الجامعة العربية تطالب بإجراءات رادعة ضد مرتكبي جريمة الأسلحة الكيماوية

أنقرة ترحب بالاقتراح الروسي لكنها تخشى أن تكون مجرد «تكتيك»

TT

طالب مجلس الجامعة العربية بإجراءات رادعة ضد مرتكبي جريمة استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا. جاء ذلك خلال اجتماع للمجلس على مستوى المندوبين ظهر أمس، بناء على الفقرة الخامسة من قرار مجلس الجامعة الوزاري الصادر أول هذا الشهر بـ«إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع في سوريا».

وأوضح الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أن «الاجتماع السابق الوزاري دعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياتهم وفقا لميثاق المنظمة وقواعد القانون الدولي لاتخاذ الإجراءات الرادعة واللازمة ضد مرتكبي جريمة استخدام الأسلحة الكيماوية التي يتحمل مسؤوليتها النظام السوري ووضع حد لانتهاكات وجرائم الإبادة التي يقوم بها منذ أكثر من عامين».

وأضاف العربي أن «هذا القرار كان يعالج موضوعات الأسلحة الكيماوية والموضوعات المتعلقة بالوضع في سوريا والقتال الذي يدور في سوريا والذي راح ضحيته أكثر من 100 ألف شهيد، وكذلك الملايين من النازحين اللاجئين، أي هناك عذاب مستمر للشعب السوري. فكان القرار ينص على شقين، شق متعلق بالأسلحة الكيماوية، وشق متعلق بالوضع المستمر، ووضع حد للانتهاكات والإبادة التي يقوم بها النظام السوري».

وأفاد العربي خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة بأنه قد أجرى عدة اتصالات ومشاورات سياسية ودبلوماسية وعلى أعلى مستوى خلال الأيام القليلة الماضية، بين جميع الأطراف العربية والإقليمية والدولية المعنية بالأزمة السورية.

وقال العربي في هذا السياق: «أود التأكيد على أن التعامل مع تداعيات أحداث هذه المجزرة التي حدثت في 21 من أغسطس (آب) الماضي، يجب أن لا يحجب الرؤية عن مجريات الأزمة السورية وتفاعلاتها الخطيرة على سوريا، الدولة والمجتمع، والدول المجاورة لسوريا وأمن واستقرار المنطقة برمتها». وأضاف أن: «جميع قرارات مجلس الجامعة السابقة كانت واضحة في مطالبة المجتمع الدولي، ممثلا في مجلس الأمن، باتخاذ التدابير اللازمة لوقف نزف الدماء في سوريا عبر تبني قرار ملزم من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع يقضي بوقف شامل لإطلاق النار في جميع الأراضي السورية، مع تبني آلية دولية لتحقيق ذلك وتحت الإشراف المباشر للأمم المتحدة، وذلك كشرط لا بد منه من أجل الانخراط في مسار التسوية السياسية للأزمة وفقا لما جرى عليه الاتفاق في البيان الختامي لاجتماع (جنيف1) في 30-6-2012 وما تبعه من تفاهمات روسية أميركية في 7 مايو (أيار) من هذا العام بإعادة انعقاد (جنيف2)».

وذكر العربي أن هذا هو الخيار الذي تبنته الجامعة العربية ودافعت عنه في جميع المحافل الدولية، وذلك انطلاقا من إدراك أنه لا يوجد حل عسكري لهذه الأزمة، وأن مسلسل العنف وشلال الدماء والانتهاكات المستمرة ضد أبناء الشعب السوري يجب أن تتوقف وبأسرع ما يمكن حتى يمكن وضع حد لهذه الأزمة على مسار الحل السياسي الذي لا بديل عنه في نهاية المطاف، وهذا الحل السياسي، كما عبرت عنه جامعة الدول العربية، يجب أيضا أن يكون الهدف منه الاستجابة لتطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي بما يحفظ وحدة سوريا، أرضا وشعبا ومؤسسات. وأضاف العربي أنه «استنادا إلى ذلك وإلى خلاصة ما توصلت إليه من مشاورات واتصالات بشأن الموقف من التحركات الجارية بعد إقدام الاتحاد الروسي على تقديم المبادرة والموقف الأميركي، أعلنت بالأمس أن هذه المبادرة تمثل تطورا هاما يستحق التأييد، وأصبحت اليوم محورا لتحركات واتصالات دولية على أعلى مستوى».

واقترح بعض العناصر الأساسية على المجلس للتوافق حولها، هي: أن المبادرة الروسية بوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية تمثل تطورا هاما في مسار معالجة الأزمة الراهنة، ولا بد من التعامل معها ببالغ الاهتمام والجدية. ودعوة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في هذا الشأن والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة والفورية من أجل تنفيذ بنود هذه المبادرة الروسية دون مماطلة أو تسويف، وذلك عبر تبني آلية جدية وفعالة تضمن وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية في أقرب الآجال. والتأكيد على أن هذه المبادرة لا تحول دون معاقبة مرتكبي جرائم استخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية وتقديمهم إلى العدالة الجنائية الدولية باعتبارها من جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم ولا بد من معاقبة مرتكبيها. وكذلك التأكيد على الموقف الثابت لجامعة الدول العربية وقراراتها التي تطالب مجلس الأمن، ومنذ أكثر من عام، باتخاذ قرار ملزم لوقف القتال في سوريا والبدء في ترتيبات عقد مؤتمر «جنيف2» للتوصل إلى اتفاق حول خطوات الحل السياسي المنشود للأزمة السورية.

في غضون ذلك، رحبت تركيا أمس بالاقتراح الروسي وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية لوند غمركتشو «في عالم يشكل فيه استخدام الأسلحة الكيماوية وحيازتها جريمة فإن وضع ترسانة دولة تحت المراقبة الدولية يعد تطورا إيجابيا في حد ذاته». إلا أنه أعرب عن «تشككه» في تعهد نظام دمشق الالتزام بمثل هذا الاتفاق. وقال: «إذا وصلت هذه العملية إلى نهايتها، سنكون سعداء، لكن استخدام الأسلحة الكيماوية يجب أن لا يمر بلا عقاب». من جانبه شدد الرئيس التركي عبد الله غل على ضرورة بلورة الاقتراح الروسي معربا عن الأسف لعدم التوصل حتى الآن إلى تسوية سياسية للأزمة السورية. وقال: «إنه تطور مهم» مضيفا: «إنه يبعث على الارتياح. لكن ينبغي ألا يختزل الأمر في مجرد تكتيك.