وزير خارجية روسيا: تسوية مشكلة الكيماوي تجعل توجيه أي ضربة إلى سوريا بلا جدوى

كيري يصطحب فريق خبراء شاركوا في التفتيش عن أسلحة ليبيا والعراق إلى جنيف للقاء لافروف

وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف أثناء مؤتمر صحافي بجنيف أمس (إ.ب.أ)
TT

صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن تسوية مشكلة الأسلحة الكيماوية السورية «تجعل من غير المجدي توجيه أي ضربة ضد سوريا».

وقال لافروف في مؤتمر صحافي في جنيف قبل بدء مفاوضاته مع نظيره الأميركي جون كيري «ننطلق من مبدأ أن تسوية هذه المشكلة تجعل من غير المجدي توجيه أي ضربة ضد سوريا. ونحن مقتنعون بأن شركاءنا الأميركيين يفضلون بقوة حلا سلميا لهذه المشكلة».

من جهته دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري النظام السوري إلى الكشف عن ترسانته من الأسلحة الكيماوية ووضعها قيد الإشراف الدولي للتخلص منها لاحقا. وناقش كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف تفاصيل المبادرة الروسية في جنيف أمس، وقد اصطحب كيري في مباحثاته مع لافروف فريقا من خبراء الأسلحة الكيماوية الأميركيين حيث يعقدون اجتماعات مفصلة حول المبادرة الروسية لنزع أسلحة الأسلحة الكيماوية مع نظرائهم من الخبراء الروس على مدى يومي الخميس والجمعة.

ويضم الفريق خبراء عملوا على تفتيش وإزالة الأسلحة غير التقليدية من ليبيا عام 2003 وفي العراق بعد حرب الخليج الأولى. ورفضت مصادر كشف أسماء الفريق أو عددهم خوفا على أمنهم الشخصي. ومن المتوقع أن يصدر الخبراء الأميركيون والروس تقريرا بالخطوط العريضة لخطة القيام بمهمة جرد وتأمين وتدمير مخزونات الأسلحة الكيماوية السورية.

وأبدى بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية شكوكا في مدى جدية المبادرة الروسية وصعوبة وتعقيد عملية تأمين وتدمير الأسلحة الكيماوية لدى سوريا. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي «لدينا بالتأكيد تاريخ طويل من الشكوك مع الروس لكننا نذهب إلى جنيف وأعيننا مفتوحة على مصراعيها، وقد أوضح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في حديثه لوزير خارجية روسيا أنه لن يذهب لممارسة لعبة».

وقال مسؤول بالخارجية الأميركية «إن وزير الخارجية كيري يبحث عن اتفاق سريع بشأن المعايير لكيفية المضي قدما مع الروس، الذين قدموا حتى الآن بعض الأفكار المبدئية والتي تحتاج إلى الكثير من العمل عليها والإضافات والمقترحات من الخبراء الفنيين». وشدد على رغبة الإدارة الأميركية في معرفة ما إذا كان الروس يحاولون المماطلة، والتأكد من انضمام سوريا لاتفاقية حظر الأسلحة والإعلان الفوري عن مواقع تخزين تلك الأسلحة. وأوضح المصدر بالخارجية الأميركية أن كيري ولافروف تحدثا تليفونيا أكثر من تسع مرات خلال الأسبوع الماضي. وقد تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما صباح الخميس بإيجاز عن المحادثات التي تجريها الولايات المتحدة وروسيا في جنيف في بداية اجتماعه بأعضاء حكومته صباح الخميس معربا عن أمله أن تخرج بنتائج ملموسة، وقال أوباما «كيري في الخارج لمناقشة الوضع في سوريا وهو الموضوع الذي قضينا فيه الكثير من الوقت على مدى الأسابيع القليلة الماضية وكيف يمكن أن نتأكد من عدم استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى ضد الأبرياء» وأضاف أوباما «آمل أن المناقشات التي يجريها كيري مع وزير الخارجية الروسي لافروف ولاعبين آخرين يمكن أن تسفر عن نتيجة ملموسة وأنا أعلم أنه سيعمل بجد خلال الأيام القادمة على تلك الاحتمالات».

وتأمل الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق مقبول مع الجانب الروسي بحيث يكون إخضاع الأسلحة الكيماوية السورية للإشراف الدولية جزءا من قرار ملزم يتم استصداره من مجلس الأمن الدولي بعد أن عرقلت روسيا ثلاثة قرارات سابقة من مجلس الأمن ومنعت إدانات بعبارات أكثر حدة ضد النظام السوري. وتتوقع مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة أن يتم الإعلان عن نتائج تقرير فريق التفتيش الأممي بقيادة أيك سالسيتروم في سوريا يوم الاثنين القادم.

ويأتي اجتماع كيري ولافروف في الوقت الذي تحاول فيه الأمم المتحدة صياغة خطة دولية لإخضاع الأسلحة الكيماوية للأشراف الدولي وتدميرها. وأشارت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة أن مشروع القرار الذي تقدمت به فرنسا يتضمن أحكام تنفيذ استنادا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو ما يجعل قبول سوريا لإخضاع ترسانتها الكيماوية للإشراف الدولي وتدميرها إلزاميا.

وقال مسؤول دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القرار يتضمن تنفيذ كل التدابير العسكرية وغير العسكرية لكنه لا يحتوي على إذن صريح باستخدام القوة العسكرية حيث اعترضت روسيا على مقترح الإلزام بالتنفيذ. وأوضح أن مشروع القرار يتضمن إدانة الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية الشهر الماضي ويلزم سوريا بالإعلان عن مخازن الأسلحة الكيماوية وتفكيكها ووضعها قيد المراقبة الدولية مع التحذير بمواجهة «عواقب وخيمة» إذا أخلت بالتنفيذ. وأوضح المسؤول الدبلوماسي أن كلا من مندوبي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يصرون على أن يصدر مجلس الأمن قرارا له صفة الإلزام بينما تفضل روسيا إصدار قرار رئاسي ليس له صفة الإلزام.

وتأتي اجتماعات كيري ولافروف في جنيف فيما تواصل وكالة المخابرات المركزية الأميركية خططها لتقديم المدافع الرشاشة الخفيفة والأسلحة الصغيرة إلى المعارضة السورية وأشار مسؤولون سابقون في الاستخبارات الأميركية لصحيفة «واشنطن بوست» أن الاستخبارات الأميركية رتبت لإيصال أسلحة مضادة للدبابات وقذائف صاروخية وصواريخ محمولة على الكتف مضادة للطائرات، للمعارضة السورية من خلال طرف ثالث. وقال المسؤولون إنه من المرجح أن تعمل تلك الأسلحة التي تقوم الولايات المتحدة بتزويدها للمعارضة على تحقيق التوازن في الصراع مع الجيش السوري مؤكدين وصولها للمعارضة السورية منذ أكثر من شهر من خلال طرف ثالث أشاروا أنه من الدول الخليجية. ويعد برنامج المساعدات الأميركية للمعارضة السورية التابع للاستخبارات المركزية الأميركية برنامجا سريا حيث تطلع عليه لجنتا الاستخبارات في الكونغرس فقط وليس لجان القوات المسلحة.

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي برناديت ميهان «إن الإدارة الأميركية لا يمكن أن تقدم تفصيلا لكل أنواع الدعم الذي تقدمه للمعارضة أو مناقشة الجدول الزمني للتسليم، لكن المهم التأكد أن المعارضة السورية سواء السياسية أو العسكرية تتلقى تلك المساعدات».

وكانت صحيفة «كومرسانت» الروسية الصادرة عن مصادر دبلوماسية في روسيا نقلت أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعتزم التفاوض مع نظيره الأميركي جون كيري حول خطة من أربع مراحل لتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية في سوريا.

وتنص المرحلة الأولى في المقترح، بحسب الصحيفة، على انضمام سوريا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، وتتمثل المرحلة الثانية في الكشف عن مقار تخزين وإنتاج هذه الأسلحة، أما الثالثة فتقضي بفحص ترسانة الأسلحة الكيماوية، وفي المرحلة الرابعة يجري تدميرها. وأشار تقرير الصحيفة إلى أنه سيتعين على لافروف وكيري الاتفاق على كيفية تنفيذ خطط تدمير الأسلحة الكيماوية لسوريا.

وذكرت الصحيفة أنه من المحتمل تجديد ما يعرف باسم برنامج «نان - لوجار» لنزع أسلحة الدمار الشامل، والذي سيمكن واشنطن وموسكو من التعاون في تدمير الأسلحة الكيماوية السورية. وأشارت الصحيفة إلى أن تمويل عمل هذه الخطة لا يمثل مشكلة.