حضور مسؤولي القنوات التلفزيونية المغربية إلى البرلمان يثير جدلا واسعا بين النواب

تبادلوا الاتهامات حول مشروعية مساءلتهم عن عدم احترام التعددية والحياد

TT

تحول اجتماع للجنة التعليم والثقافة والإعلام بمجلس النواب المغربي (الغرفة في البرلمان) عقد مساء أول من أمس، إلى حلبة لتبادل الاتهامات بين الفرق النيابية من المعارضة والغالبية، وبين نواب حزب العدالة والتنمية.

وكان الاجتماع قد عقد بطلب من الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية متزعم الائتلاف الحكومي، وخصص لمناقشة مدى احترام القناة التلفزيونية المغربية «دوزيم» لمبدأ التعددية والحياد في برامجها، طبقا لما هو وارد في دفاتر التحملات (الشروط) الخاصة بالقناة، وذلك في سياق الجدل الدائر بين قيادة الحزب ومسؤولي القناة التي يتهمونها بالتحامل على حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة في مختلف برامجها.

وحضر الاجتماع مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام)، وفيصل العرايشي، الرئيس والمدير العام لقنوات القطب العمومي، وسليم الشيخ، المدير العام للقناة الثانية، بيد أن نائبين من حزبين معارضين هما «الأصالة والمعاصرة» و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» اعترضا بشدة على حضور مديري القناتين التلفزيونيتين، على اعتبار أن المساءلة يجب أن توجه إلى وزير الإعلام فقط باعتباره الوصي على القطاع، فثار نواب العدالة والتنمية وانبروا للدفاع عن مشروعية حضور مديري المؤسسات العامة إلى البرلمان استنادا على مختلف الحجج من نصوص الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب.

وتحول الخلاف بين الطرفين حول الإجراءات الشكلية إلى تبادل للاتهامات، وبدا واضحا أن الفرق النيابية سواء في المعارضة أو الغالبية لا تريد إقحامها في الخلاف القائم بين القناة الثانية وحزب العدالة والتنمية تحديدا.

وفي هذا السياق، قال سمير بلفقيه، النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة إنه فوجئ بحضور مديري القناتين في الاجتماع، رغم أنهما ليسا سوى موظفين، ولا مكان لهما في هذا اللقاء «الذي يعد لقاء سياسيا بامتياز»، وطالب بلفقيه بالتوقف عن العبث الذي يهيمن على النقاش الخاص بالإعلام في البرلمان.

بدورها أعلنت رشيدة بن مسعود، النائبة عن حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض تحفظها باسم الفريق على حضور مديري القناتين اجتماع اللجنة، لأن المحاسبة يجب أن توجه إلى وزير الإعلام واعتبرت أن قطاع الإعلام يجب أن لا يتحول إلى مجال للمزايدات.

أما عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، فاعتبر هذا الاعتراض بمثابة «تشويش على عمل اللجنة ونكوص على مكتسبات تحققت منذ سنوات وأكدها الدستور الجديد». وتساءل: من يريد حماية مسؤولي المؤسسات العامة من المساءلة؟.

واستعرض بوانو عددا من الحالات التي كانت القناة الثانية غير منصفة في تغطيتها إعلاميا، منها زيارة رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي للرباط، حيث كان الخبر الثالث في نشرة الأخبار مسبوقا بأخبار أقل أهمية، وتم التركيز على مقاطعة اتحاد رجال الأعمال المغاربة لاجتماع مع نظرائهم الأتراك، على حد قوله، ونفس الأمر حدث في تغطية القناة لجلسة مساءلة عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة التي قاطعتها المعارضة، إذ تم التركيز، يضيف بوانو، على هذه المقاطعة وتجاهلت القناة المداخلة التي ألقاها ابن كيران في الجلسة ولم تعرض أي مقطع منها، وكانت تتعلق بتداعيات خفض الحكومة لنفقات الاستثمار.

وفي السياق ذاته، تساءل النائب عبد الصمد حيكر، من حزب العدالة والتنمية، «لمصلحة من تقف بعض الأصوات ضد مساءلة مديري القنوات التلفزيونية، ووفق أي أجندة سياسية».

وزاد تدخل نواب حزب الاستقلال خلال الاجتماع في تعميق الخلاف وسوء الفهم، خصوصا بعدما تساءل النائب عبد الله البقالي عن سبب عدم استجابة اللجنة لطلب فريقه حضور المدير العام لقناة «ميدي إن تي في» للمساءلة، وما إذا كان هناك محاباة لفريق نيابي بعينه على حساب فريق آخر. وفي السياق ذاته، قال النائب عبد القادر الكيحل، من الحزب ذاته، إن الحكومة الحالية سياسية وهي مسؤولة عن المؤسسات التي تشرف عليها، قبل أن يتساءل حول ما إذا كانت هناك مشكلة بين الحكومة وهذه المؤسسات، منبها إلى أن اللجنة ليست أداة لتصفية حسابات سياسية، في إشارة إلى الخلاف بين حزب العدالة والتنمية ومسؤولي القنوات التلفزيونية. كما تساءل الكيحل حول ما إذا كان اجتماع اللجنة من شأنه التشويش على المهمة الاستطلاعية الذي قام بها نواب البرلمان للقناتين والتي لم تنشر نتائجها بعد.

من جهته، وردا على تساؤل النائب البقالي بشأن رفض المدير العام لقناة «ميدي إن تي في» الحضور للبرلمان، قال مصطفى الخلفي، وزير الإعلام إن الطلب الذي وجهه الفريق النيابي لحزب الاستقلال إلى وزارته من أجل مناقشة الوضعية المهنية والمالية للقناة وجه للعنوان الخطأ، لأن مسؤوليته تنحصر في مراقبة احترام دفاتر التحملات (الشروط)، وإنه لا علاقة له بالجوانب المالية للقناة لأن الدولة تساهم فيها عبر مؤسسات أخرى ومنها صندوق الإيداع والتدبير، الذي تشرف عليه وزارة الاقتصاد والمالية. واستفاض الخلفي في شرح المقتضيات القانونية التي تضمن التعددية والحياد في القنوات التلفزيونية سواء من خلال قرارات المجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع، أو من خلال بنود الدستور، أو دفاتر الشروط الخاصة بكل قناة. وأشار الخلفي إلى أن الحجم الزمني الإجمالي المخصص لمداخلات الشخصيات العامة في القناة الثانية في النشرات الإخبارية بلغ خلال الفصل الأول من العام الماضي، حوالي ثماني ساعات و32 دقيقة، إذ بلغت نسبة الحكومة 69.75 في المائة، والغالبية 9.40 في المائة، أما المعارضة البرلمانية فكانت نسبة مداخلاتها أكبر وبلغت 19.10 في المائة، والأحزاب غير الممثلة في البرلمان 1.74 في المائة.

ودعا الخلفي إلى «تجاوز الاختلالات المسجلة في مجال تعزيز التعددية، ونزاهة البرامج واعتماد مبدأ الحياد واحترام حق الرد».