رئيس كتلة المالكي يتهم الجنوب بخلوه من الكفاءات.. والبزوني يرد «هذا تصريح أحمق»

أكاديميون وسياسيون من البصرة اعتبروا تصريحاته «غير مسؤولة»

TT

أثار الهجوم الذي شنه رئيس كتلة دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في البرلمان العراقي على مناطق البصرة وذي قار وميسان ووصفها بأنها «خالية من الكفاءات» ردود فعل عنيفة، ولأول مرة منذ سقوط النظام العراقي السابق وتنامي دور أبناء جنوب العراق وخاصة البصرة في الحياة السياسية في البلاد، فضلا عن أدائهم في إدارة عجلة الاقتصاد العراقي والنشاطات العلمية والثقافية، يحظى أبناء تلك المحافظات بانتقاد مهين مثل هذا. ففي مداخلة له بأحد البرامج التلفزيونية أشار الشيخ خالد العطية إلى خلو مناطق الجنوب من الكفاءات التي بمقدورها إدارة إقليم البصرة أو الجنوب لو تقرر ذلك، الأمر الذي أدى إلى تصاعد موجة الانتقادات المناهضة لهذه التصريحات، وهو ما يمكن أن يمثل إحراجا جديدا لائتلاف دولة القانون بالذات لأنه يعتمد على قاعدة جماهيرية في تلك المناطق، فيما طالب عدد من أعضاء البرلمان العراقي وشخصيات عامة من تلك المحافظات في جنوب العراق العطية بالاعتذار واصفين تصريحه بـ«غير المسؤول».

وقال القاضي وائل عبد اللطيف، وزير وعضو برلمان سابق عن البصرة، لـ«الشرق الأوسط»: إن «المسؤولين من كربلاء والنجف وبغداد وحتى إقليم كردستان لم يستطيعوا أن يعملوا بشكل صحيح لذا فإن رداءة أدائهم انعكست على عمل المحافظات الجنوبية وحسبوا التأخر والتخلف على المحافظات الجنوبية»، مبينا أن «سبب التلكؤ في إدارة الدولة هم الإخوان السياسيون الموجودون حاليا في بغداد والذين أتوا من تلك المناطق».

وأضاف أن «البصرة كانت ولاية معترف بها منذ سنة 1876 ميلادية وهي مركز للكفاءات الإدارية والقانونية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعشائرية، وبالتالي هم خائفون من البصرة ورعبهم هذا جعلهم يطلقون الصيحات، ونتيجة هذه الصيحات ستنعكس عليهم ونحن الآن في البصرة من أجل أن نعيد فكرة إنشاء إقليم البصرة».

وتابع أن «خالد العطية كان وراء التراجع الكبير في أداء البرلمان العراقي في الدورة السابقة حين تولى منصب نائب رئيس البرلمان حيث كانت نتيجة سياساته الخاطئة الكثير من الإخفاقات»، لافتا إلى أن «العطية إنسان ليس لديه دراية في علم الإدارة وهو فاشل به، فهل من المعقول أن يقيم كفاءات أهالي البصرة؟ لذا فإن تصريحه هو اتهام خاطئ من أناس فشلوا في إدارة المركز في بغداد ويحاولوا أن يعكسوا على المحافظات الجنوبية».

من جانبه، قال عضو البرلمان العراقي عن التحالف الوطني الدكتور جواد البزوني إنه في «الفترة الأخيرة وجدنا أن هناك توجها من قبل بعض الأطراف في الحكومة العراقية والعملية السياسية يحاولون إقصاء الكفاءات العراقية الموجودة في البصرة من أبناء الداخل الذين لم يغادروا العراق فحينا يتهمونهم بأنهم بعثيون وحينا آخر بقلة الخبرة». وأضاف أن «البصرة والمحافظات الجنوبية قدمت وتقدم الكثير من الكفاءات والنخب التي أسهمت وتسهم حاليا في إنجاح العملية السياسية والكفاءات التي تضمها محافظتنا أفضل بكثير من الكفاءات الموجودة في مجلس الوزراء».

وتابع أن «الشيخ خالد العطية صرح من على إحدى القنوات الفضائية بأن المحافظات الجنوبية ليس فيها كفاءات وهذا الموضوع تكرر أكثر من مرة ونحن بدورنا كنواب عن المحافظات الجنوبية ندين هذا التصريح اللامسؤول لأن فيه إساءة كبيرة لمحافظاتنا وهذا تصريح أحمق».

وأشار إلى «أن هناك طلبا رسميا وقع عليه أكثر من 50 نائبا سيقدم بعد العيد إلى هيئة رئاسة مجلس النواب للمطالبة بضرورة تقديم العطية اعتذارا رسميا عن تجاوزه، وإلا سيكون هناك رد قاس من قبل أبناء الجنوب».

الانتقادات التي وجهت للعطية لم تأت من السياسيين فحسب، حيث تجاوزتها لتولد سخطا لدى أغلب فئات المجتمع البصري وخاصة أصحاب الشهادات العليا. وقال البروفسور صالح إسماعيل نجم، رئيس جامعة البصرة السابق إن «من الكفاءات في الجنوب والبصرة خاصة الكثير حيث قدموا الخدمات الجليلة للعراق عامة، فمثلا في قطاع الكهرباء نجد أن الذين أعادوا إعماره بعد عام 2003 هم أهل الجنوب».

وأضاف أن «أنابيب نفط كركوك - جيهان التي تتعطل باستمرار بسبب الاعتداءات المتواصلة عليها لم يتم إصلاحها إلا بفضل الكوادر الفنية في شرطة نفط الجنوب، وأن النفط الذي يغذي حاليا 85% موازنة الدولة العراقية يخرج من البصرة، فالبصرة مدينة مكتنزة بالخبرات والكفاءات والكوادر المتميزة».

وتابع أن «المشكلة في العراق هي عدم إبراز قدرات أهل الجنوب من قبل القائمين على العملية السياسية حيث إنهم لا يريدون ذلك ويحاولون محاربة المبدعين والكفاءات وتهميش العقول العلمية، والحكومة الحالية تعد من ضمن أفشل 35 حكومة على مستوى العالم بعد احتلال العراق مراتب متقدمة بأكثر الدول فسادا».

يذكر أن العطية حاول نفي هذا التصريح وبرر موقفه في جلسة حضرها عدد من الإعلاميين، وقال: «لم أذكر بأنه ليست هناك كفاءات من جنوب العراق، وإنما قلت إن العراق بشكل عام هو صاحب تجربة جديدة في الديمقراطية ولا ينبغي لبعض السياسيين أن يروج للإقليم وهذا يهدف بالدرجة الأساسية إلى (التقسيم الطائفي) ومن الأفضل المحافظة على وحدة العراق اليوم ولا نتقاسم ونتحارب غدا وبعدها نكون دويلات».