د. محمد مختار جمعة لـ «الشرق الأوسط»: المساجد للدعوة وليست للسياسة

وزير الأوقاف المصري يغلق طريق المنابر أمام غير المؤهلين

وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، أن رسالة الوزارة هي إعمار المساجد بضوابط شرعية ودعوية ووطنية لا إغلاقها. وقال إنه أصدر «قرارا بإلغاء جميع تصاريح الخطابة الخاصة بخطباء المكافأة، وذلك لمنع صعود غير الأزهريين على منابر المساجد الحكومية والأهلية».

و عين الدكتور جمعة (64 عاما) وزيرا للأوقاف في أول حكومة جرى تشكيلها في 17 يوليو (تموز) الماضي برئاسة الدكتور حازم الببلاوي، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. ويمثل الدكتور جمعة رمزا للمنهج الأزهري الوسطي المعتدل، بعد نحو عام عانى فيه الخطاب الدعوي لوزارة الأوقاف من توجه حزبي وديني معين واتهامات بـ«أسلفة وأخونة» الأوقاف والدعاة والأئمة في عهد وزير الأوقاف السابق الدكتور طلعت عفيفي، نائب رئيس هيئة الشريعة للحقوق والإصلاح السلفية، والذي أثار اختياره وزيرا للأوقاف في أغسطس (آب) من العام الماضي الجدل داخل الوسط الديني في مصر، بعد قيام الدكتور هشام قنديل، رئيس الحكومة وقتها، بتكليف الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر، لشغل منصب وزير الأوقاف، إلا أنه تراجع عن ذلك في محاولة لاسترضاء السلفيين و«الإخوان»، وقام بإسناد حقيبة الأوقاف لعفيفي.

وقال الدكتور جمعة في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة، إنه يجري «تشكيل لجنة بالوزارة للمساجد الكبرى لمتابعة ما يحدث ببعضها من الخروج عن دورها في الدعوة والتوجه بها إلى العمل السياسي أو الحزبي، وتحويل أي مسؤول عن هذه الأعمال للمساءلة حال ثبوت قيامه بالإساءة لاستخدام المنابر».

وتحاول وزارة الأوقاف مواجهة حالة انفلات دعوي عمت المساجد في مصر بعد عامين من ثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، وبغرض إبعاد المساجد عن الصراعات السياسية بين الأحزاب. وقال الدكتور مختار جمعة، إن «هذه الإجراءات الأخيرة تأتي في سياق حملة الأوقاف لمنع تسخير المنابر للترويج لمواقف سياسية». وفي ما يلي نص الحوار.

* أصدرت قرارا جريئا بإلغاء جميع تصاريح الخطابة الخاصة بخطباء المكافأة من غير الأزهريين.. كيف كان ذلك؟

- هذا القرار لمنع صعود غير الأزهريين منابر المساجد الحكومية والأهلية.. ستعاد هيكلة وتجديد التراخيص التي منحت لغير الأزهريين في السابق، والتثبت من علمهم وقدرتهم على العطاء. وأي تصريح سابق أصبح كالعدم طالما لم يجري تجديده من الوزارة خلال شهرين. فالوزارة تفتح الباب أمام جميع الأزهريين للحصول على تصريح للخطابة، على أن يقدموا صورة من المؤهل الأزهري، وسيجري ربط التصاريح الجديدة بالرقم القومي، وسيتم سد العجز في خطباء المساجد بالتنسيق مع الوعظ في الأزهر.

* وهل لدى الوزارة ما يكفي من الأئمة لسد العجز في المساجد التي سوف تخلو من غير الأزهريين؟

- نعم لدى الوزارة ما يكفي لسد عجز الدعاة غير المؤهلين من خلال الاستعانة بالكفاءات وخريجي الأزهر الشريف والوعاظ.

* وما الهدف من ذلك؟

- وزارة الأوقاف لا تقصي أحدا بناء على هويته السياسية، وليس هناك توقيف أو إقصاء لأي خطيب أو إمام أو أي عامل بوزارة الأوقاف وفقا للقرار. لكن نسعى لأن تكون المساجد للدعوة والعبادة بناء على وسطية الأزهر الشريف.

* هناك الكثير من المعاهد التي تخرج الدعاة.. ما مصيرها؟

- لن نعترف بأي معاهد لإعداد الدعاة لا تخضع للإشراف الكامل للوزارة من حيث اختيار العمداء والأساتذة والمناهج والكتب الدراسية، لأن الوزارة ترغب في نشر الوسطية والاعتدال وسماحة الإسلام. أما أي معاهد تختار كتبا دراسية تابعة لتيارات بعينها فلن تعترف الوزارة إطلاقا بهذه المعاهد التي لا تتبع منهج الأزهر والأوقاف، فالوزارة ليس لها سلطة إغلاق هذه المعاهد، لكنها لن تعترف بأي خريج منها، والوزارة لديها 19 معهدا فقط، ونلزم المعاهد التي نعترف بها بأن تضع التصريح الخاص بموافقة الأوقاف في لوحة واضحة بالمعهد.

* أثار قرارك بمنع إقامة صلاة الجمعة في الزوايا الصغيرة وقصرها على المساجد الكبيرة جدلا بين تيار الإسلام السياسي في مصر ما وجهة نظرك في ذلك؟

- أصدرت تعليماتي لكل وكلاء الوزارة بنقل الأئمة الموجودين بالزوايا الصغيرة للمساجد الكبرى، وتجنب إقامة صلاة الجمعة بالزوايا وقصرها على المساجد الجامعة، فالوزارة تريد إسناد الأمر إلى أهله بالنسبة إلى خطب الجمعة، حتى لا تتشتت كلمة المسلمين، ولا يخطب فيهم غير المتخصصين، وذلك بعد أن لاحظنا تجرؤا على المساجد باتخاذها مكانا للنوم والراحة، وليست للعبادة والدعوة إلى الله، فضلا عن أن الزوايا الصغيرة التي تقام أسفل البنايات لا تنطبق عليها كلمة مسجد حسب إجماع العلماء، لأنه غير متوافر فيها شروط المسجد. ولدينا من الخطط والإجراءات ما يضمن التطبيق الأمثل في القريب العاجل، وجعل المساجد للعبادة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وإدارة كل مسجد مسؤولة مسؤولية قانونية وإجرائية حيال أي تجاوز قد يحدث.

* هل معنى هذا أن الوزارة ستغلق الزوايا الصغيرة؟

- الوزارة لن تغلق أي مسجد، وكل مسجد بني لله سيظل مسجدا إلى قيام الساعة، لكن صلاة الجمعة لا بد أن تقام في المسجد الجامع، ومنع إقامة صلاة الجمعة في الزوايا التي تقل مساحتها عن 80 مترا، إلا بموافقة من وكيل الوزارة لشؤون الدعوة.

* بعض الأئمة يقوم بإنابة غيره في خطبة الجمعة ماذا ستفعلون حيال ذلك؟

- لا يجوز لأي واعظ كما لا يجوز لأي إمام أن ينيب عنه أحدا في الخطبة، إنما يرجع إلى مفتش المنطقة التابع لها المسجد لاتخاذ ما يلزم، وفى حالة الغياب بعذر والتنسيق مع المفتش يخصم بدل الخطبة التي لم تؤد، وفي حالة الغياب من دون عذر يخصم بدل خطبتين مع عمل كل الجزاءات القانونية التي تترتب على الغياب أو أخطاء خطبة البديل. وأنه في حالة تكرار الغياب من دون عذر يعد الواعظ معتذرا عن العمل مع الأوقاف ويرفع اسمه من الكشوف مع إخطار منطقته، وفي حالة عدم العجز يؤدي الوعاظ خطتهم الدعوية وفق واجبهم الوظيفي دون أي بدلات من الأوقاف إلا من يقبل العمل منهم في أقرب محافظة له.

* وهل الفترة المقبلة ستشهد متابعة للخطاب الديني بالمساجد خاصة الكبرى؟

- جرى تشكيل لجنة بالوزارة للمساجد الكبرى لمتابعة ما يحدث ببعضها من الخروج عن دورها في الدعوة والتوجه بها إلى العمل السياسي أو الحزبي، وتحويل أي مسؤول عن هذه الأعمال فورا للمساءلة حال ثبوت قيامه بالإساءة لاستخدام المنابر. فالوزارة ملك لأبنائها ولا مجال للعمل السياسي بوزارة الأوقاف، وإن المساجد للدعوة وليست للسياسة، ولا مكان للرموز والقيادات التي تنتمي لأي حزب في أي مفصل من المفاصل القيادية لوزارة الأوقاف، كما أنه سيجري ضرب الفساد في الوزارة بيد من حديد وتقديم أي مخالف إلى النيابة العامة والاهتمام الخاص بموضوع المساجد التي ضمت وهميا إلى الوزارة.

* البعض يجمع تبرعات في المساجد تحت أسانيد معينة.. كيف سيجري التصدي لهذه التبرعات غير المعلوم مصادر إنفاقها؟

- الوزارة أصدرت قرارا بمنع دفع أي أموال لأي جمعية أو لجنة في المساجد حتى لا تذهب هذه الأموال إلى جهات لا تتقي الله بمال الله، والوزارة شددت على هذا الأمر ومنعت أي شخص أو جهة تقوم بجمع التبرعات، إلا إذا كانت جهات رسمية والتبرع يكون من خلال إيصال معتمد. أما بالنسبة لإمامة المساجد الكبرى ومساجد النذور، فهناك لجنة لدراسة تنقلات الأئمة بين هذه المساجد، وإذا كان البعض لديه رصيد وشعبية في هذه المساجد، سيكون هناك فصل بين الإمامة وخطبة الجمعة.

* وهل هناك تنسيق بين وزارة الأوقاف والوعاظ في الأزهر الشريف؟

- تقرر معاملة الواعظ معاملة المؤهلات العليا الأزهرية من حيث مكافأة الخطبة وتثبيت الوعاظ في المساجد والأولوية للمساجد الحكومية ثم الأهلية الكبرى، وبالنسبة لقيادات الوعظ الراغبة في الاشتراك في هذا النظام التقدم بكشف عن طريق مدير عام الوعظ لمديرية الأوقاف التابع لها للإدراج في الخطة.

* القوات المسلحة قامت بمجهودات كبيرة لإعادة ترميم مسجد رابعة العدوية (مقر اعتصام أنصار الرئيس المعزول) بمدينة نصر.. ماذا تريد أن تقول في ذلك؟

- أريد أن أشيد بدور القوات المسلحة في تجديد مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر، والذي كلف نحو 85 مليون جنيه، كما أحب أن أقول إن القوات المسلحة أيضا بادرت وأعلنت عن تجديد وترميم مسجد الفتح بميدان رمسيس بوسط القاهرة، وفي أسوان (بصعيد مصر) قامت القوات المسلحة ببناء ستة مساجد لأهالي النوبة.

* حدثنا عن حالة الإصلاح التي تشهدها وزارة الأوقاف في عهدك؟

- الإصلاح متواصل مع كل الجهات وعلى جميع الأصعدة داخل الوزارة في سبيل إعطاء التمييز والريادة لوزارة الأوقاف، لكونها وزارة إصلاحية توجيهية، حيث إنه إذا أصلح الله حالها فسينصلح حال الجميع.. ولا بد أن يمضي الإصلاح في كل اتجاه.. إصلاح الإدارة والداعية وهيئة الأوقاف المصرية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.. وكل هذه الأمور نحاول الاجتهاد فيها. وفيما يخص تفعيل دور هيئة الأوقاف للمساهمة في خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني، تقرر إقامة معارض لمنتجات مصنع السجاد التابع لهيئة الأوقاف بتخفيضات فعلية حقيقية.

* طالبت منذ توليكم الوزارة بضرورة الاستفادة بمكانة الأزهر الشريف في العالم لتغيير الصورة السلبية التي أخذت عن مصر بعد ثورة «30 يونيو».. حدثنا عن هذا؟

- بالفعل طالبت بضرورة الاستفادة من قوة الأزهر الناعمة ومكانة مصر وريادتها في العالم الإسلامي والعربي والأفريقي، من خلال تعزيز بعثات الأزهر والأوقاف في الخارج ورعاية الطلاب الوافدين للأزهر من أفريقيا وآسيا وتنظيم منتديات علمية وثقافية مشتركة لتعود لمصر ريادتها في العالم، وتوضيح الصورة السلبية التي نقلت عن مصر بعد 30 يونيو (حزيران) الماضي.

* حدثت وقيعة بين مؤسسة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف خلال العام الماضي في فترة ولاية الوزير السابق.. ما خطتكم لعودة العلاقة مع الأزهر إلى سابق عهده؟

- أؤكد أهمية التنسيق الكامل بين الوزارة والأزهر الشريف في كل ما يتعلق بالدعوة والقضايا الوطنية، ونطرح فكرة دمج الأوقاف والإفتاء بالأزهر الشريف وتخصيص وكيل للإمام الأكبر لكل منهما لتنسيق جهود الدعوة في مصر.

* وهل هناك تعاون مع مشيخة الأزهر بعد عام من القطيعة؟

- فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يترك لكل من وزير الأوقاف ومفتي مصر الصلاحيات الكاملة لإدارة ما يخصه على أن يجري التنسيق في مسائل الدعوة والقضايا الوطنية.

* نعيش في مرحلة اختلطت فيها الأوراق وأصبحت لغة الدماء تتحكم في كثير من القضايا.. من وجهة نظرك ما دور وزارة الأوقاف وهي تحمل عاتق الدعوة من منابرها؟

- الوزارة تدعم أي مصالحة وطنية جادة تحقن دماء المصريين جميعا، لأن دماءهم عزيزة ومحرمة ونرفض في الوقت نفسه محاولات الاعتداء على مؤسسات الدولة أو قطع الطرق أو ترويع الآمنين، ذلك لتعاليم الإسلام السمحة التي تهتم بقضاء حوائج الناس لا تعطيلها.

* وكيف ترى انخراط بعض الدعاة في السياسة؟

- على الرغم من المكاسب الكثيرة التي جنيناها من حرية الرأي والكلمة، فإن انشغال الناس خاصة العلماء والدعاة بالجوانب السياسية أكثر من قضايا الدين وتحول أكثر القنوات التي تقوم بالتربية والأخلاق إلى الشق السياسي وحياة الناس العامة بعيدا عن حفظ القرآن والشؤون الدينية، أوجد فجوة أخلاقية كبيرة في المجتمع.. فالمساجد قبل ثورة «25 يناير» كانت أكثر امتلاء من الآن، وهو ما جعلنا نتساءل ما الذي حدث؟ ونقف أمام أنفسنا أمام مسؤوليتنا الشرعية ونبحث ونركز على الجانب الروحي والأخلاقي والتربوي، فلو انفلتت منظومة القيم سنكون في خطر شديد، لأن هناك تغيرا كبيرا في سلوكيات كثير من الشباب بسبب الاستقطاب السياسي، وهو ما يؤكد أنه يجب علينا أن نركز على بث القيم الدينية والأخلاقية والتربوية حتى نجني ثمار ذلك مستقبلا، والنبي صلى الله عليه وسلم حدد الهدف الرئيس من الرسالة وهو مكارم الأخلاق، بالإضافة لثمرة العبادات والتي يظهر أثرها في السلوك.

* نعاني الآن من بعض الأفكار التي تدعو للتشدد والعنف خاصة في سيناء.. كيف يمكن أن نواجه هذه الأفكار؟

- الفقه عند أهل العلم هو التيسير، بدليل أنه لم يقل أحد من أهل العلم من القديم أو الحديث، إن الفقه هو التشدد، والشريعة الإسلامية قائمة على اليسر ورفع الحرج «وما جعل عليكم في الدين من حرج»، وما خير النبي بين أمرين إلا واختار أيسرهما ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم، والرفق ما وضع في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.. وعندما يتحدث العلماء عن الوسطية في الإسلام يظن المتشددون أن في هذا نوعا من التفريط أو التساهل في حق الدين، وهم على خطأ لأننا ننبذ التفريط قدر نبذنا للتشدد حتى لا تختل الموازنة. فالإسلام دين الوسطية واليسر فلا إفراط ولا تقصير، فلا نفرط في أي شيء من ثوابتنا حفاظا على وسطية الدين، والإسلام فتح باب الأمل واسعا وباب التوبة مفتوح دائما وأبدا أمام الجميع.

* وكيف نرتقي بلغة التعايش مع الآخر؟

- سماحة الإسلام ليست للمسلمين فقط، وإنما أرسل النبي محمد رحمة للعالمين ولم يقل إنه رحمة للمسلمين فقط، وهو ما يدعونا إلى العودة للغة التعايش التي دعا إليها الرسول وعلمنا إياها حينما عاد إلى مكة فاتحا فلم يعد منتقما أو غاضبا، ولكنه عاد مسامحا عافيا عن كل من أساء إليه.

* بعيدا عن السياسية، بماذا تنصح المصريين ونحن على أبواب موسم الحج؟

- لا شك أن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يكتمل إسلام المرء المستطيع بدنيا وماليا إلا بها، غير أن رحمة الله عز وجل بعباده ربطت الحج بالاستطاعة البدنية والمالية، فمن كانت نيته قائمة على الحج وقعد به عجزه البدني أو المالي بلغه الله درجة الحجيج بنيته الصادقة، وقد جعل الله للضعفاء وغير القادرين في الذكر والصلاة والقيام وسائر القربات والنوافل ما يسمو بهم إلى درجة الحجيج وأسمى، ما صدقت نياتهم وأخلصوا لله فيما ممكنهم منه. والله عز وجل جعل فريضة الحج مرة واحدة، وقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يكون الحج آخر أركان الإسلام فرضا على المسلمين.

وإذا كان بعض الناس يذكرنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة»، فإن ذلك مرتبط بحال الأمة ويسارها ووضع اقتصادها، فإذا كان الاقتصاد الوطني قويا متينا ليس في أبناء الوطن جائع لا يجد ما يسد جوعته، أو عار لا يجد ما يستر عورته، أو مريض لا يجد ما يتداوى به، فليحج الناس ما شاءوا أو ليعتمروا ما شاءوا. لكن إذا كان في الأمة أو الوطن فقير ومريض لا يكاد يجد ما يتداوى به إلا بشق الأنفس، وشاب لا يجد ما يعف به نفسه، فنقول إن فقه الأولويات يقتضي أن كل ذلك مقدم على حج النافلة وعمرة النافلة. فأمة لا تملك كامل قوتها، أو كامل دوائها، أو وسائل أمنها من سلاح وعتاد، أولى بها أن تتوجه إلى سد هذه الجوانب قبل التفكير في حج النافلة وعمرة النافلة.

* وماذا عن المزاحمة في موسم الحج؟

- الحكمة والفقه يقتضيان أن يترك من أدى الفريضة الفرصة لغيره ممن لم يؤدها، فدرء المفسدة المتوقعة من كثرة الزحام مقدم على جلب المنفعة المترتبة على النوافل.

* وزير الأوقاف المصري في سطور

* محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، هو عميد منتخب لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة جامعة الأزهر، وعضو المكتب الفني لشيخ الأزهر الشريف.

* شارك الوزير في مؤتمرات إسلامية عربية ودولية، وله الكثير من الإسهامات العلمية والشرعية والأدبية، منها وضع مناهج اللغة العربية وآدابها لكليات التربية بسلطنة عمان وفي تطوير مناهجها. كما شارك في مؤتمر الإسلام في أفريقيا بالسودان وفي حفل تسلم جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام.

* حصل وزير الأوقاف على عضوية الكثير من الاتحادات المختصة في الأدب، منها اتحاد كتاب مصر ورابطة الأدب الإسلامي والرابطة العالمية لخريجي الأزهر، وله اهتمامات كبيرة بمجال التنمية البشرية التي حاضر في كثير من منتدياتها كداعية وأستاذ جامعي متخصص في العلوم الشرعية والأدبية.

* لوزير الأوقاف الكثير من المؤلفات في الأدب والشعر أبرزها، الأدب العربي في عصره الأول، والفكر النقدي في المثل السائر لابن الأثير في ضوء النقد الأدبي الحديث، والتمرد في شعر الجواهري.

* بعد تعيينه وزيرا للأوقاف رحبت به الأوساط الدينية في مصر نظرا لكونه مستقلا سياسيا وكونه عميدا منتخبا من أعضاء هيئة تدريس كلية الدراسات الإسلامية، وطالب باستقلال الأزهر مرارا، وطالب بميزانية مخصصة للأزهر ليؤدي رسالته على أكمل وجه.