الناطق باسم «اليونيفيل»: 280 عنصرا من الكتيبة التركية يغادرون لبنان مطلع سبتمبر

نفى أي علاقة للقرار بخطف الطيارين أو اتخاذ أي تدابير استثنائية

TT

كشف الناطق الرسمي باسم قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، أندريا تننتي، في حوار لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «نحو 280 عنصرا من قوات حفظ السلام التابعة لسرية البناء والهندسة التركية سينسحبون من قوات (اليونيفيل) الشهر المقبل»، موضحا أن «(اليونيفيل) تبلغت، في السادس من الشهر الحالي، من إدارة عمليات حفظ السلام في مقر الأمم المتحدة، قرار الحكومة التركية سحب سرية الهندسة والبناء بحلول الأسبوع الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، على أن تحافظ تركيا على وجودها في قوة (اليونيفيل) البحرية، حيث تساهم حاليا بقارب دورية سريع وثمانية وخمسين جنديا في قوات حفظ السلام».

ونفى تننتي أن يكون لحادثة خطف الطيارين التركيين في بيروت، أول من أمس، أي تداعيات على وضع قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان، وتحديدا الكتيبة التركية المتمركزة في بلدة الشعيتية قرب مدينة صور جنوب لبنان. وقال إن «الوضع الأمني لم يتغير في الجنوب» إثر عملية الخطف، مؤكدا أن «الوضع العام في منطقة عمليات (اليونيفيل) هادئ والعلاقة مع السكان المحليين جيدة». ويأتي الإعلان التركي غداة خطف طيارين من «الخطوط الجوية التركية» على طريق مطار بيروت، في خطوة تبنتها مجموعة مجهولة طالبت أنقرة بالضغط للإفراج عن زوار لبنانيين شيعة مخطوفين منذ أكثر من عام لدى مجموعة مسلحة في سوريا. وبعد ساعات على العملية، دعت تركيا رعاياها إلى مغادرة لبنان، وعدم التوجه إليه «إلا في حال الضرورة». وأكدت المصادر التركية ومصادر الأمم المتحدة أن قرار الانسحاب اتخذ فعلا قبل خطف الطيارين.

وأوضح تننتي أن «تغييرات روتينية تجري في تركيبة القوات الدولية من مختلف البلدان المشاركة، بالتنسيق مع إدارة عمليات حفظ السلام في مقر الأمم المتحدة والدول المشاركة». وقال إن «هذه التغييرات الروتينية هي بمثابة عمليات مستمرة في كافة بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، إذ تعمل بعض الدول على خفض عدد قواتها، بينما تعمد دول أخرى إلى زيادة مشاركتها أو الانضمام بوحدات جديدة». وشدد على أن «المهم في هذا المسار هو الحفاظ على القدرة التشغيلية لقوات (اليونيفيل) ميدانيا، من أجل أداء المهام الموكلة إليها بفاعلية».

وأشار الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» إلى أنه «في ضوء القرار التركي بسحب سرية الهندسة والبناء، باشرت (اليونيفيل) باتخاذ إجراءات لضمان استمرارية العمليات من دون أي انقطاع».

وكانت سرية الهندسة والبناء التركية انضمت إلى «اليونيفيل» في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2006. وقدمت، وفق تننتي، دعما ممتازا من خلال قدراتها وخبراتها في مجالي الهندسة والبناء، وأنجزت بنجاح مختلف المهام الموكلة إليها، بما فيها بناء الطرق، وبناء المقرات الجاهزة والبنى التحتية الخاصة بـ«اليونيفيل»، إضافة إلى تحسين حماية الكثير من مراكز «اليونيفيل» ومساهمتها في بناء المقر الرئيس في محلة الناقورة، جنوب لبنان.

وساهمت القوة التركية، إلى جانب الأعمال ذات الطابع الهندسي، في تقديم أجهزة الكومبيوتر ومولدات الكهرباء إلى عدد من المدارس والبلديات في جنوب لبنان، فضلا عن مساهمتها في إعادة تأهيل عدد من المدارس وتقديم الفحوص الطبية المجانية لأهالي الجنوب.

وكانت تقارير عدة أكدت اتخاذ قوات «اليونيفيل» الموجودة في جنوب لبنان إجراءات احترازية، بعد إدراج الاتحاد الأوروبي في 24 يوليو (تموز) الماضي الجناح العسكري لحزب الله على قائمة الإرهاب الأوروبية، مع توقع ردود فعل انتقامية ضد «اليونيفيل»، باعتبار أن العدد الأكبر من الجنود المشاركين فيها يتحدرون من دول أوروبية. وأكد تننتي في هذا السياق أن «قوات (اليونيفيل) تعمل بموجب الولاية الممنوحة لها من قبل مجلس الأمن الدولي والمحددة وفق القرار 1701 الصادر عام 2006»، لافتا إلى أن «قوات (اليونيفيل) تتحدر في الوقت الراهن من 37 بلدا، وهي تعمل تحت راية الأمم المتحدة». وشدد على أنها «لا تتصرف نيابة عن دولها، بل انطلاقا من مهامها المحددة من قبل مجلس الأمن».

وفي موازاة تأكيده أن الوضع هادئ في جنوب لبنان، قال تننتي إن «الجيش اللبناني شريك استراتيجي لـ(اليونيفيل)، وساهمت مشاركته في تأمين استقرار الوضع الميداني»، مؤكدا أن «كافة أنشطة (اليونيفيل) تتم بالتعاون والتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني». وأعرب عن اعتقاده أن «لـ(اليونيفيل) والجيش والشعب اللبناني مصلحة مشتركة عموما في الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان ومنع أي انتهاكات لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701».

وعلى خلفية الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة للخط الأزرق جنوب لبنان، ليل الثلاثاء/الأربعاء الماضي في محلة اللبونة، ذكر تننتي بالتصريح الأخير الصادر قبل يومين عن قائد قوات «اليونيفيل» الجنرال باولو سيرا لناحية أشارته إلى تلقيه باهتمام التقارير الواردة إليه عن حادث اللبونة، مشيرا إلى أن «اليونيفيل» باشرت تحقيقا فوريا حول الحادث.

وأكد أنه من الواضح، من خلال التحقيقات، أن وجود الجنود الإسرائيليين في لبنان في انتهاك للخط الأزرق، يشكل انتهاكا خطيرا لأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، لافتا إلى أن «اليونيفيل» احتجت بشدة على الخرق الإسرائيلي، ودعت القوات الإسرائيلية إلى «التعاون الكامل مع تحقيقات (اليونيفيل)».

وكان أربعة جنود إسرائيليين أصيبوا بجروح جراء انفجار استهدف دوريتهم بعد توغلها داخل الأراضي اللبنانية مسافة 400 متر في محلة اللبونة، جنوب لبنان. وأوضح تننتي أنه «نظرا لخطورة الحادث، من الضروري بالنسبة لـ(اليونيفيل) معرفة حقيقة ما جرى في تلك الليلة»، مؤكدا «استكمال التحقيقات في هذا الصدد لمعرفة ظروف الحادث ووقائعه»، وهو ما يتطلب «تعاونا كاملا من قبل الطرفين اللبناني والإسرائيلي».

وفي موازاة إشارته إلى طلب «اليونيفيل» من قيادة الجيش اللبناني تزويدها بأي معلومات متصلة، أعلن تننتي أن قائد قوات «اليونيفيل» يعتزم تقديم تقرير يلخص نتائج التحقيقات بشأن حادثة اللبونة إلى كلا الطرفين في الاجتماع الثلاثي المقبل الذي سيعقد في وقت لاحق من هذا الشهر، كما سيرسل نسخة عن التقرير إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وخلص إلى أن «الهدف الأساسي لـ(اليونيفيل) هو تحديد طبيعة انتهاك القرار 1701 حتى نتمكن من العمل مع الطرفين لمنع أي تكرار لحوادث مماثلة أو أي توترات ذات صلة يمكن أن تساهم في تصعيد الوضع».