الأميركيون يضعون جدولا زمنيا أقصاه خمسة أشهر لقلب موازين القوى على الأرض

تقارير صحافية تشير إلى تزويد واشنطن المعارضة السورية ببنادق كلاشنيكوف وصواريخ مضادة للدبابات تعود إلى حقبة الحرب الباردة

TT

أشارت تقارير إخبارية أميركية إلى أن الإدارة الأميركية أعطت الضوء الأخضر لإرسال شحنات أسلحة تتضمن ذخيرة وبنادق كلاشنيكوف وصواريخ مضادة للدبابات، تعود إلى حقبة الحرب الباردة، للمعارضة السورية الساعية إلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وأضافت التقارير أن واشنطن تعمل على حث حلفائها الأوروبيين، وخصوصا فرنسا، على دعم الجيش الحر بإرسال مزيد من العتاد العسكري.

ووفقا لمسؤولين أميركيين رفيعي المستوى فإن الأمر سيستغرق ما بين 4 إلى 5 أشهر لتسليح المعارضة السورية بما يكفي من الأسلحة لإحداث تغيير له مغزى ضد قوات الأسد وحلفائه من ميليشيات حزب الله اللبناني. وتقول التقارير الإخبارية إن وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» بدأت في تخزين الأسلحة في وقت مبكر من قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما تسليح المعارضة.

وستعتمد الإدارة الأميركية على تقارير من الـ«سي آي إيه» للتمييز بين جماعات المعارضة السورية ومعرفة الجماعات المعتدلة منها من الجماعات التي ترتبط بروابط مع منظمات إرهابية. وتعد هذه التقارير العمود الفقري للنهج الذي تتبعه الولايات المتحدة في توصيل الأسلحة للمعارضة المعتدلة.

ووفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية فإن شحنات الأسلحة تصل إلى شبكة سرية من المستودعات في الأردن. وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تسعى لأن تكون الأسلحة في متناول المعارضة السورية المسلحة خلال شهر للرد على هجوم نظام الرئيس بشار الأسد المتوقع في شهر أغسطس (آب) القادم.

وأشارت الصحيفة إلى أن إرسال تلك الشحنات من الأسلحة يستغرق 3 أسابيع، إضافة إلى أسبوعين تحتاج إليهما الـ«سي آي إيه» لتدريب مقاتلي الجيش الحر على استخدام تلك الأسلحة. وتتضمن الخطة أيضا تدريب المعارضة السورية على استخدام أجهزة اتصالات متطورة.

وقال مسؤول مكافحة الإرهاب بالإدارة الأميركية إن جماعة النصرة استطاعت ضم الآلاف المقاتلين خلال العام الماضي، وسيكون على الإدارة الأميركية العمل لتقليل نفوذها واتباع تدابير حذرة للتأكد من عدم وصول تلك الأسلحة إلى مقاتلين لا يرتبطون بتنظيم القاعدة. وأوضح مسؤولون أن الاستخبارات الأميركية وضعت «خطة متقنة» لفحص المعارضة السورية، لكنهم أقروا بصعوبة الحصول على معلومات موثوقة عن خلفيات مقاتلي المعارضة السورية.

وتأتي خطوة تسليح المعارضة بعد فترة من التردد من جانب الولايات المتحدة خوفا من سقوط الأسلحة في أيدي «إرهابيين». لكن الإدارة الأميركية اتخذت القرار بتسليح المعارضة بعد أن تأكدت من قيام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المعارضة. وهو ما اعتبرته إدارة الرئيس أوباما «عبورا للخط الأحمر وتغييرا في قواعد اللعبة». وأسرعت الإدارة الأميركية في تلك الخطوة بعد تحقيق النظام السوري انتصارا عسكريا كبيرا في القصير بمساعدة إيران وميليشيات حزب الله.

وتقدر الإدارة الأميركية عدد مقاتلي حزب الله في سوريا ما بين 2500 إلى 4000 مقاتل. كما تزايدت التحذيرات من اتساع نطاق الحرب إلى دول الجوار، وتزايد أعداد اللاجئين في تلك الدول. من جانب آخر يبحث القادة في وزارة الدفاع الأميركية سبل زيادة المساعدات الأمنية والعسكرية لكل من لبنان والعراق.

ورفض وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل تقديم معلومات حول خطط الولايات المتحدة لتوفير الأسلحة للمعارضة السورية، مكتفيا بالقول إن الجيش الأميركي ليس له دور حتى الآن في هذا البرنامج. واعترف وزير الدفاع بأن تقديم المساعدات العسكرية يثير عددا من التحديات. وقال: «سيكون علينا التأكد من أن المساعدة التي نقدمها للمعارضة السورية تصل إلى الأشخاص المناسبين، وهذا ليس قرارا يمكن الإجابة عنه بسرعة، إنها عملية مستمرة من التقييم».

ويوجد في الأردن حاليا نحو ألف جندي من القوات الأميركية التي شاركت في تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات الأردنية الشهر الماضي عرفت باسم «الأسد المتأهب»، وبقيت القوات الأميركية بالأردن تحسبا لامتداد الحرب من سوريا إلى الأردن التي يوجد بها أكثر من نصف مليون لاجئ سوري. وقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية الإبقاء على صواريخ باتريوت وصواريخ إف 16 في الأردن مما أثار تكهنات بأن الولايات المتحدة قد تفكر في إقامة منطقة حظر طيران في سوريا. لكن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي، الذي وافقت الإدارة الأميركية على تمديد عمله لعامين بعد موافقة مجلس الشيوخ، قال للصحافيين إن فرض منطقة حظر طيران لن يقلل من إراقة الدماء وإن القوات الجوية السورية مسؤولة عن قتل عدد قليل من الضحايا. وقال: «إذا اخترنا فرض منطقة حظر طيران فهذا يعني عملا من أعمال الحرب، وأود أن أفهم خطة إقامة السلام قبل أن نعلن شن الحرب». وأشار ديمبسي إلى أن فرض منطقة حظر طيران يتطلب قرارات صعبة في وقت يتم فيه تقليص الميزانيات وترتيب الأولويات العسكرية الأميركية وسط استفزازات من كوريا الشمالية ومن إيران، وفي وقت يتم التخطيط لسحب القوات الأميركية من أفغانستان.

لكن قرار تسليح المعارضة والخطط لتوفير أسلحة دفاعية لقوي المعارضة السورية يبقى موضع خلاف ونقاش داخل أروقة الكونغرس الأميركي. ويدور جدل ونقاش حاد حول الكيفية التي يجب على الولايات المتحدة أن تواجه بها الأزمة السورية. ويزداد النقاش سخونة بين الأعضاء الجمهوريين الذين يرون أن إدارة الرئيس أوباما لم تفعل ما يكفي لحماية السوريين، والأعضاء الديمقراطيين الذين يرون أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تتورط في حرب مرة أخرى.

ويحتاج البيت الأبيض إلى موافقة الكونغرس وعدة لجان داخلية لتمويل خطة تتطلب تكلفة مالية للإنفاق على نشاطات وكالة الاستخبارات المركزية. وقد رفض مجلس النواب الأسبوع الماضي اقتراح الإدارة الأميركية لتسليح المعارضة، رافضا تمويل الخطة حتى يعرض البيت الأبيض ماهية الإجراءات التي قد تتخذها الولايات المتحدة داخل منظمة الأمم المتحدة ومع شركائها الأوروبيين، والإجراءات التي قد تدفع لفرض منطقة حظر طيران. وقال النائب جيم انجيفين عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب: «نريد أن نتأكد من أننا نعرف ما هي نهاية اللعبة، ونريد أن نتأكد من أنها استراتيجية صحيحة، ونحن ندعم جهود الرئيس لمواصلة الضغط على نظام الأسد ودعم المعارضة، لكن علينا الاستمرار في طرح الأسئلة الصعبة لأننا لا نعرف من هم المقاتلون في صفوف المعارضة السورية، وعلينا التنسيق مع الحلفاء والدول المحيطة في المنطقة حتى لا يصبح ذلك جهدا من الولايات المتحدة فقط».

وتقدم السيناتور الجمهوري راند بول بالتقدم بمشروع لفرض حظر على إدارة الرئيس أوباما من استخدام أي أموال قد يحتاج إليها لتمويل أنشطة تورد الولايات المتحدة في الصراع الدائر في سوريا بعد أن اختارت الإدارة الأميركية تسليح المعارضة سرا من خلال وكالة الاستخبارات المركزية بما يقيد من الإعلان عن تفاصيل تلك العمليات ويجعل في إطار سري لوكالة الاستخبارات.