أردوغان يوجه «النداء الأخير» للمتظاهرين.. ويتمسك بالاستفتاء

تركيا للاتحاد الأوروبي: لسنا أوروبيين بنظركم.. فلماذا تهتمون بمتظاهرينا؟

مجموعة من المحتجين ضد رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في حديقة «جيزي» قرب ميدان تقسيم بإسطنبول مساء أمس (أ.ف.ب)
TT

هدأت حدة المواجهات بين الشرطة التركية ومعارضي رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان بعد تناقص أعداد المتظاهرين، وانحسار تجمعاتهم بنقطة واحدة هي حديقة «جيزي» التي وجه أردوغان إلى ناشطيها «نداء أخيرا» بضرورة الانسحاب منها، معلنا أن صبره «قد نفد». وفي المقابل برزت ملامح مواجهة أوروبية - تركية، بعد الانتقادات العنيفة التي وجهها الاتحاد الأوروبي والكثير من دوله إلى الحكومة التركية على خلفية «تعاملها بقسوة مع المتظاهرين».

وقال مصدر قريب من رئيس الوزراء التركي لـ«الشرق الأوسط» إن الانتقادات الأوروبية «مجحفة وغير عادلة»، معتبرا أن فيها الكثير من «التدخل في الشؤون الداخلية». وإذ كرر المصدر أن تركيا «تتعرض لمؤامرة»، رأى أن الأوروبيين يتعاطون بمعيارين مختلفين مع تركيا، معتبرا أن الحكومات الأوروبية المنتقدة «قامت وستقوم» بأفعال مماثلة إن هي واجهت نفس السيناريو. وأشار المسؤول التركي الذي رفض ذكر اسمه إلى أنه «لا يحق للأوروبيين توجيه الانتقادات... فنحن لسنا في الاتحاد الأوروبي، ولسنا أوروبيين بنظرهم، ولهذا ما زالوا يرفضون انضمامنا إلى أوروبا الموحدة».

ورفض وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الانتقادات الأوروبية لتعامل بلاده مع الاحتجاجات، معتبرا أنها «غير مقبولة».

ورد داود أوغلو على البرلمان الأوروبي الذي انتقد الخميس «الإفراط في اللجوء إلى القوة» من قبل الشرطة ضد المحتجين، و«رفض» رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان العمل من أجل مصالحة في بلده. وقال وزير الخارجية التركي إن هذه الانتقادات «غير مقبولة».

إلى ذلك واصل مئات المتظاهرين الأتراك اعتصامهم في ميدان تقسيم في إسطنبول، رافضين اقتراح أردوغان إجراء استفتاء بشأن خطط تطوير حديقة «جيزي». وكتبت صحيفة «ستار» الموالية للحكومة في صفحتها الأولى عنوانا يقول «الاستفتاء هو المخرج»، بينما وصفت صحيفة «جمهوريت» المنتقدة لأردوغان الاقتراح بأنه «لعبة الاستفتاء».

ووجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «إنذارا أخيرا» إلى المتظاهرين كي يخلوا على الفور حديقة «جيزي» في إسطنبول التي شكلت شرارة الاحتجاجات على الحكومة التي تهز تركيا منذ أسبوعين. وصرح أردوغان: «حافظنا على صبرنا حتى الآن لكن صبرنا بدأ ينفد. أوجه إنذاري الأخير: أيتها الأمهات والآباء، الرجاء سحب أبنائكم من هناك»، وقال في كلمة في أنقرة أمام رؤساء البلدية المنتمين إلى حزبه العدالة والتنمية المنبثق من التيار الإسلامي: «لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك لأن حديقة (جيزي) ليست ملكا للقوى التي تحتلها. إنها ملك للجميع». وتابع: «أدعو إخواني المدافعين عن البيئة: لا تجعلونا نشعر بالحزن لفترة أطول. دعونا ننظف حديقة (جيزي) لإعادتها إلى أصحابها الشرعيين (...) سكان إسطنبول».

وفي خطابه أكد أردوغان عزمه على استشارة سكان إسطنبول حول المشروع المتعلق بساحة تقسيم وحديقة «جيزي» التي كان نبأ هدمها الشرارة التي ساهمت في اندلاع المظاهرات في 31 مايو (أيار). وقال ردا على المتظاهرين الذين أكدوا أن الاستفتاء لن يكون قانونيا: «يمكن للبلدية استشارة سكانها على مستوى إقليم بيوغلو (حيث تقع الحديقة) أو مدينة إسطنبول، ليس هناك أي عقبة قانونية».

وكان نائب رئيس الحزب الحاكم حسين جيليك طالب المحتجين في الحديقة بمغادرتها فورا، لكنه قدم خلال المؤتمر الصحافي تنازلا وعرض إجراء استفتاء على مشروع تطوير الميدان الذي فجر الاحتجاجات. ووقفت شرطة مكافحة الشغب التركية الليلة الماضية على أطراف ميدان تقسيم ترقب الحشود وأخذ بعض المحتجين يغنون ويرقصون بينما وقف آخرون يصفقون لعازف بيانو وضع آلته في منتصف الميدان. وقال جيليك في مؤتمر صحافي في أنقرة بعد اجتماع رئيس الوزراء التركي مع مجموعة من الشخصيات العامة التي لها صلة بالاحتجاجات: «الحكومة لا تستطيع أن تقبل استمرار هذه الاحتجاجات إلى الأبد». وأضاف: «أصحاب النيات السيئة أو من يسعون للاستفزاز والبقاء في الحديقة سيواجهون الشرطة»، لكن ممثلا للمتظاهرين قال إن اقتراح رئيس الوزراء التركي «ليس قانونيا ولا مرغوبا فيه». وقال تيفون كهرمان من حركة «تضامن تقسيم»، أكبر تنسيقية للمتظاهرين في الموقع: «هناك أصلا قرار قضائي أوقف الأشغال في الحديقة. في هذه الظروف إن إجراء مشاورة شعبية للبت في مصير الحديقة ليس قانونيا». وأكد أن «الشروط لم تتحقق» لتنظيم مثل هذا الاستفتاء، إذ إن القانون التركي ينص على أن اللجوء إلى الاستفتاء لا يتم إلا في إطار إصلاحات دستورية».

ورأى أمس وزير الداخلية التركي معمر غولر أن احتلال حديقة «جيزي» في إسطنبول «ينبغي أن يتوقف سريعا». وقال: «إن احتلال حديقة (جيزي) لا يمكن أن يدوم. منذ الأول من يونيو (حزيران) تحتل مجموعات مكانا عاما وتمنع الآخرين من الدخول إليه، يجب أن يتوقف كل ذلك قبل أن يسبب مزيدا من التوتر». وتابع: «اتخذنا الإجراءات الأمنية اللازمة. الشرطة مستعدة يوميا لإعادة النظام وضمان الأمن».