البرلمان التونسي يستأنف أعماله.. والنقاش حول الدستور ما زال معلقا

الأمين العام لحزب المؤتمر يدعو الرئيس التونسي للعب دور أكبر في الحوار الوطني

TT

استأنف المجلس الوطني التأسيسي التونسي أمس أعماله جزئيا، لكن مسألة استئناف النقاش حول مشروع الدستور لا تزال معلقة. وقال مكتب الإعلام التابع لرئاسة المجلس إنه تمت دعوة ثلاث لجان للاجتماع خلال أمس للمرة الأولى منذ تجميد أعمال المجلس بسبب الأزمة السياسية التي تلت اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو (تموز) الماضي.

غير أن اللجان الثلاث، وهي لجنة التشريع العام ولجنة شهداء الثورة وجرحاها ولجنة المالية، ليست معنية بمشروع الدستور الذي يستمر تأجيل اعتماده بسبب غياب توافق بين نواب المعارضة ونواب حزب النهضة الإسلامي الذي يترأس الحكومة وحلفائه في الحكم.

وكانت لجنة التشريع العام أولى اللجان التي تجتمع الأربعاء لبحث مشروع قانون حول حقوق رئيس الدولة بعد إنهاء ولايته.

من جهة أخرى، من المقرر عقد اجتماعين آخرين هذا الأسبوع هما اجتماع رؤساء الكتل البرلمانية الخميس ومكتب المجلس الوطني التأسيسي الجمعة، لتقرير استئناف الجلسات العامة من عدمه، ما قد يتيح في نهاية المطاف نقاشا وتصويتا على مشروع الدستور.

في غضون ذلك دعا عماد الدايمي، الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، المنصف المرزوقي إلى لعب دور أكبر في الحوار الوطني الشامل بين الحكومة والمعارضة. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن المنصف المرزوقي هو «المؤهل الأكبر» للقيام بهذا الدور بعد فشل جولات الحوار السابقة التي قادتها المنظمات الأربع الراعية للحوار بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية).

وانتقد الدايمي الجهات الراعية للحوار، وهي اتحاد الشغل (أكبر نقابة عمالية في البلاد) واتحاد الأعراف ورابطة حقوق الإنسان وعمادة المحامين، وقال إنها لم تكن على درجة جدية من الحياد، وهو ما جعلها تفشل في إدارة الحوار بين المعارضة والحكومة، وحملها تبعا لذلك «المسؤولية الرئيسة عن فشل مساعي إطلاق حوار وطني شامل»، كما حملها مسؤولية عدم توصلها إلى فتح حوار مباشر بين الأطراف السياسية ولعب دور الوسيط الناقل للأفكار السياسية دون رؤية واضحة للحل السياسي.

ويؤيد كثير من الأطراف السياسية فكرة إجراء الحوار بين الحكومة والمعارضة تحت إشراف رئاسة الجمهورية، وتقول هذه الأطراف: «إنها تمثل في الدستور القديم، والجديد رمز الوحدة الوطنية، كما أنها تعد المؤسسة الوحيدة القادرة على ضمان ما يبحث عنه الفرقاء السياسيون».

وبشأن مشاركة حزب المؤتمر، أحد شركاء حركة النهضة في الائتلاف الثلاثي الحاكم في جولات الحوار المقبلة، قال الدايمي إن لحزب المؤتمر مجموعة من الشروط من بينها عودة النواب المنسحبين (قرابة 54 نائبا برلمانيا) إلى المجلس التأسيسي (البرلمان)، وكذلك الموافقة على اعتماد هدنة اجتماعية إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وأضاف الدايمي أن حزب المؤتمر يدعم مقترح حركة النهضة حول تشكيل حكومة انتخابات تشرف على الانتخابات المقبلة، وقال إن من هاجموا المقترح لم يكونوا على بينة من تفاصيله.

وتساءل كثير من القيادات السياسية عن غياب دور فعال لرئيس الجمهورية خلال الأزمة السياسية الأخيرة وضبابية مشاركته في إدارة الحوار، وأثارت موضوع الملف الطبي للمرزوقي مما اضطر رئاسة الجمهورية إلى إصدار بيان أول من أمس نفت من خلاله خبر تعرض المرزوقي لوعكة، وقالت إنه أجرى نهاية الأسبوع الماضي بعض الفحوص الطبية العادية بالمستشفى العسكري بالعاصمة التونسية.

وكان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي قد أجرى يوم أمس سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من قيادات الأحزاب والمجتمع المدني، تركزت حول المشاورات التي تجري منذ أشهر بين الأطراف السياسية للخروج من الأزمة السياسية، وكذلك سبل تأمين أفضل الحلول الممكنة لتجاوز تناقض الرؤى بين الفرقاء السياسيين حول ما تبقى من المرحلة الانتقالية. ويسعى المرزوقي لاستعادة الدور الفعلى الذي كان لعبه بين الفرقاء السياسيين إبان الأزمة المتعلقة بالنقاط الخلافية المضمنة بمشروع الدستور الجديد.

وأجرى المرزوقي لقاء مع أحمد نجيب الشابي زعيم الحزب الجمهوري ومحمد الحامدي الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي وفريد الباجي (أحد شيوخ السلفية العلمية) في محاولة لاستعادة بريق رئاسة الجمهورية.

في غضون ذلك، تنتظر الساحة السياسية التونسية ما ستفرزه الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل التي ستنعقد غدا بالعاصمة التونسية. ومن المتوقع أن يعلن اتحاد الشغل عن فشل محتمل للمشاورات السياسية مع إمكانية تصعيد المواقف من طرف المنظمات الراعية للحوار. كما ستقدم الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل مجموعة من التواريخ بشأن إنهاء المرحلة الانتقالية والوصول إلى الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية، كما ستقترح مهلة لاستقالة الحكومة قبل الإعلان عن جملة من التدابير التصعيدية في صورة تواصل الأزمة السياسية وتأثيرها المباشر على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.