مصادر مطلعة تكشف لـ«الشرق الأوسط» عن اتجاه لإعادة النظر في التفويض الممنوح للوسيط الأفريقي

انفراج في مباحثات نائبي الرئيسين السودانيين في الخرطوم

TT

كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن عددا من المنظمات الدولية ذات التأثير طالبت النظر في التفويض الممنوح إلى رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثابو مبيكي، الذي يتوسط بين دولتي السودان وجنوب السودان، ويقود الوساطة أيضا بين الخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية الشمالية، والذي تنتهي مهلة تفويضه من قبل الاتحاد الأفريقي في هذا الشهر.. في وقت واصل فيه نائبا الرئيسين السوداني علي عثمان محمد طه والجنوب سوداني رياك مشار مباحثاتهما في الخرطوم على مدى يومين مع أنباء بحدوث انفراج بينهما.

وقالت المصادر التي فضلت حجب هويتها لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس لجنة حكماء أفريقيا السابق ثابو مبيكي، الذي يترأس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ويقود الوساطة بين دولتي السودان وجنوب السودان والمفاوضات بين الخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية الشمالية ستنتهي فترة عمله في هذه الملفات في هذا الشهر، وأضافت أن منظمات دولية لها تأثير كبير في المحيط الإقليمي والدولي قد طالبت بفك ارتباط مبيكي من أحد الملفين، وقالت إن مبيكي وفريقه لا يمكنهم قيادة التوسط في ملف دولتي السودان وفي الوقت ذاته التوسط في قضايا السودان الداخلية، مشيرة إلى أن مبيكي كان قد جدد له التفويض في يناير (كانون الثاني) الماضي لستة أشهر تنتهي في هذا الشهر.

وقاد مبيكي الوساطة بين الخرطوم وجوبا على مدى عامين، قبل إعلان دولة جنوب السودان استقلالها في يوليو (تموز) عام 2011، لحل القضايا العالقة بين البلدين، وعلى رأسها ترسيم الحدود بين البلدين والحل النهائي لقضية أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها والترتيبات الأمنية وفتح المعابر الحدودية، إلى جانب استئناف تدفق النفط الجنوبي عبر السودان إلى التصدير بعد توقف دام أكثر من عام. وتمكن مبيكي - حسب المصادر - من توصيل الطرفين إلى اتفاق تعاون في سبتمبر (أيلول) الماضي وفق خارطة الطريق التي وضعها، وبموافقة مجلس الأمن الدولي ضمن قراره 2046 الذي أصدره في أبريل (نيسان) عام 2012. وقد واجهت الاتفاقية صعوبات، مما دفع الوسيط إلى وضع مصفوفة لتنفيذ الاتفاقية في مارس (آذار) الماضي، لكن كل ذلك لم يبعد شبح التوتر بين البلدين في ظل الاتهامات المتبادلة بينهما بدعم متمردي كل بلد ضد الآخر.

وقدم مبيكي مقترحات في منتصف يونيو (حزيران) الماضي لحل الأزمة الجديدة بين جوبا والخرطوم، بعد إعلان الأخيرة غلق الأنبوب الناقل لنفط جنوب السودان عبر أراضيها إلى التصدير، وقد وافقت الدولتان على المقترحات.

وكشفت المصادر أن اتجاها برز بأن يتم سحب ملف الصراع الداخلي في السودان وتحديد وسيط آخر يحظى بغطاء دولي، لكن المصادر لم تحدد إن كان الوسيط من ذات لجنة حكماء أفريقيا التي تقود الآلية الأفريقية رفيعة المستوى أم من خارجها.. وقالت إن سبب تأخر استئناف المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية الشمالية هو عدم تحديد وسيط جديد. وأضافت أن التفويض الممنوح للوسيط الأفريقي بين الأطراف السودانية المتنازعة تم وفق القرار 2046 لوقف الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان، حيث تقود الحركة الشعبية حربا ضد القوات الحكومية في المنطقتين منذ أكثر من عامين.

من جهة أخرى أكدت المصادر أن المفاوضات الماراثونية بين النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه ونائب رئيس جنوب السودان دكتور رياك مشار قد شهدت انفراجا نسبيا بعد الجولة الرابعة المسائية أمس، وذلك بعد أن بدأت الاجتماعات بمواقف متباعدة خاصة في الانشغالات الأمنية للسودان والاتهامات بتمويل قوات الجبهة الثورية في جنوب كردفان ودارفور. وينتظر أن يصدر بيان ختامي حول نتائج المباحثات، وقد عبر الطرفان في جلسات المباحثات عن حرصهما البالغ والجاد في تنفيذ مصفوفة تنفيذ اتفاقات التعاون الموقعة بين البلدين. وشددت الخرطوم على تمسكها بالتطبيق الكامل للاتفاقيات دون تجزئة، وأن الإخلال باتفاق ترتيبات الأمنية يعني ضمنيا وقف تنفيذ بقية الاتفاقيات، فيما جددت جوبا اتهاماتها ضد الخرطوم بتقديم مساعدات للمتمردين الجنوبيين. وسيغادر نائب رئيس جنوب السودان اليوم الخرطوم متوجها إلى جوبا، وكان من المنتظر أن يلتقي وفد جنوب السودان بعد الاجتماعات بعض قيادات العمل الحزبي والسياسي في البلاد.

وكان مشار قد وصل الخرطوم الأحد الماضي على رأس وفد وزاري رفيع المستوى ضم كلا من وزراء النفط والموارد المائية والشؤون الإنسانية ونائبي وزيري الداخلية ومجلس الوزراء، بجانب أعضاء من اللجنة الأمنية السياسية المشتركة. واستقبله طه وعدد من الوزراء، على رأسهم وزير الطاقة والكهرباء والداخلية والتربية والتعليم ووزير الدولة بوزارة الخارجية ورئيس وفد الحكومة المفاوض إدريس عبد القادر وسفير الخرطوم بجوبا.