ميادين مصر تهتف بإسقاط الرئيس.. والجيش يراقب التطورات

الملايين في الشوارع.. والرئاسة دعت للحوار.. ومرسي في مكان مجهول

آلاف المتظاهرين المعارضين للرئيس المصري محمد مرسي خلال احتشادهم أمس أمام قصر الاتحادية الرئاسي بمصر الجديدة (إ.ب.أ)
TT

خرج ملايين المصريين أمس إلى الشوارع والميادين للمطالبة بإسقاط حكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي، وسط ترقب من الجيش، وتحذيره من أي اعتداء على المتظاهرين. ودعت الرئاسة المعارضة للحوار، لكن قادة المعارضة قالوا إن «الوقت متأخر»، وأوضحت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس مرسي الموجود في حماية الحرس الجمهوري، في مكان ما، أجرى اتصالات مع كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس المخابرات، لمتابعة التطورات التي تشهدها البلاد.

ورفع ملايين المصريين الذين خرجوا أمس شعارات تدعو لإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس. ورفع المتظاهرون المناوئون لحكم مرسي بطاقات حمراء مكتوب عليها «ارحل»، وطافوا في مسيرات عبر عشرات الشوارع قبل أن يقرروا الاعتصام في الميادين، وسط انتشار كثيف على مداخل المدن لقوات الجيش والأمن.

وفي المقابل استمر عدة ألوف من أنصار الرئيس مرسي في الاعتصام في منطقة رابعة العدوية القريبة من مقر القصر الرئاسي، شرق القاهرة، بينما اختفى مؤيدوه تقريبا من باقي المحافظات المصرية. ودعا المتحدث باسم الرئاسة المعارضة إلى حوار وطني للعبور بمصر إلى بر الأمان، مشددا على حق التظاهر السلمي للجميع.

وبينما امتلأ ميدان التحرير ومحيط القصر الرئاسي وميادين أخرى في شمال البلاد وجنوبها بملايين من مناوئي حكم مرسي، قللت الرئاسة المصرية من شأن الحشود الضخمة التي ظهرت أمس. وقال متحدث في الرئاسة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس لا يفكر في الرحيل أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مشيرا إلى أن غالبية الشعب المصري يؤيد ما سماه «الحكم الإسلامي»، وأن أنصار الرئيس «مصممون على الدفاع عن الشرعية»، وأن «من جاء بالانتخاب يمشي بالانتخاب، بعد إكمال مدته».

واهتز ميدان التحرير بهتافات «الشعب يريد إسقاط النظام» و«ارحل.. ارحل»، وسط إطلاق الأبواق والصافرات والكروت الحمراء، بينما كانت مكبرات الصوت تذيع الأغاني الوطنية. وانتشرت على نطاق واسع صور للرئيس مرسي وعليها حرف «X»، وصور أخرى لأعضاء في مكتب الإرشاد أعلى سلطة في جماعة الإخوان، مطالبين بإنهاء تسلطهم على البلاد، وعلى رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع. وقال مراقبون إن الحشود التي غص بها ميدان التحرير أمس كانت أكبر من تلك التي تسببت في إسقاط نظام الرئيس السابق مطلع العام قبل الماضي.

وحاصر الآلاف من معارضي الرئيس مرسي قصر الاتحادية الرئاسي، الذي جرى إخلاؤه من الرئيس وأطقم السكرتارية يوم أول من أمس، خوفا على حياة الرئيس، رغم تعلية أسوار القصر وتحصينه بالقوالب الأسمنتية.

ودعت لمظاهرات أمس، حركة تمرد، منذ أواخر أبريل (نيسان) الماضي، وقالت يوم أول من أمس إنها تمكنت من جمع أكثر من 22 مليون توقيع من مواطنين يطالبون بسحب الثقة من الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وانضم لدعوة «تمرد» القوى المعارضة والقوى المدنية وألوف من المصريين الغاضبين. وقال خالد داود المتحدث الإعلامي لجبهة الإنقاذ الوطني التي يقودها الدكتور محمد البرادعي، إن قادة الجبهة شاركوا في مسيرة توجهت من مسجد مصطفى محمود في شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين إلى ميدان التحرير، وإن مسيرات أخرى اتجهت من شبرا ومسجد النور وميدان الحجاز إلى قصر الاتحادية في مصر الجديدة في نفس التوقيت. وتقدمت قيادات من المعارضة عدة مسيرات في طريقها إلى كل من ميدان التحرير ومحيط قصر الرئاسة، من بينهم أحمد البرعي وعمرو حمزاوي.

وقالت مصادر الحكومة المصرية إن الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، تلقى تطمينات من الرئاسة بشأن استمرار حكومته في العمل بعد أن ترددت أنباء رجحت الإطاحة به. ووفقا للمصادر تلقى قنديل اتصالا هاتفيا في وقت لاحق من الرئيس مرسي، للتشاور حول تطورات الأوضاع في البلاد.

وأجرى قنديل اتصالات مع عدد من الأطراف للتشاور حول الموقف الراهن، من بينهم الدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان، ووزير الداخلية محمد إبراهيم، وعدد من المحافظين لمتابعة الموقف أولا بأول، والاطمئنان على الحالة الأمنية وإجراءات حفظ الأمن وحماية المواطنين، مشيرة إلى أن قنديل قام صباح أمس بجولة تفقدية بالعاصمة لضمان سير المظاهرات دون إخلال بالأمن.

وفي تحد للمظاهرات المناوئة للرئيس قام مؤيدو مرسي في منطقة رابعة العدوية بالقاهرة بإجراء تدريبات بدنية على القتال، بالتزامن مع تهديد قادة من التيار الإسلامي بالدفاع عن «شرعية الرئيس» حتى الموت، وسط مخاوف من نشوب حرب أهلية. وفي هذه الأثناء ضبطت قوات الأمن المصري العشرات ممن يعتقد أنهم من الإسلاميين المؤيدين للدكتور مرسي، وهم يحاولون نقل أسلحة من الضواحي إلى القاهرة. وقالت مديرية أمن الإسكندرية إنها تمكنت من القبض على 18 من الجهاديين بحوزتهم أسلحة ورصاص وقمصان واقية من الرصاص. وعرضت محطات تلفزة مصرية خاصة صورا لبطاقات هوية لأشخاص ملتحين قالت إن قوات الأمن ألقت القبض عليهم وصادرت ما معهم من أسلحة وأحالتهم للتحقيق.

وقال المتحدث باسم جبهة الإنقاذ إن «هذا ثاني حادث من نوعه على مدى اليومين الماضيين، بعد أن سبق إلقاء القبض على مجموعة أخرى في المرج شمال القاهرة، قبل يومين، وكان بحوزتهم أسلحة»، لكن زعماء التيار الإسلامي نفوا أن يكون المقبوض عليهم ينتمون لمؤيدي الرئيس. وفي المقابل هاجم مجهولون يعتقد أنهم من المواطنين الغاضبين، مقار لجماعة الإخوان في عدة محافظات، وسط استنكار من الجماعة التي دعت السلطات الأمنية لحماية مقارها. وتقول جماعة الإخوان وأنصارها من قادة التيار الإسلامي إن الذي يحرك المظاهرات ضد حكم الرئيس، مجموعات من أنصار الرئيس السابق حسني مبارك، وأعداء ما يسمونه «مشروع الحكم الإسلامي».

وانتشرت على مداخل المدن وعلى جانبي قناة السويس، قوات من الجيش، كما حلقت في سماء القاهرة وعدة محافظات أخرى طائرات هليكوبتر عسكرية لتأمين المتظاهرين وتم استقبالها بهتافات «الشعب والجيش إيد واحدة». وحذرت مصادر عسكرية من خطورة انتهاج أي فصيل سياسي للعنف، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «مهمتنا حماية الشعب، ولن نسمح بحرب أهلية»، و«على كل طرف أن يتحمل مسؤوليته في حماية البلاد من المخاطر التي تمر بها»، مشيرا إلى تحذير الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، من مغبة انزلاق البلاد إلى نفق مظلم.

وأشارت المصادر إلى أن كلا من الفريق أول السيسي، ورئيس الأركان الفريق صدقي صبحي يتابعان عبر كاميرات الفيديو الأحداث التي تشهدها مصر من غرفة العمليات الرئيسة بمقر هيئة عمليات القوات المسلحة في دار الدفاع شرق القاهرة. وقالت المصادر العسكرية إن الفريق أول السيسي تلقى اتصالا من الرئيس أمس للاطمئنان على انتظام عمل المؤسسات الحيوية وانتظام حركة المواصلات.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إيهاب فهمي، أمس، إن الدولة تكفل حق المظاهرات السلمية، وأن ينبذ الجميع العنف، ودعا إلى الوقوف صفا واحدا والحفاظ على النسيج الوطني، مشيرا إلى أن مؤسسة الرئاسة تدعو لحوار وطني يضم كافة القوى السياسية للوصول إلى تفهمات للعبور بالوطن إلى بر الأمان. وأضاف فهمي أن الرئيس سبق ووجه دعوات للحوار مع جميع احزاب والقوى الوطنية، وأن الرئاسة تؤكد على حق التعبير والتظاهر السلمي ويجب إحكام صوت العقل والاستماع والتفاهم والحوار.