العالم يخشى «المجهول» في مصر.. واستمرار إجلاء الرعايا وتحذيرات السفر

مرسي نادم على «الإعلان الدستوري» * واشنطن تطلب التحقيق في مقتل أميركي.. وكيري: تحدثت مع البرادعي وموسى وآخرين

أحد ميادين الإسكندرية ظهر أمس حيث احتشد آلاف المعارضين للرئيس المصري مطالبين برحيله في أغلب المحافظات (أ.ب)
TT

في خطوات استباقية خشية تفاقم الموقف في مصر، استمر عدد من الدول الغربية والخليجية، أمس، في إجلاء رعاياها من مصر، مع تحذيرات قوية من السفر إلى مصر حاليا، في ظل غموض الموقف السياسي قبيل بدء أحداث 30 يونيو الداعية لرحيل الرئيس محمد مرسي عن السلطة. وبينما طالبت الخارجية الأميركية السلطات المصرية بالتحقيق في مقتل أحد رعاياها بمدينة الإسكندرية، الجمعة الماضي، ذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية أن مرسي أعرب لأول مرة لوسيلة إعلام ناطقة بالإنجليزية، عن ندمه لإصدار الإعلان الدستوري الذي أعطاه صلاحيات واسعة.. وهو ما أدى إلى تفاقم سوء الفهم بالمجتمع المصري.

وأصدرت، أمس، الحكومة البلجيكية تحذيرا لرعاياها من السفر إلى مصر، داعية المقيمين إلى الحيطة والابتعاد عن مناطق المظاهرات. كما دعت النمسا رعاياها إلى تجب أماكن المظاهرات. وشهدت صالات السفر بمطار القاهرة حالة استنفار، وسط الأجهزة العاملة التي أعلنت حالة الطوارئ، واستمرت عمليات إجلاء رعايا مختلف دول العالم خوفا من تداعيات المظاهرات.

وقالت مصادر مسؤولة بالمطار لوكالة الأنباء الألمانية إن السفارة الأميركية واصلت إجلاء أسر العاملين فيها، حيث غادر عدد منهم على رحلات الخطوط الفرنسية والألمانية و«مصر للطيران» المتجهة إلى أوروبا، كما غادرت أسر بعض العاملين بسفارات دول الخليج العربي، خاصة الكويت والإمارات، إضافة إلى إرسال قطر طائرة خاصة لإجلاء عدد من رعاياها في مصر.

وأضافت أن العشرات من السياح الأجانب اضطروا لقطع زيارتهم لمصر وانتظروا في صالات المطار بحثا عن أماكن لهم على الرحلات المغادرة خوفا من تداعيات الأحداث، وقامت بعض السفارات العاملة بمصر بإرسال مندوبين لها لمتابعة أوضاع رعاياها في المطار، وتقديم المساعدات اللازمة لهم. وشهدت حركة العودة إلى مصر زخما أيضا، حيث زاد عدد المصريين العائدين للمشاركة في التظاهر.

وفي غضون ذلك، طلبت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، من الحكومة المصرية التحقيق في حادث مقتل الطالب الجامعي الأميركي أندرو بوشتر خلال مظاهرات في الإسكندرية، يوم الجمعة الماضي. وقال المتحدث الصحافي في الخارجية بيلي درو: «نتوقع من المسؤولين في مصر إجراء تحقيق شامل وسريع»، وأضاف: «نتقدم بأحر التعازي إلى أسرة الفقيد، وأصدقائه وزملائه. ونحن نواصل تقديم المساعدة القنصلية المناسبة لنقل الجثمان إلى الولايات المتحدة، ومتابعة الإجراءات اللازمة في مثل هذه الحالة».

وأصدرت عائلة بوشتر (21 عاما) بيانا قالت فيه إنه قُتل بينما كان يشاهد مظاهرة، وإن واحدا من المتظاهرين طعنه بسكين كبير. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إنه نشط في جمعيات للطلاب اليهود في كلية كينون، في غامبير (ولاية أوهايو)، حيث كان سينهي دراسته في الخريف المقبل.

وقالت العائلة إنه سافر إلى مصر ليقضي الصيف هناك، يتعلم مزيدا من اللغة العربية، ويدرّس لتلاميذ مصريين، تتراوح أعمارهم بين سبع وثماني سنوات، اللغة الإنجليزية. وقال أصدقاؤه إنه كان يتحدث بطلاقة اللغة العربية، وإنه كان فخورا بهويته اليهودية. وكان يريد التعرف على الثقافات الأخرى.

من جانبها، قالت صحيفة «غارديان» البريطانية، أمس، إن الرئيس مرسي أعرب، ولأول مرة لوسيلة إعلام ناطقة بالإنجليزية، أنه يأسف لإصداره الإعلان الدستوري، الذي أعطاه صلاحيات واسعة. وأشار إلى أن هذا الإعلان أدى إلى نوع من سوء الفهم في المجتمع.

واستنكر مرسي أن يكون له دور في توسيع قاعدة الاستناد إلى الشريعة الإسلامية في الدستور، قائلا: «لست أنا من غيّر المادة، ولم أتدخل مطلقا في عمل اللجنة التأسيسية للدستور»، مؤكدا أن أتباع «الدولة العميقة» وبقايا النظام السابق هم من الذين يدفعون لـ«البلطجية» من أجل الهجوم على مؤيدين من الإخوان المسلمين، قائلا إنهم يملكون المال الذي حصلوا عليه من الفساد، وإنهم يستخدمونه لإعادة النظام القديم إلى السلطة.

كما أعلن الرئيس المصري رفضه دعوات المعارضة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأكد أنه لن يسمح بأي انحراف عن أحكام الدستور، وأن استقالته المبكرة قد تضعف شرعية من يأتي بعده ما يخلق حالة من الفوضى التي لا نهاية لها. وقال: «إذا ما غيرنا مسؤولا (منتخبا)، وفقا للشرعية الدستورية، فإن آخرين سيعارضون الرئيس الجديد، وبعد أسبوع أو شهر سيطالبونه بالتنحي».

وأضاف مرسي: «لا مجال لحديث يتناقض مع الشرعية الدستورية. ربما يكون هناك مظاهرات وأشخاص يعبرون عن آرائهم. ولكن المهم وسط كل هذا هو تطبيق الدستور، فهذه مسألة حيوية». وذكرت الصحيفة أنها عندما سألته عما إذا واثقا في أن الجيش لن يقدم على السيطرة على حكم الدولة، التي أصبحت الأوضاع فيها خارجة عن السيطرة، أجاب: «جدا».

إلى ذلك، قيمت صحيفة «لوموند» الفرنسية في افتتاحيتها، أمس، نتائج أداء الرئيس المصري خلال العام الذي تولى خلاله مقاليد الحكم، ووصفتها بأنها «كارثية».

وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس المصري عجز على المستوى السياسي عن إرسال الإشارات الصحيحة، وكذلك عن إيجاد «النبرة الصائبة» حتى يجمع من حوله الناس من خارج جماعة الإخوان المسلمين، التي ينحدر منها. كما رأت أنه فشل على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، لأن الحالة الاقتصادية للبلاد أصبحت تمثل موقفا كارثيا كما أن الإخوان المسلمين افتقروا إلى امتلاك أدنى البرامج الاقتصادية.

في الوقت نفسه، قالت الصحيفة إن حركة المعارضة، التي تنحدر بشكل رئيس من معسكر غير المتشددين دينيا، لا تمتلك هي الأخرى برنامجا سياسيا أو اقتصاديا.. واختتمت قائلة إن الشيء الذي جمع هذه المعارضة ضد مرسي هو الخوف من سلوكه طريقا نحو الأصولية الإسلامية.