بري يرجئ الجلسة التشريعية وسجال سياسي في لبنان حول قانونيتها

وزير العدل السابق: في الوضع الحكومي والنيابي الحالي لا يجوز التشريع إلا في المواد الملحة

TT

أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن إرجاء جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة أمس إلى 16 و17 و18 يوليو (تموز) الحالي من دون أي تعديل في جدول الأعمال الذي يتضمن 45 بندا بينها التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، في ظل إصرار كل من فريق 14 (آذار) وتكتل التغيير والإصلاح، على المقاطعة لأسباب تختلف بين سياسية وقانونية. إذ يتمسك الأول بعدم ميثاقية الجلسة نظرا إلى عدم قدرة المجلس النيابي على التشريع في ظل حكومة مستقيلة، بينما يقاطعه تكتل التغيير والإصلاح رفضا لبند أساسي وهو التمديد للعماد قهوجي، ويؤكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على رفضه التوقيع على مرسوم فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي. وهذا ما أشار إليه ميقاتي بعد اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، لافتا إلى أن اللقاء كان إيجابيا ومتمنيا لو يملك لبنان مجلسا دستوريا مستقلا، لأن مجلس النواب لا يعطي المجلس الدستوري الحق في إبداء رأيه، وجدد التأكيد أن «السلطة التنفيذية ناقصة بسبب الاستقالة».

وشدد ميقاتي على أن «التشريع يجب أن يكون محصورا في الأمور الضرورية خلال تصريف الأعمال»، موضحا أنه «مع جلسة مخصصة للأمور الضرورية، وليس أن يكون جدول الأعمال كاملا ومتكاملا». ما قاله ميقاتي أكد عليه أيضا، وزير العدل السابق إبراهيم نجار، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «في الوضع الحكومي والنيابي الحالي، لا يحق لرئيس الجمهورية ولا لرئيس حكومة تصريف الأعمال أو المجلس النيابي التشريع إلا في المواد التي تتناول أمورا ملحة وضرورية، والملح اليوم هو تأليف الحكومة، أما إذا بقي الوضع على ما هو عليه حتى نهاية شهر أغسطس (آب) القادم، موعد إحالة قهوجي إلى التقاعد، فعندها يصبح التمديد له ملحا». وشدد النجار على ضرورة أن يكون هذا التشريع عاما وليس خاصا، أي ليس متعلقا بشخص محدد، لأنه في هذا الأمر هرطقة قانونية، ومخالفة لكل مبادئ التشريع في العالم.

وفيما يتعلق بالسجال الدائر حول ميثاقية الجلسة، أوضح نجار، «القول بعدم الميثاقية التي سبق لرئيس مجلس النواب أن طرحها، هو فقط ما ينص عليه الدستور لناحية التوافق اللبناني والحرص على عدم تغييب أي مكون أساسي». وحول ما يشير إليه البعض لناحية عدم قدرة المجلس النيابي على التشريع في ظل حكومة مستقيلة، قال النجار: «المجلس هو سيد نفسه ويحق له الاجتماع وطرح مواضيع قانونية ملحة وضرورية ولو كانت الحكومة مستقيلة، والمشكلة التي تحول قانونيا دون قدرة المجلس اليوم على التشريع العادي، هو أن الأخير الممدد له، في دورة استثنائية بانتظار تأليف الحكومة ونيلها الثقة، وبالتالي لا يمكن له التشريع في المواد العادية، كما يجب أن يكون جدول الأعمال مقرا من قبل هيئة المجلس وبموجب مرسوم موقع من رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال».

في المقابل، شن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، المحسوب على بري، حملة على رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، متهما إياه بتجاهل حقوق مجلس النواب التشريعية. وقال الخليل في مؤتمر صحافي «هذا المجلس لن يكون يوما مجلسا تتحكم فيه الفتاوى في الطلب»، مؤكدا أنه لا مصلحة لأحد بإسقاط دور المجلس النيابي وفرض شروطه عليه خلافا للقواعد الدستورية التي تعطيه حق التشريع. وأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان دائما في موقع الحرص على الاستقرار السياسي والأمني وهو حريص على إبقاء قنوات التواصل قائمة، لافتا إلى أن هناك سوابق عدة عددها بري لم يستطع أحد الرد عليها بشكل صريح ومنها ما حصل في عهد حكومة نجيب ميقاتي في عام 2005.

ورد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت على خليل، مؤكدا أن ما قاله الأخير غير دقيق والتفسير الوحيد للدستور يقوم به مجلس النواب. مضيفا: «بري أخطأ كثيرا وهو ليس رمزا للاعتدال».

وأوضح فتفت أن تيار المستقبل قاطع الجلسة لأن الدعوة إليها غير دستورية، وهذا الذي يؤدي إلى تعميق الانقسام، مؤكدا «لسنا ضد التمديد لقائد الجيش ونحن نريد التمديد لكل القادة الأمنيين».

من جهته، تمنى عضو «جبهة النضال الوطني» النائب أكرم شهيب لو حضرت الكتل النيابية الجلسة خصوصا بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها الذين وافقوا على جدول الأعمال. وقال بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، «كان من المفترض أن لا تتعطل الجلسة، خصوصا أن هناك استحقاقات، ومنها الحفاظ على الجيش ودوره في حفظ الأمن»، معتبرا أن «المسألة ليست دستورية وإنما سياسية». وعما إذا كان هناك من اتصالات وتحركات لمعالجة الموضوع، قال شهيب: «هناك دائما اتصالات ومشاورات خصوصا من قبل الرئيس بري الذي لديه حكمة في ذلك».

كذلك، اعتبر عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب إيلي ماروني، «عدم وجود توافق بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال ميشال سليمان ونجيب ميقاتي هو الذي عرقل انعقاد جلسة مجلس النواب»، ورأى أن «الخلاف سياسي أكثر مما هو دستوري»، مؤكدا أن الكتائب مع التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في ظل تعثر تأليف الحكومة. وأشار ماروني إلى أن حزب الكتائب طلب إرجاء الجلسة التشريعية لمزيد من التفاهم، معتبرا أنه «من الأفضل الذهاب إلى جلسة من خلال مرسوم دورة استثنائية موقع من رئاستي الجمهورية والحكومة».