أحمد الأسعد: مقتنع بأن مسلحي حزب الله هم الذين قتلوا هاشم سلمان

قال إن قلة من الشيعة اللبنانيين خارج حزب الانتماء اللبناني يجاهرون بالعداء للحزب

أحمد الأسعد
TT

تهيمن على غرفة الاجتماعات صورة ضخمة لشاب في العشرينات من العمر ذي عينين واسعتين تعطي انطباعا بأنه طالب جامعي مجتهد. وهي صورة الشخص نفسه التي انتشرت في الصحف اللبنانية على مدى الأسابيع القليلة الماضية، لا تزال ذكرى اليوم الذي توفي فيه هاشم سلمان حية، فلم تمر سوى ثلاثة أسابيع على قتله بعد أن أصابته رصاصة في البطن خلال احتجاج أمام السفارة الإيرانية في بيروت. ودفع مقتله بـ«حزب الانتماء اللبناني» الشيعي الذي يقود الطلبة، إلى بؤرة الأضواء لأسباب غير صحيحة. كذلك سلّط الضوء على كيفية امتداد الصراع الطائفي المتصاعد في لبنان إلى سوريا. وتجمع سلمان وأعضاء الحزب الآخرون أمام السفارة الإيرانية، احتجاجا على انخراط حزب الله في الصراع الدائر في سوريا.

من جهته، أكد زعيم «حزب الانتماء اللبناني»، أحمد الأسعد، قناعته بأن مسلحي حزب الله هم الذين قتلوا سلمان. ولم يعلن حزب الله حتى هذه اللحظة مسؤوليته عن عملية القتل. وفي مكتبه المبطن بخشب البلوط والجلد، يضع الأسعد صورة صغيرة لهاشم داخل إطار على مكتبه. ويقول: «لقد كان بمثابة أخ أصغر لي. سنفتقده كثيرا، ولا أعلم ما إذا كنا سنجد شخصا آخر بنشاط هاشم».

وقد وجد الحزب في الجامعات وتجمعات الطلبة في لبنان أقوى دعم لمعارضته لحزب الله والسيطرة على الشيعة في البلاد. مع ذلك يقول الأسعد إنه يخشى من التأثير المرعب لمقتل سلمان على «حزب الانتماء اللبناني» ومؤيديه. وعندما عقد مؤتمر صحافي في المكان الذي قتل فيه هاشم الأحد الماضي، لم يحضر سوى 60 شخصا. مع ذلك اعترف بأن مقتل هاشم عزز إصرار وإرادة الحزب، حيث أوضح قائلا: «دائما ما كنت أرى حزب الله أكبر تهديد للبنان. الغالبية العظمى من الناس في هذا البلد يريدون دولة متحضرة حديثة تكون جزءا من القرن الـ21، لكنهم لا يريدون ذلك، بل يريدون دولة على صلة بالنظام الإيراني إلى الأبد».

وعد الأسعد اشتراك حزب الله المكشوف السافر في الصراع بسوريا مؤشرا على خنوعهم وتبعيتهم لداعميهم الإيرانيين، التي تفوق أي ولاء أو إخلاص للشعب اللبناني ومصالحه. ويتساءل: «لماذا نكون، نحن اللبنانيين، دائما مخلبا يستخدمه النظام الإيراني؟ لماذا يعيش أبناؤهم في سلام بينما نحن لا يعيش أبناؤنا في سلام؟». وأكد أن الدعم الآيديولوجي الذي يحظى به حزب الله بين الشيعة لا يزيد عن كونه مظهرا خارجيا.

وأجرى حزب الانتماء اللبناني عام 2009 دراسة خلصت إلى وجود 37 ألف شخص على الأقل على قائمة رواتب تنظيم حزب الله، وكل منهم لديه أسرة تتكون من أربعة أو خمسة أشخاص، ويقول: «يفسر هذا ظهور الآلاف عند تنظيم مؤتمرات جماهيرية. إنهم يحضرون لأن عليهم ذلك».

ولا يجاهر سوى قلة من الشيعة اللبنانيين خارج حزب الانتماء اللبناني بالعداء لحزب الله. ويقول الأسعد إن الصمت ليس دليلا على الاحترام، بل على الخوف الذي تسيطر به الجماعة المسلحة على الوضع، وأوضح قائلا: «لم يشهد التاريخ حزبا ظالما مثل حزب الله؛ عندما تعيش في قرية يسيطر عليها حزب الله، وتقول صراحة إنك لا تتفق معهم، لن يقال عليك إنك خائن فحسب، بل صهيوني وإمبريالي أيضا. وتوصف كذلك بأنك علماني وهو ما يعني استحلال دمك، فيكون لهم الحق في قتلك». وفي مثل هذه الظروف، يحتاج المرء إلى شجاعة ليعبر عما في صدره.

وأضاف أن «الفقر أيضا عامل مهم في المشهد. في القرى الشيعية المعوزة في ريف لبنان أو في ضواحي جنوب بيروت الفقيرة، يستطيع حزب الله شراء ولاء الناس»، وقال: «إذا كان لديك شاب ليس لديه عمل ولم يحصل على قسط من التعليم وأعطيته سلاحا، وقلت له اذهب وقاتل هؤلاء الناس وآخر الشهر سوف تحصل على 500 دولار، سوف يفعل ذلك بكل سرور، ويصدق أي قصة ترويها له، لكن إذا قلت ذلك لشخص متعلم مثقف يعيش حياة كريمة، فسيرفض قطعا».

وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد اللاجئين الشيعة المتدفقة على لبنان، يرى الأسعد أنهم سيكونون موضع اهتمام من برامج الرعاية الاجتماعية الخاصة بحزب الله في إطار استراتيجية التجنيد التي يتبعها التنظيم. وبمجرد علمهم بأن لاجئا ما شيعي، سيمنحونه منزلا ومالا.

وفي الوقت الذي ربما يبدو فيه أن اشتراك حزب الله في الصراع السوري، سواء داخل سوريا أو من خلال دعم ورعاية اللاجئين في لبنان، يدعم قاعدته الشعبية، يعتقد الأسعد أن العكس هو الصحيح. وأوضح قائلا: «أصبح حزب الله الآن أكثر ظلما من ذي قبل، لكن أفعالهم في سوريا تؤلب الناس ضدهم». مع ذلك فيما يتعلق بالعلاقات بين السنة والشيعة في لبنان وسوريا، يعد اشتراك حزب الله في الصراع كارثيا، ويزيد الجرح عمقا، بحيث يحتاج علاجه إلى أجيال.

ويقول: «مع الأسف، يعرف عن الشيعة في لبنان أنهم يساعدون الأسد في المذابح التي يرتكبها بحق الشعب السوري. إنهم يُوضعون في سلة واحدة مع حزب الله الذي يتخذ موقفا ظالما تماما، لكن ليس معنى أنهم لا يعبرون عن معارضتهم له أنهم يوافقون على ذلك، خاصة عندما ترى ما يفعله حزب الله، والاحتفال بعد معركة القصير بتوزيع حلوى البقلاوة في شوارع لبنان».

وعد محاولة الأسد معالجة ضعف قبضة حزب الله على الشيعة في بلاده، باعترافه شخصيا، مشروعا طويل الأمد. ويفعل ذلك من خلال النمو الاقتصادي وتوفير فرص حياة أفضل للشباب والنساء في البلاد، ويضيف: «بمجرد أن يعيش الناس حياة كريمة، لن تجد متعصبين في قبضتهم، ويصبحون أحرارا». ومع ذلك، في ظل انتشار العنف الطائفي في سوريا واستمرار امتداده إلى لبنان، الصوت المعارض يزداد وحدة.