المعارضة التونسية تعد لتعبئة كبرى.. و«آليات حاسمة للإنقاذ»

استقالة الهادي بن عباس أحد مستشاري رئيس الجمهورية.. وأنباء عن إعفاء بن جعفر من رئاسة البرلمان

TT

على أثر تراجع قوات الأمن التونسية عن فض اعتصام نواب المعارضة المنسحبين من المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) منذ يوم 27 يوليو (تموز) الماضي في ضاحية باردو غرب العاصمة التونسية قرب مقر المجلس أمس، أكد سمير الطيب أحد النواب المعتصمين والقيادي بحزب المسار الاجتماعي الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط» أن «الاعتصام سيتواصل»، مضيفا أنه «يجري الإعداد لتعبئة كبرى بمناسبة العيد الوطني للمرأة يوم الثلاثاء الموافق 13 من الشهر الحالي». وأضاف «سنمر من تثبيت الإنقاذ إلى الآليات الحاسمة للإنقاذ» من دون تقديم إيضاحات أخرى.

وقال الطيب إنه «جرت فعلا محاولة لفك الاعتصام صباح أمس»، مبينا أنه «وقع التراجع عن عملية فك الاعتصام بعد أن اتصل عدد من النواب المعتصمين وقيادات الأحزاب المساندة للاعتصام والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، بوزارة الداخلية لإيقاف هذه المحاولة، فضلا عن تحول عدد من المواطنين إلى ساحة الاعتصام فور سماعهم بنبإ محاولة فض الاعتصام بالقوة».

من جهته، نفى محمد علي العروي، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، أن تكون الوزارة قد حاولت فض اعتصام نواب المعارضة المنسحبين من المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي) منذ يوم 27 يوليو 2013 في ضاحية باردو غرب العاصمة التونسية قرب مقر المجلس.

وأكد العروي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تدخل قوات الأمن صباح أمس (الجمعة) كان بهدف إزالة بعض الخيام الفوضوية التي يتولى أصحابها القيام بأنشطة تجارية مثل بيع الأكلات الخفيفة بطريقة عشوائية»، وأنه «لا علاقة للأمر بالاعتصام والمعتصمين». وأكد العروي لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة «تحترم حق الاعتصام السلمي كما سبق لها أن أكدت في عديد المناسبات».

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ اغتيال محمد البراهمي، عضو المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي) والقيادي في التيار الشعبي (حزب قومي عربي) في 25 يوليو الماضي، تشهد ضاحية باردو غرب العاصمة التونسية حيث يقع مقر المجلس التأسيسي اعتصاما يشارك فيه عدد من النواب الـ60 الذين أعلنوا انسحابهم من المجلس التأسيسي. وقد أعلن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي الثلاثاء الماضي عن تعليق أشغال المجلس إلى حين استئناف الحوار بين مختلف الفرقاء السياسيين. ويطالب عدد من الأحزاب المعارضة باستقالة حكومة علي العريض وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تقودها شخصية مستقلة، وحل المجلس الوطني التأسيسي. في حين يتمسك الائتلاف الحاكم بقيادة حزب حركة النهضة (إسلامي) بشرعية المجلس التأسيسي، وبالحكومة القائمة مع التعبير عن الاستعداد لتوسيعها لتصبح حكومة وحدة وطنية.

وفي علاقة بقرار مصطفى بن جعفر تعليق أشغال المجلس التأسيسي، راجت أمس أنباء مفادها أن حركة النهضة تعتزم سحب الثقة من بن جعفر وإعفاءه من مهامه بسبب قراره تعليق أشغال المجلس. وفي هذا الصدد، نفى الحبيب خضر، القيادي في حركة النهضة والمقرر العام للدستور في المجلس التأسيسي، في تصريح لإذاعة «شمس إف إم» التونسية، علمه «اعتزام حركة النهضة تعيين عبد الرؤوف العيادي خلفا لمصطفى بن جعفر». وقال خضر في هذا التصريح إنه «يمكن قانونيا إعفاء رئيس المجلس الوطني التأسيسي من منصبه»، مبينا أن عملية إعفاء رئيس المجلس التأسيسي «تستوجب من الناحية القانونية مبادرة من ثُلث النواب يتم عرضها على جلسة عامة وتنال الأغلبية المطلقة في التصويت، وهي إجراءات إعفاء رئيس الدولة ورئيس الحكومة»، مؤكدا أن «قرارا مماثلا هو قرار مؤسساتي بالأساس».

من جانبه، قال عبد الرؤوف العيادي، في تصريح للإذاعة نفسها، إنه لا علم له بهذا الخبر، مشيرا إلى أنه «من الممكن أن تكون حركة النهضة تفكر في هذا الموضوع» لكن لم تُعلمه بعد. وأضاف العيادي أنه في حالة عرض هذا المنصب عليه فإنه سيرجع للهيئة التأسيسية لحركة وفاء ولكتلة الحركة في المجلس لمناقشة الأمر، مبينا أنه سيتخذ القرار الذي ستراه الهيئة والكتلة مفيدا.

واعتبر محمد بنور، القيادي في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (حزب وسط) الذي يرأسه مصطفى بن جعفر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الأخبار التي يتداولها البعض على المواقع الاجتماعية بالخصوص، تدخل في باب التشويش العام على الساحة وفي باب التجاذبات السياسية»، مضيفا أن الحزب «سيستخلص الدروس في حالة وجود مواقف رسمية بهذا الخصوص». أما بشأن الموقف الرسمي لحركة النهضة من الإجراء الذي اتخذه مصطفى بن جعفر بتعليق نشاط المجلس الوطني التأسيسي فقال بنور إنه كان «موقفا سياسيا رصينا». وكانت حركة النهضة قد عبرت في بيان أصدرته الأربعاء الماضي عن قبولها بتحفظ قرار مصطفى بن جعفر تعليق أشغال المجلس التأسيسي.

من جهة أخرى، ذكرت إذاعة «موزاييك إف إم» التونسية أمس (الجمعة) أن الهادي بن عباس، مستشار الرئيس محمد المنصف المرزوقي، استقال من منصبه. وذكرت مصادر مقربة من بن عباس لـ«الشرق الأوسط» أن «أسباب هذه الاستقالة سياسية»، وأن مستشار الرئيس المستقيل سيكشف عن أسباب استقالته بداية الأسبوع المقبل.

من جانبه، أكد مدير الديوان الرئاسي والمتحدث الرسمي باسم الرئاسة التونسية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أنه تلقى مكالمة هاتفية من بن عباس يعلمه فيها باستقالته، ولم يتلق نصا رسميا بعد.

وكان بن عباس، الذي شغل خطة كاتب دولة للشؤون الخارجية في حكومة حمادي الجبالي، قد استقال يوم 28 يوليو 2013 من المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان يرأسه المرزوقي قبل تولي منصب رئاسة الجمهورية، وهو أحد أحزاب الائتلاف الحاكم الذي يقوده حزب حركة النهضة، وعزا حينها استقالته «لوجود خلافات سياسية داخل الحزب».

أما على المستوى الأمني وبخصوص مداهمة فرقة مختصة في مكافحة الإرهاب أول من أمس (الخميس) منزلا محاذيا لمقر حركة النهضة الحاكمة بقصر هلال من ولاية المنستير (وسط شرق تونس)، فقد أكدت مصادر أمنية أن هذه المداهمة جاءت على أثر ورود معلومات بوجود عناصر سلفية متشددة تقوم بتدريبات نظرية على استخدام الأسلحة، وأنه تم إلقاء القبض على عنصرين اثنين والتحقيق معهما، مبينة أنه لم يتم العثور على أي أسلحة.

وأكدت حركة النهضة في بلاغ أصدرته أول من أمس (الخميس) على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، على أثر «انتشار خبر مداهمة مقر حركة النهضة بقصر هلال وإلقاء القبض على أبناء أحد أعضاء المكتب المحلي»، أن «الخبر عار عن الصحة». وأوضح البيان أن «رجال الأمن قبضوا على أبناء صاحب المحل الذي تسوغته الحركة، وهو ليس عضوا في المكتب المحلي»، وأن أبناء صاحب هذا المحل «ليست لهم أي صلة بحركة النهضة». وكانت مصادر أمنية محلية قد نفت بدورها أن تكون المداهمة شملت مقرا لحزب سياسي بقصر هلال.