين الاعتبار شريحة الشباب والنمو السريع للكثافة السكانية. ولفت إلى أن السعودية في هذا الصدد استطاعت أن تخلق عوامل تمهد الطريق أمام مستقبل من خلال الاعتماد بشكل أكبر على الابتكار والتعاون لتحقيق الأهداف الطموحة، التي تم وضعها لتحقيق التنمية والازدهار المستمرين.

وقال رئيس شركة «داو للكيماويات» في السعودية «إن السعودية تعتبر مثالا بارزا على ذلك، من خلال سعيها لبناء مستقبل متقدم للسكان، الذين يتألفون بنسبة 70 في المائة من شريحة الشباب السعودي دون سن 30 عاما». وزاد أنه بالفعل اتخذت السعودية خطوات لتعزيز نمو قاعدتها الصناعية، حيث إنها تطمح إلى مساهمة قطاعها الصناعي بنسبة 24.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024، مقارنة مع 19.6 في المائة في عام 2004.

ومع ذلك، فإن الحاجة إلى توفير الكوادر ذات الكفاءة والمهارة العالية للبيئة الصناعية المستقبلية وفق علاوي أمر ملح، مبينا أن تزايد فرص التوظيف يتطلب المزيد من مشاريع التنويع الاقتصادي، مؤكدا أن السعودية تتمتع بأحد أهم الاقتصادات القابلة للتوسع والتنويع في المنطقة، بجانب أنها سوق محلية كبيرة لكثير من السلع والخدمات.

من جانبه، أكد المستشار الاقتصادي محمد الحمادي أن السعودية بذلت جهودا حثيثة لضمان توفير جميع العناصر المختلفة المكونة لسلسلة القيمة في قطاع الصناعة للشركات المحلية والشركات متعددة الجنسيات، مما جعلها وجهة الاستثمار المفضلة للعديد من القطاعات، حيث كانت النتيجة المباشرة لذلك إيجاد بيئة اقتصادية ملائمة للمملكة وشعبها.

ونوه بأن الصناعة شهدت على مر التاريخ تطورات مستمرة لمواكبة البيئة الاقتصادية، بدءا من الحرفيين المهرة والصناعات الدقيقة، وصولا إلى الإنتاج الضخم، مبينا أن مصطلح الصناعة لا يزال مرتبطا بصورة مصانع الحديد والصلب والعمل البدني المجهد. ولفت الحمادي إلى أن الصناعة المتقدمة لا تعتمد على الموارد البشرية منخفضة التكلفة، بل على المهارات والإبداع من أجل إنتاج المنتجات شديدة التعقيد، متفقا مع علاوي في أن منطقة الشرق الأوسط تواجه حاليا تحديات وفرصا متعلقة بشكل مباشر بسلسلة القيمة في قطاع الصناعة.

وفق الحمادي فإن السعودية تتميز منذ زمن طويل بثروة وافرة من النفط الخام، مبينا أنها بدأت في إعداد خطط لتسخير الطاقات والإمكانات الشبابية، وهو ما من شأنه أن يخلق بيئة اقتصادية حيوية، مبينا أن هذا الوضع يتطلب تضافر الجهود الجماعية من قبل الحكومة والاستثمارات الأجنبية والمؤسسات الأكاديمية، من أجل تعزيز رأس المال البشري لتحقيق رؤية السعودية على المدى الطويل. وفي السياق نفسه، أكد الخبير الاقتصادي عبد الحليم محيسن أن السعودية تتجه نحو تطور طبيعي تمثل في توسيع قطاع البتروكيماويات، وهو ما من شأنه أن يدفع بعجلة التنويع الاقتصادي إلى الأمام ويخلق فرص عمل جديدة إذا ما اقترن بالنشاط والإبداع. ويرتكز هذا المزيج وفق محيسن بشكل أساسي على ثلاثة مكونات تشمل سياسة تشجيع النمو والابتكار عبر سلسلة القيمة والتعاون والشراكة، ليس فقط في مشاريع الأعمال وإنما في زيادة فاعلية مساهمات القطاعين العام والخاص أيضا لتوسيع وتعزيز قاعدة المهارات في الدولة.