كيري يؤكد نجاح «الدبلوماسية المكوكية».. و«استئناف المفاوضات» أصبح في متناول اليد

أبقى فريقه المساعد ووعد بالعودة إلى الشرق الأوسط لإنهاء القضايا العالقة

جون كيري يعبر عن سعادته بالتقدم الذي أحرز في ملف استئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

اختتم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، دبلوماسيته المكوكية بين العاصمة الأردنية عمان والقدس، والتي استمرت 4 أيام، بالقول إن «الهوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد ضاقت إلى حد كبير، وأصبح استئناف المفاوضات أمرا في متناول اليد».

وقال كيري، في مؤتمر صحافي عقده في مطار تل أبيب بعد ظهر أمس، إن النجاح كان حليفه، مضيفا: «إنني سعيد بأن أزف لكم أن تقدما كبيرا قد حصل في المحادثات، والخلافات بين الطرفين تقلصت إلى أدنى حد لها. وبعد المزيد من الجهود الطفيفة، سنحقق الاختراق المنشود». وأصر كيري على بث روح التفاؤل حول جولته، فقال: «لو لم أكن واثقا من أن هذا ممكن، ما كنت قد باشرت هذه الجهود في الأصل».

وأبقى كيري وفدا من مساعديه لمواصلة المحادثات مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، يضم كلا من فرانك لفنشتاين مستشاره الأول لشؤون الشرق الأوسط، وجونتان شفارتس المستشار القضائي في وزارة الخارجية الأميركية، وأكد أنه سيعود شخصيا إلى المنطقة خلال فترة قصيرة، بناء على طلب الطرفين.

وأضاف كيري أنه لا يجوز إبقاء الوضع الحالي من الجمود، لأنه «لا يوجد لدينا وقت لإضاعته في هذه القضية. فالوقت يعتبر تهديدا للأوضاع على الأرض، إذ إنه يعمق عدم الثقة ويتيح لأعداء السلام أن يؤثروا باتجاهاتهم السلبية ويغلقوا باب الفرص». وأكد أنه يعمل على استئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية دائمة تقود إلى حل الدولتين للشعبين، وهو الحل الذي يريده الغالبية الساحقة من الشعبين. وقال إن هذا السلام هو أكبر ضمان لأمن إسرائيل وللحفاظ على طابعها كدولة يهودية من جهة وأفضل وسيلة ليحقق الشعب الفلسطيني طموحاته في الحرية والاستقلال.

وكان كيري قد أمضى 72 ساعة الأخيرة في المنطقة، كرس 13 ساعة منها لثلاثة لقاءات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، و7 ساعات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقد مدد كيري جولته ليوم رابع، عندما شعر بأن هناك تقليصا جديا للخلافات بين الطرفين، وفقا لمصدر إسرائيلي، لكنه لم يستطع البقاء فترة أطول لالتزامه بحضور مؤتمر القمة الآسيوية.

ووصف مسؤول إسرائيلي طريقة عمل الوزير الأميركي بأنها «أقرب إلى العلاج النفسي منها إلى التفاوض». وأضاف: «إنه بلا شك عمل كثيرا على تحضير دروسه وبات يعرف كل صغيرة وكبيرة عن توازن وصراعات القوى في كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية ونقاط الضعف والقوة عند نتنياهو وعباس. ويستغلها بكل قوته لصالح التقدم في المسيرة».

وقد عقد كيري جلسة طويلة جدا، دامت 6 ساعات ونصف الساعة مع نتنياهو وفريقه، نصفها خصص لنتنياهو وحده. وأنهى الجلسة في الثالثة من فجر أمس، مما أدى إلى تأخير افتتاح جلسة الحكومة الإسرائيلية نصف ساعة، فراح الوزراء يتندرون على رئيسهم: «راحت عليه نومة». وأدلى نتنياهو ببيان مكتوب لافت للنظر، في مستهل الجلسة، إذ قال: «أجريت ليلة أمس وحتى ساعات الصباح المبكرة لقاء ثالثا مع وزير الخارجية كيري بمرافقة زملائي لفريق المفاوضات. إسرائيل مستعدة للدخول في مفاوضات دون تأخير ودون شروط مسبقة. لا نضع أي عراقيل أمام استئناف المفاوضات حول المرحلة النهائية واتفاق السلام بيننا وبين الفلسطينيين وتوجد أمور سنصر عليها بشدة خلال المفاوضات وعلى رأسها الأمن. لن نساوم على الأمن ولن يكون هناك أي اتفاق سيضع أمن مواطني إسرائيل في خطر. وأؤمن وأعتقد أن هذا من الضروري بأن يتم طرح أي اتفاق لو توصلنا إلى اتفاق على الشعب لكي يحسم أمره».

واعتبر أحد وزراء الليكود في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية حديث نتنياهو عن استفتاء الشعب «بمثابة قنبلة سياسية، إذ إنه يعني أن هناك مواقف يتخذها قد تحدث له أزمة في الائتلاف الحكومي وحتى داخل حزبه». وأضاف: «يبدو أنه قرر فعلا الإقدام على خطوات جديدة لتسهيل العودة إلى المفاوضات». واتفق المتحدثون الإسرائيليون والفلسطينيون على تقييم جولة كيري بأنها «لم تحدث اختراقا ولكنها اتسمت بتقدم ملحوظ في شروط العودة إلى المفاوضات». فقال ناطق بلسان نتنياهو، إن الأمور تسير كما يجب، وفقا للسياسة الإسرائيلية التي تصر على رفض الشروط المسبقة، في حين قال مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، د. صائب عريقات، إنه لم تتحقق انفراجة بعد محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري ولكن «قدرا من التقدم قد أحرز».

ويتضح مما تسرب عن هذه المحادثات، أن الفلسطينيين يصرون على شروطهم بأن تبدأ المفاوضات بإعلان عن «حدود 1967 كأساس للدولة الفلسطينية» ووافقوا على مبدأ تبادل الأرض. وهو الأمر الذي ترفضه إسرائيل. ويحاول كيري تحمل مسؤولية الإعلان عن هذا الأمر باسم الولايات المتحدة. وأن إسرائيل تجاوبت مع الطلب الفلسطيني إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية منذ ما قبل اتفاقيات أوسلو عام 1993، لكنها ترفض تنفيذ هذا الوعد قبل بدء المفاوضات وتقترح أن يتم على دفعات وفقا لمستوى التقدم في المفاوضات.

كما وافقت إسرائيل على تجميد جزئي للبناء الاستيطاني. بيد أن الفلسطينيين يصرون على إطلاق سراح الأسرى قبل بدء المفاوضات، ويعمل كيري على التوصل إلى حل وسط، بحيث تبدأ المفاوضات بلقاء قمة يعقد في عمان بحضور الملك عبد الله، ثم يطلق سراح الأسرى، ثم يجلس وفدا المفاوضات.