سنودن العالق من دون جواز في موسكو بات القضية الأولى لدول عدة

دعوات روسية لمنحه اللجوء.. وفنزويلا تلتحق بالإكوادور في عرض استضافته

رجل يشاهد لوحة مواعيد الرحلات في مطار شيرميتييفو بموسكو أمس (رويترز)
TT

بات إدوارد سنودن، الشاب الأميركي العالق من دون جواز في موسكو والمطلوب من قبل حكومة بلاده بتهمة التجسس، القضية الأولى لعدة دول. ورغم مرور ستة أيام على وجوده في منطقة الترانزيت بمطار شيرميتييفو، فإن وجهته التالية صارت غير معروفة، خصوصا بعدما قالت الإكوادور إن دراسة طلبه للجوء السياسي لديها قد تطول.

ولم يشاهد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية، والمسؤول عن احد أكبر اختراق للاستخبارات الأمنية الأميركية في تاريخ الولايات المتحدة، منذ وصوله إلى موسكو من هونغ كونغ الأحد، وتقول روسيا إنه لا يزال في قاعة الترانزيت في مطار شيرميتييفو. ونقلت وزارة الخارجية الروسية عن الوزير سيرغي لافروف قوله إن سنودن «لم ينتهك القانون الروسي، ولم يعبر الحدود، وهو في قاعة الترانزيت في المطار ويمكنه أن يسافر إلى أي مكان يريده». لكن الولايات المتحدة سحبت جواز سفره، وتمارس الضغط على موسكو لتسليمها إياه. وقال موقع «ويكيليكس» الذي يساعده إنه يمكن أن يعلق في روسيا «بشكل دائم».

ويوفر رئيس الإكوادور اليساري رافائيل كوريا المأوى لمؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج في سفارة بلاده في لندن والتي لجأ إليها خشية تسليمه إلى السويد التي تنتظره فيها محاكمة بدعاوى الاعتداء الجنسي. وقال مسؤول بارز في وزارة الخارجية الإكوادورية غالو غالارزا للصحافيين «لم يتم تقديم أي جواز سفر أو أي وثيقة إلى أي قنصلية إكوادورية». وصرح وزير خارجية الإكوادور ريكاردو باتينو في وقت سابق خلال زيارة إلى ماليزيا بأن قرار منح سنودن اللجوء قد يستغرق عدة أسابيع. إلا أنه تراجع في ما بعد وكتب على موقع «تويتر» أن الصحافيين أساءوا تفسير تصريحاته، وأن قرار منح اللجوء إلى سنودن «يمكن أن يستغرق يوما واحدا أو أسبوعا، أو شهرين كما هو الحال مع أسانج». ودخلت فنزويلا على خط قضية سنودن أيضا، وصرح رئيسها نيكولاس مادورو الأربعاء بأن كاراكاس قد تمنح سنودن اللجوء السياسي «بشكل شبه مؤكد» إذا طلبه.

وفي روسيا، البلد الأقرب إلى سنودن الآن، تباينت ردود الفعل حول كيفية التعامل مع الشاب المطلوب للولايات المتحدة. ففيما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين أن سنودن لم يتقدم بطلب منحه حق اللجوء السياسي، وأنه لم يخالف أيا من القوانين الروسية بما يستطيع معه البقاء في مطار موسكو إلى حين تقرير مشكلته، أعلنت مصادر مجلس الاتحاد الروسي عن قراره حول إنشاء مجموعة عمل للتحقق من قانونية وضعيته برئاسة روسلان غاتاروف عضو المجلس عن مقاطعة تشيليابينسك. وقال غاتاروف إن «سنودن الآن في وضع حرج»، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في هذا الشأن وتقديم تقرير واف إلى البرلمان. كما دعت فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة مجلس الاتحاد، أعضاء المجلس إلى دعم هذه المبادرة والبدء في تشكيل مجموعة العمل التي اقترحها غاتاروف. وكان عدد من أعضاء مجلس حقوق الإنسان لروسيا الاتحادية والتابع للرئيس الروسي أعلن عن توجه يقول بضرورة التفكير في احتمالات منح سنودن حق اللجوء السياسي في روسيا على اعتبار أن ما قام بتسريبه من وثائق لا يتعلق بالأمن القومي الأميركي بقدر ما يتعلق بضرورة حماية المقدرات الإنسانية وفي مقدمتها الحفاظ على حقوق الإنسان وأحقيته في الاحتفاظ بأسراره وتفاصيل تعاملاته. وأشارت المصادر إلى أن ما أعلنه سنودن حول التجسس على قادة الدول الثماني الكبرى، ومنهم الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف في عام 2009 في لندن، يشكل سابقة خطيرة يجب أن تهتم بها موسكو شأن برلين التي قالت إنها تعكف على دراسة تبعات هذه القضية.

ونقلت صحيفة «فيدومستي» الروسية عن فيدور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة «روسيا في السياسة العالمية» المعروف بعلاقته القريبة من الكرملين، تصريحاته بأن «موسكو يمكن أن يلحق بها العار في حال موافقتها على تسليم سنودن إلى الولايات المتحدة وهو الذي أصبح بطلا في نظر ما يقرب من نصف سكان العالم. ولذا فإن فترة إقامته في مطار موسكو يمكن أن تمتد إلى الوقت اللازم لتدبير ملجأ آمن أو البحث عن البلد الذي يمكن أن يكون قادرا على مواجهة الولايات المتحدة، مما يعني أن الفترة ستمتد طويلا».

وكان من المتوقع أن يغادر سنودن موسكو على متن طائرة متوجهة إلى كوبا، إلا أنه بقي في مطار موسكو. وقال موقع «ويكيليكس» على «تويتر» إن «إلغاء جواز سفر سنودن والضغط على الدول الأخرى يمكن أن يضطر سنودن إلى المكوث في المطار بشكل دائم».

بدوره، صرح الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس بأنه لم يتصل بالرئيسين الصيني تشي جينبينغ أو الروسي فلاديمير بوتين بشأن مسألة سنودن. كما أكد أوباما، من داكار التي يزورها في إطار جولة أفريقية، أنه لن يأمر باعتراض أي طائرة تقل سنودن في حال مغادرته روسيا. وقال «لن آمر بخروج طائرات مقاتلة للامساك بقرصان إنترنت في الـ29 من العمر».

لكن رغم تصريح أوباما هذا فإن أعضاء في الكونغرس الأميركي هددوا الإكوادور بخسائر تجارية في حال منحها اللجوء إلى سنودن. وتعهد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، الديمقراطي روبرت منيندز، بقيادة جهود عرقلة الامتيازات التعريفية للإكوادور في السوق الأميركية، والتي تقدر قيمتها بمئات ملايين من الدولارات، وتوفر الآلاف من فرص العمل في إكوادور. وقال منيندز «لن تكافئ حكومتنا الدول على السلوك السيئ». وأضاف أن الامتيازات التجارية تمنح إلى الدول، وهي ليست حقا من حقوقها. وكانت سفارة الإكوادور في واشنطن سعت في الآونة الأخيرة لتمديد بعض تلك الامتيازات التي تنتهي في أواخر يوليو (تموز).

وكانت الحكومة الأميركية قد طالبت بإبعاد سنودن منذ اليوم الأول الذي وصل فيه إليها على متن طائرة قادما من هونغ كونغ. وجددت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، كاتلين هايدن، طلبها لروسيا باتخاذ إجراء لطرد سنودن «من دون تأخير، ولتعزيز التعاون القوي بيننا في مجال تنفيذ القانون، وبخاصة منذ تفجير ماراثون بوسطن»، في إشارة إلى دور شقيقين هاجرا من روسيا إلى الولايات المتحدة، واتهما بتنفيذ التفجير، وتعاونت روسيا، وقدمت معلومات مكثفة عنهما إلى الشرطة الأميركية. وفي الوقت نفسه استغل نواب جمهوريون موضوع سنودن لتصوير الرئيس باراك أوباما على أنه «زعيم غير كفء في السياسة الخارجية»، وقالوا إن روسيا تستغل الولايات المتحدة في موضوع سنودن. ودعا السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين، إلى إعادة «تقييم عميقة» للعلاقات مع روسيا. وندد أعضاء في الكونغرس بموقف بوتين، وقالوا إنه سيكون له تأثير على العلاقات بين البلدين.