تطبيق لبنان «إجراءات ما قبل الأزمة السورية» يضيق الخناق على النازحين الفلسطينيين

ناشطون: أسر كاملة عالقة على الحدود بين البلدين

TT

باشر الأمن العام اللبناني، بناء على تعليمات صادرة عن الحكومة اللبنانية، اتخاذ إجراءات قانونية مشددة، بدءا من السادس من الشهر الجاري، لناحية تنظيم عملية دخول النازحين السوريين والفلسطينيين المقبلين من سوريا عبر الحدود البرية.

وبعد أن كانت السلطات اللبنانية قد غضت النظر عن دخول أعداد كبيرة من النازحين، مقدمة التسهيلات لمن لا يحمل الأوراق الثبوتية والرسمية التي ينص عليها القانون اللبناني، خصوصا بعد استهداف مخيم اليرموك الفلسطيني، جنوب دمشق، أثار التشدد في إعادة تطبيق الإجراءات القانونية أزمة طالت بشكل خاص النازحين الفلسطينيين المقبلين من سوريا. إذ تحكم عملية دخولهم ومن ثم إقامتهم في لبنان شروط خاصة قرر الأمن العام اللبناني التشدد في تنفيذها.

ومع تشديد تطبيق الإجراءات القانونية، قالت مصادر في إحدى المؤسسات الدولية المعنية بملف اللاجئين لـ«الشرق الأوسط» إن أكثر من مائة فلسطيني لا يزالون عالقين على الحدود السورية مع لبنان، بعدما وصل العدد إلى قرابة الألف منتصف الأسبوع، ثم تراجع إلى 100 بعد عودة هؤلاء أدراجهم، وذلك بسبب رفض الأمن العام اللبناني السماح بدخولهم إلى لبنان. ودفع هذا الواقع منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية إلى التنديد أول من أمس «برفض السلطات اللبنانية السماح لمعظم الفلسطينيين الهاربين من سوريا بدخول لبنان»، مشيرة إلى أن «أسرا بالكامل، أطفالا ومسنين ومرضى، عالقون على الحدود». وطالبت «الحكومة اللبنانية بسرعة إلغاء قرارها بمنع دخول الفلسطينيين المقبلين من سوريا»، متهمة لبنان برفض دخول هؤلاء «من دون مراعاة للمخاطر التي تتهددهم». وقالت المنظمة، ومقرها نيويورك، إن «منع طالبي اللجوء من دخول البلاد يُعد انتهاكا لالتزامات لبنان الدولية»، مذكرة أن «لبنان ملزم، بموجب القانون الدولي، باحترام مبدأ عدم ترحيل الأشخاص إلى بلدهم إذا كانت حياتهم أو حريتهم مهددة فيه».

لكن مصدرا رفيعا في الأمن العام اللبناني قال لـ«لشرق الأوسط» أمس إن «لا قرار يمنع دخول النازحين الفلسطينيين إلى لبنان»، مؤكدا أن «الإجراءات ذاتها تطبق على النازحين إلى لبنان من سوريا، سواء أكانوا فلسطينيين أم سوريين». وأوضح المصدر الأمني أن «ما يحصل هو تطبيق للإجراءات التي كانت سارية قبل بدء الأزمة السورية لناحية التدقيق في الأوراق والمستندات القانونية».

وفي الإطار ذاته، قالت مصادر في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن ما يجري على الحدود هو «تشديد على حيازة النازحين للأوراق الثبوتية»، لكنها أشارت إلى أن «التدقيق يسري على النازحين الفلسطينيين أكثر من السوريين، إذ إنه لا يزال يسجل دخول عدد إضافي من النازحين السوريين في الأيام الأخيرة».

وكان وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل قد أبلغ «الشرق الأوسط» في وقت سابق أن الأمن العام اللبناني على الحدود سيقوم بتنفيذ الإجراءات والتدقيق في الأوراق الثبوتية بما يتلاءم مع القانون الذي كان مطبقا قبل بدء الأزمة السورية، وبالتالي على النازحين تنظيم إقامتهم قانونيا، فيما أعلن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور نهاية الشهر الفائت توجه الحكومة اللبنانية لاتخاذ إجراءات «سيادية» تحمي سيادة لبنان وأراضيه مع التدفق المستمر للنازحين وعملية التهجير «المنظم».

واستنادا إلى التقرير الأخير الدوري الصادر أمس عن مفوضية شؤون اللاجئين، يوجد في لبنان حاليا 677 ألف نازح سوري، مسجلون لديها أو بصدد التسجيل، وتشير تقديرات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى فرار نحو تسعين ألف فلسطيني من سوريا إلى لبنان. ورجحت «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا» في غزة خروج أعداد إضافية من الفلسطينيين من سوريا في الفترة المقبلة، مستندة إلى «تصاعد الهجمة على المخيمات الفلسطينية في سوريا خلال شهر يوليو (تموز) الفائت»، وكذلك «محاولة اقتحام عدد من المخيمات كاليرموك والسيدة زينب والحسينية من قبل الجيش النظامي».

ويمنح الأمن العام اللبناني اللاجئ الفلسطيني المقبل إلى لبنان تأشيرة دخول لمدة سبعة أيام قابلة للتجديد أسبوعا آخر، شرط حيازته على موافقة من دائرة الهجرة والجوازات السورية، وهو ما يعد في الوقت الراهن أمرا صعبا نظرا للظروف الأمنية وصعوبة الوصول إليها. ويصبح بقاء اللاجئ الفلسطيني بعد انقضاء المهلة القانونية مخالفا للقانون، وما لم يبادر إلى تسوية وضعه القانوني من خلال تقديم طلب «استرحام» لا يجد أمامه إلا خيار الترحيل. ويمنع القانون اللبناني على الفلسطينيين الإقامة في لبنان أكثر من شهر، باستثناء مغادرة الأراضي اللبنانية والدخول مرة أخرى.

وكان الأمن العام اللبناني قد منح «الرعايا الفلسطينيين اللاجئين في سوريا الذين كانوا قد دخلوا بموجب سمة مرور لمدة أسبوع وتقدموا بطلب تمديد الإقامة في المراكز الإقليمية، إقامة مؤقتة مدتها 3 أشهر مجانا، ومن دون تدريكهم رسم تحويل السمة، تمدد كل ثلاثة أشهر ولغاية السنة مجانا».