الماليون يعودون اليوم إلى صناديق الاقتراع للاختيار بين كيتا وسيسي

العرب والطوارق في الشمال يوحدون مواقفهم.. ويدعون باماكو إلى الوفاء بالتزاماتها

وحدها صور المرشحين بقيت حاضرة في الحملة الانتخابية التي سبقت الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية المالية («الشرق الأوسط»)
TT

يتوجه الماليون اليوم مجددا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية التي نظم شوطها الأول يوم الأحد 28 يوليو (تموز) الماضي؛ حيث تنافس 27 مرشحا لم يحصل أي منهم على نسبة خمسين في المائة من أصوات الماليين.

وتجري جولة الإعادة بين المرشح إبراهيما بوبكر كيتا الذي تقدم منافسيه في الشوط الأول بنسبة 39 في المائة، ومنافسه الأبرز سوميلا سيسي، الذي حصل على نسبة 19 في المائة.

ويجري الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية في ظل توقعات بارتفاع نسبة المشاركة التي وصلت في الشوط الأول إلى قرابة 49 في المائة؛ وهو رقم قياسي في تاريخ مالي، حيث كانت قد وصلت نسبة المشاركة في آخر انتخابات رئاسية نظمت في البلاد سنة 2007 إلى 38 في المائة فقط. وتأتي التوقعات بارتفاع نسبة المشاركة خلال الشوط الثاني بعد حصول آلاف المواطنين على بطاقات الناخب، وتمكن مئات الآلاف من معرفة مكاتب تصويتهم، وهي المشكلة التي مثلت أكبر عائق أمام الناخبين الماليين في الشوط الأول.

ويتنافس في الشوط الثاني كل من المرشح كيتا (68 عاما)، والمرشح سيسي (63 عاما). وسبق أن شغل كيتا منصب الوزير الأول مدة ست سنوات خلال حكم الرئيس المالي الأسبق ألفا عمر كوناري. وسبق لكيتا أن خسر السباق الرئاسي مرتين، في 2002 و2007. وتعتبر انتخابات 2013 آخر فرصة لكيتا ليصبح رئيسا للجمهورية نتيجة تقدمه في السن وفق الدستور المالي.

أما منافسه سيسي فسبق أن كان وزيرا للمالية خلال حكم الرئيس الأسبق كوناري، وشغل أيضا هذا المنصب في حكومة شكلها منافسه الحالي كيتا حين كان وزيرا أول. وسبق لسيسي أن ترشح للانتخابات الرئاسية مرة واحدة سنة 2002، وتمكن فيها من الوصول إلى الشوط الثاني ليخسره أمام الرئيس السابق أمادو توماني توري. وقاطع انتخابات 2007 حين كان يشغل منصب رئيس لجنة الوحدة الاقتصادية والنقدية لدول غرب أفريقيا، وهو المنصب الذي شغله ما بين 2004 و2011.

وكان المرشح سيسي قد طالب منذ أيام بتنظيم مناظرة تلفزيونية مع منافسه كيتا، لكن الأخير رفض بحجة أنه مشغول بلقاء الناخبين في حملة انتخابية لم تتجاوز مدتها يومين، وجاءت بالتزامن مع عيد الفطر، حيث كانت الصحف الورقية متوقفة، والماليون مشغولين في الاحتفال بالعيد، مما جعل هذه الحملة مقتصرة على تجمعات شعبية صغيرة ومسيرات خاطفة، على العكس من الحملة الانتخابية التي سبقت الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية.

وتميزت هذه الحملة الانتخابية بالتركيز على التحالفات السياسية، حيث حصل المرشح كيتا على دعم 22 مرشحا من أصل 25 خسروا في الشوط الأول من الانتخابات، ومن بين داعميه درامان دامبيلي، الحاصل على المرتبة الثالثة، الذي خالف حزبه التحالف من أجل الديمقراطية في مالي، وهو أكبر حزب سياسي في مالي، الذي أعلن دعمه للمرشح سيسي.

وكان المرشحان قد حذرا من تكرار نواقص وخروقات قالا إنها شابت الشوط الأول من الانتخابات، فيما دعا رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات مامادو دياموتاني، المرشحين إلى القبول بأي نتيجة تسفر عنها صناديق الاقتراع؛ قبل أن يهنئ جميع المرشحين للشوط الأول ويذكرهم بالآمال التي تنعقد عليهم وطموحاتهم تجاه دولة مالي، مؤكدا أن ما جرى في الشوط الأول وقبولهم بالنتيجة يؤكد مدى تمسكهم بالمبادئ الديمقراطية.

وأثنى رئيس اللجنة الانتخابية على الأجواء التي مرت بها الحملة الانتخابية التي سبقت الشوط الثاني من الانتخابات، وهي الحملة التي استمرت 48 ساعة فقط؛ وقال رئيس اللجنة إنها «مرت في ظروف هادئة ومسؤولة»، داعيا إلى الاستمرار على هذا النهج، قبل أن يضيف «نحن حتى الآن راضون عن مستوى الخطاب وطريقة التنافس في الحملات، وبإمكاننا أن نأمل أن تتعزز هذه الحالة».

واعترف رئيس اللجنة الانتخابية بالنواقص التي لحقت بالشوط الأول من الانتخابات الرئاسية، مطمئنا المرشحين بخصوص الشوط الثاني، وقال «وزير الإدارة الإقليمية واللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، بعد تسجيلهم للنواقص والعيوب، لن يدخروا أي جهد في تصحيح ما أمكن من أجل تحسين تنظيم اقتراع يوم الأحد 11 أغسطس (آب) 2013»، قبل أن يضيف أن «مالي ومعها جميع الأصدقاء وشركاء التنمية يراهنون عليهما (أي المرشحين)، من أجل إنهاء المرحلة الانتقالية وخروج مشرف من الأزمة».

على صعيد آخر، أعلنت ثلاث مجموعات مسلحة في شمال مالي، من العرب والطوارق، عن توقيع اتفاق في العاصمة الموريتانية نواكشوط من أجل توحيد موقفها خلال المفاوضات التي من المنتظر أن تنعقد بعد أشهر في واغادوغو، بين الحكومة التي سيشكلها الرئيس المالي المقبل، وهذه المجموعات المسلحة.

وخلال مؤتمر صحافي شارك فيه قادة كل من المجلس الأعلى لوحدة أزواد والحركة الوطنية لتحرير أزواد (حركات من الطوارق)، والحركة العربية الأزوادية، وممثلون عن اللاجئين في مخيمات شرق موريتانيا، أعلنت هذه الحركات عن توافقها حول «ضرورة العمل على إنهاء كل أشكال الأعمال أو الأقوال التي تسيء للتعايش السلمي بين كل مكونات أزواد»، مشيرة إلى أن «العمل على إنهاء كل التجاوزات والانتهاكات أمر عاجل وضروري، وستشكل لجان عمل مشتركة ولقاءات داخل أزواد لخدمة هذا الغرض».

وشارك في المؤتمر الصحافي كل من الأمين العام للحركة العربية الأزوادية أحمد ولد سيدي محمد، والأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد بلال أغ الشريف، ورئيس المجلس الأعلى لوحدة أزواد العباس أغ انتالا، إضافة إلى القيادي في المجلس الأعلى الأزوادي الشيخ أغ أوسا، الذي كان يعتبر الذراع اليمنى لزعيم حركة أنصار الدين الإسلامية المسلحة إياد أغ غالي.

وأصدرت الحركات الثلاث بيانا مشتركا قالت فيه إن الاتفاق بينها جرى تحت «رعاية» الجانب الموريتاني، مؤكدين «فتح صفحة جديدة من تاريخ أزواد مبنية على التسامح وتجاوز خلافات الماضي واعتبار كل ما حدث من أخطاء بين سكان أزواد خلال فترة الحرب تجاوزات غير مقبولة ويؤسف عليها وليس من المقبول تكرارها»، وذلك في إشارة إلى اتهامات متبادلة بين العرب والطوارق وصلت في بعض الأحيان إلى اشتباكات عنيفة في مناطق عدة.

ودعا البيان باماكو إلى «الوفاء بالتزاماتها في اتفاقية واغادوغو وعلى رأسها الإفراج الفوري عن المعتقلين.