دراسات مصرية لغابة أشجار متحجرة في القاهرة

TT

في شرق ضاحية المعادي الشهيرة بالقاهرة تقع محمية الغابة المتحجرة والتي تمثل وفقاً لعلماء الجيولوجيا كنزاً جيولوجياً وتراثاً انسانياً، حيث تضم الغابة أشجاراً تحتفظ بسيقانها وفروعها بكامل التفاصيل متناثرة على مساحة 7 كيلو مترات مربعة تحولت إلى أشجار من حجارة. ووقع هذا التحول الطبيعي منذ العصر الاليجوسين أي منذ نحو 35 مليون سنة وتعد هذه الغابة الكثيفة من الأشجار المتحجرة والتي تقع عند الكيلو 18 على طريق القطامية العين السخنة، نتاجاً طبيعياً للعصر الذي بدأت الانهار تدخل فيه إلى مصر من الجنوب ومنها النهر الذي تم اكتشافه في طبقه الايوسين الأعلى بالفيوم. ولم يكن نهر النيل الحالي الفرع الوحيد الذي كان يجري في أراضي مصر، لكن هناك فرعاً أخرى تؤكد وجودها في طبقات الرمال والطفلة في الصحراء المصرية ويوجد خشب الأشجار المتحجرة ضمن تكوينات هذه الفروع، وتسمى بجبل الخشب وتوجد الأشجار المتحجرة في الواحات البحرية وشمال منخفض القطارة والفيوم.

وأغلب آراء العلماء ترجح نقل هذه الأشجار بواسطة أحد أفرع نهر النيل القديم من الجنوب واستقرارها في مكانها الحالي، حتى تحجرت فيه.

ومما يؤكد صحة هذه الآراء عدم وجود آثار لأوراق هذه الأشجار أما كيفية تحجر هذه الأشجار فإن هناك رأيين علميين الأول يطرح عملية استبدال جزئي بين مادة السليكا وبعض المعادن كالمنجنيز والحديد من ناحية والمادة الخشبية للأشجار من ناحية أخرى بمعنى خروج جزئ من السليكا أو الحديد أو المنجنيز واستمرت عملية الاحلال لكل مكونات الأشجار حتى تحجرت تماماً كما يتضح احتفاظ بعض الأشجار بتركيبها الداخلي من حلقات ثانوية مما يدلل على أن عملية الاحلال كانت بطيئة وأن ترتيب جزئيات السليكا والمنجنيز والحديد يشكل التفعيل الداخلي للشجرة.

أما الرأي الثاني العلمي فيؤكد أن منطقة الغابة المتحجرة تقع بالقرب من مناطق حدثت بها نشاطات بركانية قديمة حيث شهد عصر الاليجوسين نشاطا بركانيا في بعض المناطق المصرية (مثل منطقة أبوزعبل الآن، ومنطقة اليجموم) وتلك البراكين سبقتها محاليل برمائية اندفعت من باطن الأرض محملة بحمض الهيدروفلوريك المعروف بقدرته على اذابة السليكا (الرمال) التي غمرت هذه الأشجار وأصبحت نوعاً من الحفريات الطبيعية التي تسهم في معرفة تاريخ الأرض والظروف التي سادت عصر الأليجوسين. وتأخذ هذه الأشجار المتحجرة اتجاهين رئيسيين هما الشمال الشرقي والشمال الغربي وهما اتجاها الفالقين الرئيسيين لمصر، فالق البحر الأحمر (خليج العقبة) وفالق خليج السويس وربما لعبت هذه الفوالق دوراً مهماً في تسهيل صعود المحاليل «الحرمائية» من باطن الأرض وتحديد عمر الأشجار المتحجرة بمحمية الغابة المتحجرة بالمعادي والتي قدرت بنحو 35 مليون سنة عن طريق الحلقات الموجودة بمقاطع الأشجار.

وعلمت «الشرق الأوسط» أنه تم انشاء مركز علمي واداري للمحمية يضم قاعة محاضرات ومكتبة ومعملاً جيولوجياً ومتحفاً وكافيتريا على أن يتم استكمال تجميع الأجهزة العلمية اللازمة للعمل في المحمية خلال الفترة المقبلة.

كما توجد بالمحمية بعض تكوينات الأيوسين الأعلى وتحتوي على بعض الحفريات اللافقارية وعمرها يرجع إلى 60 مليون سنة ويبلغ سمك طبقات الأليجوسين التي تعلو الأيوسين حوالي 70 متراً وتكون من الحصى والرمال وبعض أجزاء من الخشب المتحجر ومن الملاحظ أن المحمية تضم أكثر من نوع من الأشجار المتحجرة.