سوزان رايس تودع الأمم المتحدة وتؤكد تصميم بلادها على دعم «القوى السورية المعتدلة»

قالت إن تقاعس مجلس الأمن فضيحة أخلاقية واستراتيجية سيحاسب التاريخ المسؤولين عنها

TT

قبل أن تترك منصبها سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، هاجمت سوزان رايس تقاعس مجلس الأمن في اتخاذ قرار لوقف الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من عامين واعتبرته «وصمة عار في جبين المجلس، فضيحة أخلاقية واستراتيجية سيحاسب التاريخ المسؤولين عنها بقسوة».

وخلال لقائها بالصحافيين أول من أمس بمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية، أعربت رايس عن أسفها لفشل المنظمة الدولية على فعل المزيد لإيقاف سفك الدماء في سوريا، مضيفة: «أنا نادمة بشكل خاص على إخفاق مجلس الأمن في التصرف بشكل حاسم فيما يتعلق بسوريا، وأعتقد أنه وصمة عار على جبين هذه المنظمة، خصوصا أن هناك أكثر من 90 ألف قتيل وملايين النازحين واللاجئين».

وفي سؤالها حول مسؤولية الولايات المتحدة في إخفاق مجلس الأمن في مواجهة الأزمة السورية قالت رايس: «لا أعرف كيف يمكن ربط ذلك بفشل في السياسة الأميركية أو القيادة الأميركية خصوصا أن الأغلبية من الدول الأعضاء في مجلس الأمن كانت مستعدة للمضي قدما في إصدار القرارات الثلاثة وواجهت قرارات النقض من جانب روسيا والصين رغم أن تلك القرارات لم تحتو على عقوبات أو على استخدام القوة، وقد أصبنا بالشلل ولا أعرف تحت أي ظرف من الظروف يمكن أن نعزو ذلك إلى فشل السياسة الأميركية أو قيادة الولايات المتحدة».

ووجهت رايس انتقادات لكل من روسيا والصين لاستخدامهما حق النقض لإجهاض 3 قرارات داخل مجلس الأمن كان تمريرها والموافقة عليها ستزيد الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد، ودافعت في نفس الوقت عن العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا واعتبرتها «معقدة ومتعددة الأوجه» وشددت على أنه من غير الضروري أن تتأثر العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بسبب هذا الموقف.

وفي سؤال حول إقدام الولايات المتحدة على تسليح المعارضة السورية والدور الذي ستقوم به خلال عملها كمستشار للأمن القومي أوضحت رايس أن الولايات المتحدة تمضي لزيادة الدعم للقوي المعتدلة والشرعية داخل المعارضة السورية واعتبرته «خطوة هامة إلى الأمام» وأعربت عن أملها في أن يتمكن الشعب السوري في نهاية المطاف من رسم مستقبله.

وأشارت رايس إلى أن منصبها سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة كان «أفضل وظيفة شغلتها» ووصفت الفترة التي أمضتها في المنظمة الدولية (4 سنوات ونصف) بأنها كانت «فترة رائعة» شابها بعض الإحباط في بعض الأحيان وقالت: «أنا فخورة بما حققناه معا هنا» وأشارت إلى أن عملها منذ يناير (كانون الثاني) 2009 كانت فترة تعهدت خلالها الولايات المتحدة لتحسين العلاقات مع الحلفاء وبناء شراكات جديدة وممارسة قيادة أميركية بشأن القضايا التي تهم الولايات المتحدة.

وستتنقل رايس من نيويورك إلى واشنطن لتتولي منصبها الجديد مستشارة للرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون الأمن القومي في 1 يوليو (تموز) القادم، وهو منصب له أهمية كبيرة وسيسمح لرايس بالمشاركة بشكل كبير في رسم السياسة الخارجية الأميركية من داخل البيت الأبيض.

وقد تولت رايس خلال عملها بالخارجية الأميركية في إدارة الرئيس كلينتون مسؤولية مكتب أفريقيا وواجهت في تلك الفترة مشكلة الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. وصرحت رايس في ذلك الوقت قائلة «أقسمت لنفسي إذا واجهت مثل هذه الأزمة في أي وقت فإنني سوف أقف وأقوم بعمل حاسم، وسوف أدخل إلى أتون النيران إذا تطلب الأمر» وهو ما يجعل كثيرا من المحللين يتساءلون عن الدور الذي ستقوم به رايس في عملها الجديد في البيت الأبيض وهل يمكن أن يقود إلى دور أكثر نشاطا للولايات المتحدة في سوريا خاصة مع الفظائع المروعة التي تتحدث عنها التقارير عما يحدث في سوريا.

وأشار المحلل السياسي جيفري غولدبرغ أنه ليس من المحتمل أن تدفع رايس إلى تغييرات ملحوظة في سياسة الولايات المتحدة حول سوريا وقال إن «دعاة التدخل الأميركي في الصراع في سوريا الذين تفاءلوا بقدوم سوزان رايس إلى منصب مستشار الأمن القومي، سيصابون بخيبة أمل عندما يرون أنها لن تقدم على تغييرات إزاء سياسات الولايات المتحدة تجاه سوريا وأنها ليست متحمسة إزاء قرارات مثل فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا» وقال مارك لينش أستاذ السياسة الخارجية بجامعة جورج تاون إن التحديات التي تواجه الإدارة الأميركية لا تتعلق بأيديولوجيات داخلية في البيت الأبيض لكنها تتعلق بشكل أساسي في الخيرات غير المشجعة أمام الولايات المتحدة في تعاملها مع الملف السوري» وشدد ألا يتوقع أحد أن تندفع سوزان رايس أو سامنانتا باور إلى الدفع بقرار لتدخل عسكري في سوريا.

من جانب آخر، انتقد مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري تجاهل الأمانة العامة للأمم المتحدة أن دمشق هي التي بادرت بالتقدم بطلب للتحقيق في استخدام السلاح الكيماوي في خان العسل في حلب وأنها ترحب بوصول فريق التحقيق برئاسة اكي سليستروم. وشدد الجعفري خلال مؤتمر صحافي، أول من أمس، عقب اجتماع لمجلس الأمن على أن الحكومة السورية قدمت طلبا للتحقيق في الحادث بعد وقوعه بساعات وقال: «الحكومة السورية قدمت طلبا للتحقيق بعد ساعات من الحادث وتم مناقشته في مجلس الأمن وبعد ذلك قام الوفدان البريطاني والفرنسي خلال المفاوضات المغلقة بإثارة أمور أخرى مرتبطة بأماكن ومواقع أخرى ادعوا استخدام الأسلحة الكيماوية فيها.