المعارضة التونسية تعتبر المسودة النهائية «مدلسة»

تعثر أولى جلسات المجلس التأسيسي المخصصة لمناقشة الدستور

TT

قطع مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي أولى جلسات مناقشة الدستور التونسي في صيغته الجديدة، ولم تدم الجلسة أكثر من 40 دقيقة قبل أن تتوقف بسبب التوتر وتصاعد الجدل الحاد الحاصل بين المقرر العام للدستور الحبيب خضر (من حركة النهضة) ومجموعة من نواب المعارضة.

وعبرت أحزاب المعارضة أثناء تلاوة خضر للتقرير العام المتعلق بالدستور، عن رفضها لمشروع الدستور الجديد وطالبت باعتماد النسخة التوافقية التي توصلت لها اللجان التأسيسية والامتناع عن نسخة الدستور التي أعدتها لجنة الصياغة وقال نواب من المعارضة، إن «المسودة الرابعة للدستور عملية تدليس وخرق للفصل 104 من أحكام النظام الداخلي للمجلس». كما دعت إلى ضرورة تضمين التوافقات التي انبثقت عن جلسات المؤتمر الوطني للحوار على غرار النظام السياسي المعتمد وتوزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتحديد موعد ثابت لإنهاء المرحلة الانتقالية.

حول أسباب رفع الجلسة والمعارضة المبدئية لتمرير المسودة الجديدة للدستور، اعتبر عمر الشتوي (القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) وأحد المعارضين لمشروع الدستور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «نسخة الدستور التي صدرت في الأول من يونيو (حزيران) نسخة تخدم وجهة نظر طرف سياسي بعينه أراد فرض قراءته ورؤيته الخاصة عبر الدستور الجديد، وهي لا تترجم أعمال اللجان التأسيسية على حد تعبيره». وقال إن الفصل 104 من القانون الداخلي للمجلس التأسيسي يفرض اعتماد النسخة الصادرة عن أعمال اللجان التأسيسية دون غيرها من النسخ وهو ما لم يتم احترامه خلال الجلسة الأولى من جلسات مناقشة الدستور.

وشهدت الجلسة الأولى ضغطا من داخل المجلس ومن خارجه حيث تجمهر أنصار الجبهة الشعبية المعارضة التي يتزعمها حمة الهمامي أمام المجلس وأعلنوا رفضهم لمشروع الدستور ورددوا شعارات تتهم معديه «بتكريس التبعية وعدم الاعتراف بسيادة الشعب».

وكان مصطفى بن جعفر رئيس المجلس قد صرح قبل يوم واحد من بداية مناقشة الدستور بأن «النص جيد ونتيجة لعمل جاد»، في حين أن قيادات من المعارضة لا تزال ترى في بعض فصوله نقاطا رمادية تهدد الحقوق والحريات وتتهدد مدنية الدولة.

وبعد اجتماع فوري عقده رؤساء الكتل البرلمانية مع مصطفى بن جعفر رئيس المجلس استأنف النقاش مساء بعد تعطل دام أكثر من خمس ساعات. وكانت محرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس (من حركة النهضة) قد أشارت إلى أن النقاش العام للدستور الجديد سيتواصل على امتداد من ثلاثة إلى أربعة أيام على أقصى تقدير قبل أن يمرر أعضاء المجلس إلى التصويت. وانتقدت العبيدي من ناحية أخرى، المعترضين على نص الدستور، وقالت في برنامج بإذاعة «موزاييك» الخاصة إنهم «أقزام يعارضون مصلحة البلاد».

وتتطلب عملية المصادقة على الدستور التونسي الجديد توفر 109 أعضاء في القراءة الأولى و144 صوتا في القراءة الثانية من بين 217 عضوا يمثلون مجموع أعضاء المجلس التأسيسي.

وعلق قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري، أحد أعضاء لجنة الخبراء في صياغة الدستور، على ما جد من خلاف جوهري بين أعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان) وقال إنه «يعكس حجم التباين بين الائتلاف الثلاثي الحاكم والمعارضة». واعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع الحالي المتوتر لا يشجع على المرور إلى مرحلة المصادقة على الدستور الجديد. وتوقع أن يكون الصراع داخل المجلس التأسيسي وخارجه مرشحا للكثير من التأجيج والتصعيد على خلفية مجموعة الاتهامات المتبادلة بين الطرفين». وأضاف أن إمكانية المصادقة بأغلبية الأصوات في القراءة الأولى للدستور «لن تكون سهلة وفي المتناول»، كما أن موافقة ثلثي أعضاء المجلس التأسيسي على الدستور الجديد في القراءة الثانية ستكون أكثر عسرا على حد قوله، وهو ما يطرح منذ الآن فرضية المرور إلى الاستفتاء الشعبي وما يتبعها من تعقيدات قانونية.