رسوم المدارس الأهلية.. أزمة تلوح في الأفق مطلع العام الدراسي المقبل

مستثمرون يحذرون من انسحابات واسعة من القطاع لغياب الجدوى

طلاب في أحد فصول الحاسب الآلي بمدرسة أهلية في جدة (تصوير: عدنان المهدلي)
TT

خاطبت لجنة التعليم الأهلية بالمنطقة الشرقية مكتب إدارة التربية والتعليم بالشرقية للحصول على موافقة رسمية على رفع الرسوم الدراسية بداية من العام الدراسي الجديد، وقال رئيس لجنة التعليم الأهلي بغرفة الشرقية خالد الجويرة إن «اللجنة ملتزمة باتباع الطرق الرسمية للمطالبة برفع الرسوم الدراسية لتتناسب مع التكاليف المتزايدة للتعليم الأهلي بعد رفع رواتب المعلمين والمعلمات وكذلك وضع ضوابط مشددة جدا حول تراخيص المدارس من حيث الحجم وتوفر اشتراطات الدفاع المدني وغيرها من الأمور التي باتت تثقل كاهل المستثمرين وتضغط كثيرا على استثماراتهم».

وبحسب لائحة العمل في المدارس الأهلية فإنها ملزمة بإبلاغ أولياء الأمور بالرسوم الجديدة قبل 90 يوما من بداية العام.

من جانبه، قال الدكتور عبد الرحمن الحقباني نائب رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بمجلس الغرف السعودية، إن «هناك عددا كبيرا من المستثمرين في قطاع التعليم الأهلي أبلغوهم بالرغبة الجادة في مغادرة الاستثمار في هذا المجال نتيجة الارتفاع الكبير والمفاجئ في المصاريف وفي مقدمتها رفع راتب المعلم والتأمينات الاجتماعية فضلا عن موضوع توفير بيئة تعليمية مناسبة من خلال المبنى وهذا متفق عليه لكون سلامة الطلبة والطالبات من الأساسيات ولكن لا يمكن أن تطبق كل هذه الالتزامات خلال فترة وجيزة».

وأكد الحقباني أن رفع الرسوم الدراسية بات ضرورة ملحة من أجل إنقاذ هذا النوع من الاستثمار، مؤكدا أن أي تراجع في الاستثمار في قطاع التعليم الأهلي ستكون له عواقب سلبية كثيرة على الحكومة من خلال فقدان المئات أو الآلاف من المعلمين وظائفهم وسيعود الآلاف من الطلاب والطالبات كذلك إلى مقاعد المدارس الحكومية.

وأضاف الحقباني أنه «معروف أن كل طالب يكلف الحكومة سنويا قرابة 20 ألف ريال، بينما لا تتلقى المدارس الأهلية سوى مائة ريال فقط سنويا عن كل طالب أو طالبة»، مبينا أن اللجنة الوطنية قامت بعدة تحركات وصلت للمقام السامي والجميع يترقب انفراج هذه الأزمة وإلا فإن عدد المنسحبين قد يتجاوز النصف بدلا من الرقم الحالي المرشح دائما للارتفاع بعد أن كانت هناك رغبة في الاستثمار في هذا المجال قبل حدوث متغيرات دفعة واحدة في فترة وجيزة هذا الموسم جعلت أعدادا متزايدة من حين لآخر تبدي رغبة جادة في ترك هذا المجال الاستثماري، حيث إن عدد الراغبين جديا في الانسحاب يصل إلى ثلث العدد الإجمالي تقريبا.

من جانبه، لفت الجويرة إلى أن قطاع التعليم الأهلي يعاني من الكثير من القرارات التي فرضتها الوزارة وستؤدي إن لم يكن هناك حلول عملية إلى إغلاق الكثير من المدارس على الرغم من أنها شريك استراتيجي للتعليم العام وتقدم خدمات مهمة لقطاع التعليم في المملكة.

وقبل أشهر تصاعدت الأزمة بين لجنة التعليم الأهلي في مجلس الغرف السعودية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لعدم الوصول إلى حل مرض للطرفين يتعلق بموضوع احتساب النسبة للمبلغ المالي الذي يتم اقتطاعه من راتب المعلم في المدارس الأهلية، حيث إن هناك خلافا حول كون الراتب بالإجمالي تتشارك فيه المدرسة وصندوق الموارد البشرية مناصفة بمبلغ 2500 ريال لكل منها إضافة إلى 600 ريال كبدل مواصلات تدفعه المدرسة للمعلم.

وباتت هذه الأزمة على طاولة اللجنة العمالية المختصة بالفصل في هذه القضايا ويتوقع تحويلها في نهاية المطاف إلى ديوان المظالم في حال عدم موافقة أي من الجهتين على الحكم الذي لم يتحدد له موعد للصدور وسط تأزم شديد رغم أن إجازة المدارس بدأت فعليا.

وتوفر المدارس الأهلية حسب الدكتور الحقباني على خزينة الدولة قرابة 11 مليار ريال سنويا، وشدد على أنه لا توجد أي مصلحة لأحد أن يكون الاستثمار في مجال التعليم الأهلي منفرا.

وبحسب أرقام شبه رسمية يبلغ حجم الاستثمار في التعليم الأهلي أكثر من 7.7 مليار ريال ولكن الصعوبات التي تمر بها المدارس الأهلية قد تجمد هذا الرقم أو تساهم في تخفيضه خصوصا في حال عدم حل الكثير من القضايا والإشكاليات.

ولجأت الكثير من المدارس الأهلية إلى رفع رسوم الدراسة بنسبة تتجاوز 30 في المائة في العام الدراسي المنصرم بحجة سد التكاليف الباهظة والطارئة بعد القرار الحكومي برفع راتب المعلم، إلا أن تلك الزيادة في الرسوم لم تكن مقنعة للكثير من أولياء الأمور لكون الدولة تكفلت بدفع نصف راتب المعلم. وفي لقاء عقد أخيرا في غرفة الشرقية كشفت سارة العيسى مديرة إدارة التعليم الأهلي والأجنبي بتعليم الشرقية عن مشروع القسائم التعليمية وهو عبارة عن شراء مقاعد دراسية في المدارس الأهلية مقابل رسوم تتكفل بها الدولة وتخصيص هذه المقاعد للطلبة الموهوبين والأيتام وذوي الظروف الخاصة.

وحددت وزارة التربية والتعليم المعايير لزيادة الرسوم للمدارس وهي المبنى والأثاث ووسائل الأمن والسلامة والتنمية المهنية وتقنية المعلومات والأنشطة الطلابية ومتوسط عدد الطلبة والمعلمين والمناهج الإضافية ونسبة السعودة وتوقيت تنفيذ الأمر السامي فيما يتعلق بالرواتب. وأعلنت العيسى أن 75 في المائة من المدارس الأهلية في المنطقة طبقت نظام العقد الموحد والتزمت بالقرار المتعلق بدعم المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية، الذي يقضي بإيداع 2500 ريال مباشرة في الحساب البنكي شهريا للمعلم من قبل الموارد البشرية، في حين تقوم المدرسة بصرف حصتها من الراتب وتزود الصندوق بنموذج كشف قيد الحساب وإثبات الإيداع في الحساب.

من جانبه، قال المتحدث الإعلامي لإدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية خالد الحماد، إن هناك تعليمات صدرت لعدد من المستثمرين في قطاع التعليم الأهلي بضرورة تحسين بيئة التعليم الحالية وتوفير مبان نموذجية تتوفر فيها عوامل السلامة المستوفية لشروط الدفاع المدني وهناك من أبدى رغبة في الانسحاب من هذا المجال مع نهاية الموسم الدراسي الحالي، مشددا على أن سلامة الطلاب والطالبات وكذلك العاملين في هذا القطاع فوق كل اعتبار.

أما فيما يخص شروط الدفاع المدني، فقد أكد اللواء عبد الله الخشمان مدير إدارة الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية أن المستثمرين في المدارس الأهلية يتوجب عليهم تحسين المباني ومن لا يلتزم بهذا الجانب فلن يمنح رخصة لممارسة نشاطه.

وانسحب عدد من المستثمرين من هذا المجال وأكد المستثمر حزام الحربي الذي أنهى علاقته بهذا المجال مع نهاية هذا العام، أن الشروط صعبة والالتزامات مكلفة وهذا ما جعله وعددا آخر من المستثمرين يقررون الانسحاب بعد قرابة العقدين من الزمن، مرجحا تزايد أعداد المغادرين للاستثمار في هذا المجال ما لم تكن هناك تسهيلات أكثر وتخفيف الضغوط الموجودة.