مصريون يخزنون الوقود والغذاء خوفا من نفادها جراء مظاهرات «30 يونيو»

أزمة السولار تتصاعد وتصيب القاهرة بالشلل

مصريون يتدافعون بإحدى محطات البترول للحصول على قدر من الوقود أمس في ظل أزمة حادة تضرب كل محافظات مصر (رويترز)
TT

ظل نور صبرة (37 عاما)، موظف حكومي، واقفا لساعات في طابور طويل أمام إحدى محطات الوقود بحي شبرا (شمال القاهرة) بمصر لتعبئة سيارته، ويتوقع أن يتكرر معه نفس المشهد في كل مرة يحتاج فيها للبنزين.. لكن الأزمة لم تعد تتعلق بالوقود، بعد أن بدأ المصريون في القاهرة وعدة محافظات يتسابقون على تخزين المواد الغذائية، بينما يلجأ آخرون لسحب رواتبهم ومدخراتهم من ماكينات الصراف الآلي التابعة للبنوك، خوفا من نفادها مع اقتراب مظاهرات يوم 30 الشهر الحالي، الداعية لرحيل نظام الرئيس محمد مرسي.

وفي مناطق عديدة في المحافظات المصرية نقلت قنوات التلفزة طوابير طويلة لسيارات وشاحنات في انتظار دورها للتزود بالوقود. وتسببت الأزمة في نشوب مشاجرات وأودت بحياة مواطنين، وسط نفي من الحكومة لأي نقص في الطاقة، واتهامات من المسؤولين للمواطنين بعدم تقدير «المسؤولية» والركون للشائعات التي يتم ترويجها في محطات الوقود.. بينما هدد مواطنون بالتصعيد، وقطع الطرق الرئيسة في القاهرة والمحافظات.

وتسبب نقص الوقود في إصابة حركة المواصلات بالشلل التام، وشهدت مواقف سيارات الأجرة الرئيسة في القاهرة والمحافظات إضرابا جماعيا للسائقين، وقطع محتجون آخرون الطرق، وسادت حالة من الفوضى والارتباك المروري والزحام الشديد في الشوارع، وأغلق السائقون محطات الركوب أمام المواطنين ومنعوا مرور السيارات.

ويقول الموظف صبرة بعد ساعات من الانتظار في محطة الوقود: «الحياة هكذا أصبحت لا تطاق». ويتشابه شعوره مع مخاوف مواطنين كثيرين من يوم 30 يونيو، مما دفعهم إلى تخزين المواد الغذائية الضرورية خشية تعطل الأعمال التجارية ووسائل المواصلات، على غرار ما حدث خلال أيام «ثورة 25 يناير» التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011.

ودعت قوى ثورية وأحزاب معارضة للتظاهر ضد الرئيس مرسي في الذكرى السنوية الأولى لتوليه منصبه في 30 يونيو (حزيران) الحالي، لمطالبته بالرحيل عن السلطة هو وجماعة الإخوان المسلمين الحاكمة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وتضيف أمينة عبد الحميد (32 عاما) وهي ربة منزل، أنها «اشترت حاجات منزلها من السلع التموينية لتتمكن من إطعام أسرتها المكونة من أربعة أفراد إذا أغلقت المتاجر والمحال التجارية أثناء المظاهرات المرتقبة»، مشيرة إلى أن أقاربها يفعلون ذلك أيضا «تحسبا لأي ظروف، كما يقومون بسحب مبالغ مالية من البنوك، خوفا من غلقها حال حدوث أحداث عنف في الشارع».

ويوضح محمد عبد الحميد (35 عاما) محاسب في شركة محلية، أنه انتظر في الصف أمام محطة الوقود ست ساعات، وأضاف أنه تردد على «ماكينة الصراف الآلي» بأحد البنوك أكثر من 3 مرات لسحب مبالغ مالية تكفي عائلته المكونة من 5 أفراد، قائلا: «أدركنا ما حدث قبل تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، واستفدنا من درس غلق البنوك والمتاجر وتوقف الحياة بشكل كامل، بسبب حظر التجوال طوال الـ18 يوما من عمر انتفاضة يناير عام 2011».

ويسكن المحاسب عبد الحميد في حي مصر الجديدة بالقرب من قصر الرئاسة (شرق القاهرة)، ولا يختلف حاله كثيرا عن حال فرج محمد، صاحب محل مواد غذائية بمصر الجديدة، قائلا: «أخشى على متجري من يوم 30 يونيو، وقررت وجميع أصحاب المحال غلق محلاتنا من يوم غد (الجمعة)، تحسبا لأي أحداث عنف في محيط قصر الاتحادية الرئاسي».

ويتابع بنبرة حزن: «نخاف من توقف الحال من جديد.. أسر كثيرة اشترت كميات من المواد الغذائية تحسبا لأي ظروف».

ومن حي مصر الجديدة لمنطقة وسط القاهرة وميدان التحرير (مفجر ثورة 25 يناير)، قالت منى وجدي (25 عاما)، عاملة في أحد المحال التجارية: «حصلنا على إجازة يوم 30 يونيو، وأغلب المحال سوف تغلق أبوابها»، لافتة إلى أن «السوق التجارية بوسط القاهرة شهدت رواجا شديدا طول الأيام الماضية، لشراء احتياجات شهر رمضان، تحسبا لغلق المحال خلال الأيام المقبلة».

من جهتها، تقول السلطات الرسمية إنه لا داعي للقلق المبالغ فيه من جانب قوى معارضة، وقللت في الوقت نفسه من أي مخاطر على البلاد من مظاهرات يوم 30 يونيو، قائلة إن الدولة تكفل التظاهر السلمي وسيتم مواجهة أي خروج عن السلمية بالقانون. كما قللت من مشكلة نقص الوقود على لسان عدد من الوزراء. ونفى وزير التموين والتجارة الداخلية، باسم عودة، أمس، وجود أزمة في الطاقة، قائلا في مقابلة له بالتلفزيون الرسمي إن «أزمة السولار انتهت ولا نقص في البنزين، والدولة تسير في خطوات جادة لحسم مشكلة تهريب السولار».

ومن جانبه قال وزير البترول شريف هدارة إن «الزحام على محطات البنزين جاء نتيجة الشائعات التي يتم ترويجها وعدم الاطمئنان من قبل المواطنين لتوفير كميات الوقود»، مضيفا أن «المحطات تعمل وأن متوسط كمية السولار التي يتم ضخها يوميًا 35 ألف طن».