برانديللي: مستقبلي مع منتخب إيطاليا لن يكون مسلسلا تلفزيونيا

الآزوري تغلب على التشيك وتأهل للمونديال قبل جولتين من نهاية التصفيات

TT

نجح منتخب إيطاليا أول من أمس (الثلاثاء) في حجز بطاقة التأهل إلى مونديال البرازيل العام المقبل، وذلك بعدما حسم صدارة المجموعة لصالحه قبل مباراتين من نهاية التصفيات الأوروبية. وتمكن الآزوري من تحويل تأخره بهدف دون رد أمام منتخب التشيك سجله كوزاك في الدقيقة 19 من الشوط الأول، إلى فوز عبر صحوة مذهلة حيث تعادل كييلليني في الدقيقة 51 ثم ضاعف بالوتيللي النتيجة من ركلة جزاء بعد ثلاث دقائق فقط، ليصبح رصيد إيطاليا 20 نقطة حققها من ستة انتصارات وتعادلين دون خسارة بفارق 7 نقاط عن أقرب ملاحقيه، الدنمارك برصيد 13 نقطة.

كانت ليلة استاد يوفنتوس، بالنسبة لبالوتيللي، أشبه بفضاء مظلم تضيئه فقط آلاف علامات الاستفهام، مثل المنارات المضاءة من قلوب الجماهير. نتصوره يفكر قبل الإعلان عن التشكيل قائلا: هل سأكون العدو المكروه بشدة كالعادة، وكبش الفداء للكوارث والجهل، أم لاعبا في الآزوري مثل كثيرين، أم شيئا أكثر من ذلك؟ لا بد أن التصفيق الحاد الذي استقبل اسمه قد بدد شكوكه، وإنما ربما لغم طبعه الحربي. فكروا كيف ستتصرفون لو قبل لحظة من المباراة في الحلبة جاء خصمكم الأسوأ وعانقكم قائلا «إنني أحبك»؟ وهكذا بالوتيللي، عند نقطة معينة، حينما وجد الحب المؤثر لاستاد اليوفي، بدا قد فقد وعيه من الدهشة. وهكذا، أخطأ أربع مرات، بالقدم اليمنى، وباليسرى وبالرأس. كان ماريو يبدو تائها داخل نفسه، كما لو كان ترحيب تورينو قد حمل معه التأثير الجانبي المضر. «ماريو، ماريو»، كان الجمهور يحمسه بعد كل خطأ يقع فيه، ما كان يساعد بصورة غريبة على زيادة فشله أمام المرمى. وفجأة رأينا الكلمات التي وجهها إليه البطل الأولمبي الأميركي تومي سميث في المكسيك «ربما ماريو أفضل من الجميع، لكن عليه إظهار حب أكثر لمن يوجهون إليه إهانات».

ربما كانت «حب» هي الكلمة المفتاح، وهكذا تغير كل شيء في بداية الشوط الثاني، حينما تعادل كييلليني ثم يحتسب لماريو خطأ ركلة جزاء ثم يسجل هدف التقدم وهو رقم 20 في مسيرته من 20 ركلة جزاء سددها في مرمى العملاق بيتر تشيك. ثم بعث بقبلة إلى خطيبته فاني الموجودة بالمقصورة، ويشرح المهاجم في نهاية المباراة: «لم يحدث معي أبدا أن أخطأت كثيرا هكذا، لم أكن محظوظا لكنني حاولت حتى آخر لحظة. إننا فريق رائع ونصبح متماسكين، ونسدد من المواقف المعقدة. إن أكثر فرصة مهدرة تلك التي تصدى لها تشيك، لقد وصلت للانفراد به ورفعت الكرة معتقدا أنه سيمسك بها لو لعبتها أرضيا. إنني أوجد بشكل أفضل مع مهاجم إلى جانبي، لكن لا مشكلة. العصبية؟ يحدث أحيانا أن يتفاعل المرء مع الاستفزازات، ومن الصعب السيطرة على الذات في الملعب. على أي حال أود توجيه الشكر للجماهير الذين حضروا المباراة، أوجه لهم التهنئة لدعمهم لي حتى النهاية، فلم أكن أنتظر هذا. الآن نفكر في المونديال، إننا من بين أول المتأهلين، وتوجد بعض الفرق أفضل، لكن يجب عليهم هم أن ينتبهوا إلينا وليس العكس».

إلى ذلك، لم تنجح إيطاليا من قبل من بلوغ مونديال كأس العالم قبل انتهاء التصفيات بجولتين، لكن المدير الفني برانديللي جعلها تصبح تخصصا، وقال: «الآن بعدما تأهلنا، أتمنى أن يكون معنا جيجي ريفا أيضا، فننتظره فاتحين أذرعنا». لكن المدير الفني هذه المرة قد شاهد مبكرا أيضا المباراة التي كان فريقه ليخوضها، حيث صرح صباح أول من أمس: «إن ميزة هذا الفريق هي أنه لا يفقد ذهنه ويجيد المعاناة مع البقاء في المباراة دائما لأنه لا يعرف نوتة موسيقية واحدة فقط، وإنما اثنتين أو ثلاثا». ويتابع برانديللي: «يتعين على ماريو تعلم المعاناة في صمت، فلاعب كبير لا ينبغي أن يفقد تركيزه أبدا». كل شيء متوقع، وكل شيء حدث. وهكذا استطاع المدير الفني الاحتفال بالتأهل إلى المونديال والانتصار الـ400 للمنتخب، هذا فيما قدم زميله بيليك استقالته إلى الاتحاد التشيكي لكرة القدم. وأضاف مدرب إيطاليا: «يروق لي إهداء هذه الأمسية إلى الطبيبة إليونارا كانتاميسا (التي قضت بعدما اصطدمت بها سيارة بينما كانت تقوم بالإسعاف في الأيام الماضية). لقد رأيت فريق إيطاليا عظيم هذه الليلة، فريق استثنائي هذه المرة، لأنه يعرف حدوده، ويبرز قدراته ويعطي أقصى ما لديه دائما».

ويضيف برانديللي: «لكننا في الشوط الأول صنعنا أربع فرص للتهديف واهتزت شباكنا من أول هجمة مرتدة. بعد هدفهم قمت بتغيير الدفاع لأن المشروع الأول كان امتلاك تفوق عددي في وسط الملعب وعدم التعرض لهجمات مرتدة، وهو ما حدث. بين الشوطين، رأيت ابتسامات قليلة، لكنني كنت واثقا من قدرتنا على قلب المباراة وأننا سنفوز، قلت هذا للفريق، وهو ما فعلوه، بدءا من بالوتيللي يحدث للمهاجمين أن يخطئوا، لكنني طالبته أن يظل هادئا ومطمئنا، حيث كان يلعب بشكل جيد. لقد احتفظ بتألقه وتركيزه وتم تكليل مجهوده». الشيء الوحيد الذي لم يستبقه برانديللي هو التعرض لموضوع مستقبله، وصرح: «امنحوني بعض الوقت ثم نتحدث في هذا، فمع تقييم الأوقات المناسبة سنتمكن من التخطيط لكل شيء بطمأنينة تامة». لكن في الصباح كان واضحا: «مسألة مستقبلي لن تكون مسلسلا تلفزيونيا».

لم يصبح هكذا حتى التأهل إلى المونديال، حيث قال الحارس بوفون بعدها: «كنت متوجسا من هذه الليالي التي تنتظر فيها الاحتفالات الواسعة، حيث يعجبني الاحتفال بعد وليس قبل. إنه انتصار نهديه لأنفسنا ولما بنيناه في ثلاث سنوات ولكل الجماهير. الآن، من أجل المونديال نحن في الصف الثالث، لكننا جاهزون لتقديم انطلاقة قوية، وكذلك للركض الحاسم في الأمتار الأخيرة». لأنه مثلما قال دي روسي «الفوز ليس سهلا، لكن ليس الأقوى هو من يفوز دائما، كما رأينا في 2006، سنحاول، فلا يمكن لإيطاليا ألا تحاول». وأكد كييلليني: «إيطاليا ستنطلق من خلف إسبانيا، المرشحة بدرجة أعلى من البرازيل. لكن صحيح أيضا أنه إذا لم نكن الأفضل على مستوى اللاعبين فإنه من الصعب تجاوزنا كفريق. صعب للغاية».