سكارلت جوهانسن لـ «الشرق الأوسط»: أضيف إلى الشخصية التي تعجبني إذا لزم الأمر

بعد خفوت طفيف وحضور متعثـر سنة 2007 طلبها وودي ألن للمشاركة في «فيكي كرستينا برثلونة»

TT

بما أن أفلامها خليط من الأنواع في هذه الأيام، فإن سكارلت جوهانسن مستعدة لخليط من الأسئلة بدورها. شرطها الذي تبلغه إلى من يود مقابلتها عبر الملحق الصحافي الذي ينظـم هذه المقابلات، هو عدم طرح أسئلة شخصية. الملحق يعرفني منذ سنوات ويعرف أسئلتي، لكن للأمانة «علي أن أطلب منك الالتزام بنوعيـتك من الأسئلة»، يقول وعلى وجهه ابتسامة اعتذار.

لا شيء على صعيد الحياة الشخصية ولا هناك نيـة لذلك، لأن سكارلت جوهانسن لديها من الأفلام خلال ثماني عشرة سنة من المهنة ما يكفي ويزيد. لكن لننس أنها انطلقت سنة 1994 في فيلم لم يشاهده كثر، اسمه «نورث»، لعبت فيه دورا صغيرا جدا، وأنها ارتقت لدور متقدم، لكنه ليس بطوليا، في فيلم للأخوين كوون هو «الرجل الذي لم يكن هناك» سنة 2001، وحتى إنها تسلمت أول دور بطولة حقيقي في فيلم صوفيا كوبولا «سكارلت جوهانسن»… كل ذلك الآن يبدو مثل محطات بعيدة في رحلة قطار تنطلق اليوم بأسرع مما بدأت.

بعد خفوت طفيف وحضور متعثـر سنة 2007، طلبها وودي ألن للمشاركة في «فيكي كرستينا برثلونة»، لكن أحدا لم يشاهد فيلميها اللاحقين «الروح» (2008) و«إنه ليس معجبا بك» (2009). وحين عادت إلى تلك الأفلام المستقلة والصغيرة بعد عامين في «اشترينا حديقة حيوان»، لم تكف النية في التمثيل في فيلم «فني» لكي تحافظ على مكانتها المكتسبة والمستحقـة.

كان لا بد من أن تقبل أعمالا تعجب البعض، كيف توافق عليها. «آيرون مان2»؟ «المنتقمون»؟ ما لها ولهذا النوع الجماهيري البحت من الأعمال؟ سؤال البعض واستهجان البعض الآخر، كان الرد عليه سهلا: الاستمرار في نهجها ذاته. ها هي من ناحية تستعد لتصوير فيلمين من نوع الكوميكس: «كابتن أميركا» المجدول عرضه في منتصف العام المقبل، و«المنتقمون 2» المؤجـل عرضه لمنتصف العام اللاحق 2015.

* يبدو أنك تخطين في درب مدروس. من ناحية أنت في أفلام جماهيرية كبيرة، ومن ناحية أخرى ما زلت ممثلة تحب المستقل والمختلف مثل «تحت البشرة» الذي عرض في «فينيسيا» أخيرا...

- «تحت البشرة» هو نموذجي في رأيي. فيلم يتوجـه إلى أكثر من فئة فهو خيالي - علمي، لكن بقلب وبرسالة، ولذلك أعتقد أن لديه نسبة كبيرة من النجاح.

* تبدين جديدة في هذا الفيلم كدور وأيضا كممثلة.

- هذا هو المقصود. عندما جلست والمخرج جوناثان غلايزر وتحدثنا في الشخصية التي سأقوم بتمثيلها، شعرنا بأن من مصلحة الفيلم أن أبدو جديدة فيه قدر الإمكان. طبعا لا تستطيع أن تنسى أن الممثلة التي تقوم بالدور ممثلة معروفة، وربما دخل بعض المشاهدين للفيلم على أساس إعجابهم بها، لكن الرغبة الحقيقية كانت الخروج من هذه الحالة المتوقـعة وتقديم شخصية جديدة تماما.

* الشخصية التي تؤدينها لا خلفية لها. أقصد السيناريو لا يبدو أنه قدم لها خلفية معيـنة تشرح للمشاهد مصدرها، وهذا ليس مهمـا ما دام الموجود ناجحا، لكن هل تغييب الخلفية أمر جيد أو سيئ بالنسبة للممثل؟

- بالطبع، كان الأمر مقصودا هنا. أقصد أن تظهر هذه المرأة التي لا اسم لها من دون خلفية. كيف لنا أن نعرف خلفيـتها وهي مخلوق من عالم آخر. لكن تغييب الخلفية لا يشكـل صعوبة لدى الممثل. ربما عليه عبء مزدوج من حيث إن عليه أن يزيد من وقع وتأثير الحاضر لكي يؤكد هذا الغياب. هل تعرف ما أقصده؟ لأن الشخصية التي لا خلفية لها على الممثل أن يعزز هذا الفراغ بحضور يعفي المشاهد من طلب معرفة تلك الخلفية.

* في الفيلم أيضا، هناك مشاهد إغراء. هي جديدة عليك إلى حد ما، أليس كذلك؟

- إذا استثنيت دوري في «المنتقمون» نعم (تضحك كون «المنتقمون» كان كل شيء باستثناء الإغراء). إنه شرط عضوي من شروط «تحت البشرة». لم يكن خيارا من نوع، هل أمثـل الدور على هذا النحو أو لا. الشخصية مرتبطة جيـدا بما تقوم به وهو مطاردة الرجال وصيدهم وما تفعله بهم بعد ذلك. إنها تتبع أسلوبا «أرضيا» منتشرا.

* هل تعتقدين أن الرجل ضعيف أمام المرأة فعلا أو أنه يتصرف بأنانية عاطفية؟

- التفسيران صحيحان. هو ضعيف في أحيان كثيرة، وهو أناني يريد إشباع نزوته في أحيان أخرى، وربما في الوقت ذاته.

* الدور يبقى جديدا مناهضا مثلا لأدوارك مع وودي ألن. أنوثتك في أفلامه من نوع مختلف. ماذا خرجت به بعد ثلاثة أفلام مع هذا المخرج؟

- أعتقد أن ما خرجت به هو ما خرج به كل ممثل آخر مثـل في فيلم له. كلـنا نحب أفلام ألن لعفويتها وبسببه هو، لأنه مخرج باحث عن الحب وتصرفات من يحب. في المرة الأولى التي مثلت فيها في فيلم له، كنت تواقة لكي أعرف منه كيف يصنع تلك المواقف الجيدة التي يمزج فيها العاطفة الرقيقة مع نقد لتلك العاطفة. كيف يجد أنها ضرورية وطبيعية وفي الوقت ذاته تؤدي إلى الضرر، خصوصا بين العشـاق.

* تتحدثين عن (Match Point) الذي لعبت فيه دور فتاة تنتقل بين حبـين ولو لغايات ربما مادية.

- صحيح. هذا ما أقصده. ما يبدو أنه خيار مقبول ونهائي لا يبقى كذلك. أعتقد أن أفلامه تدور حول هذه النقطة من زاوية أنه من غير الممكن أن يكون الحب لشخص واحد هو النهاية. القلب مفتوح.

* لا أريد أن أسألك إذا كان هذا رأيك، لأنه سيكون سؤالا شخصيا...

- لا ليس لهذه الدرجة. جوابي أنه من الصعب معرفة ما الحقيقة في هذا المجال. لماذا هناك زيجات تستمر بلا مشاكل عاطفية لعقود وأخرى تنهار بعد أشهر قليلة. لا أدري.

* لم أكن حاضرا خلال الحملة الصحافية لفيلم «المنتقمون»، لكن حين شاهدت الفيلم تساءلت عما إذا كنت تحاولين إثبات أنك أيضا راغبة في تمثيل أفلام ذات شعبية كبيرة.

- كلا. لم أكن أحاول شيئا. بالنسبة إلي، وصلني العرض لتمثيل هذا الفيلم عبر وكيل أعمالي وكان عندي اختيار واضح، أقبل به أو لا أقبل. ناتاشا أو «الأرملة ذات السواد» كما مثـلتها ليست شخصية من النوع الذي يتطلـب ممثلة بعينها. أي ممثلة أخرى تقريبا تصلح للدور. هذا ليس مشكلة على الإطلاق، لكنه أحد الأسباب الذي دفعني لقبول هذا الفيلم. لا أريد أن أبدو ممثلة تختار أفلامها على نسق واحد، ولا أدري إذا كان هناك أي ممثل آخر يريد ذلك. نحن هنا لكي نمثـل ولدينا اختيارات، لكنها ليست محكمة بقانون. كل واحد في ذلك الفيلم موهبة جيدة. الفيلم جمع من المواهب فعلا.

* لتعزيز الفكرة التي تتحدثين عنها هنا، لعبت بعد ذلك دور جانيت لي في فيلم «هيتشكوك».

- إلى حد بعيد، دوري في «هيتشكوك» كان بمثابة رغبة خاصـة. لم تتح لي من قبل تمثيل شخصيات ممثلات معروفات أو حتى غير معروفات. جانيت لي من الممثلات اللاتي لا أكتفي من مشاهدتهن على الشاشة في كل مناسبة. أحب طريقة تقديمها لنفسها. كيف تبدو وكيف تمثـل.

* عندما تقرأين سيناريو ترغبين في تنفيذه، لكنك تجدين أن السيناريو لا يحيط بالشخصية التي ستقومين بتأديتها جيدا، هل ترفضين السيناريو أم تقترحين تعديلات؟

- سأذكر لك حادثة في هذا الخصوص. حين تسلمت سيناريو «اشترينا حديقة حيوان» كنت فرحة لأنها كانت فرصتي لكي أمثـل تحت إدارة المخرج كاميرون كراو. حين قرأته وجدت أن الشخصية التي من المفترض أن أقوم بها ليست كاملة، ينقصها ذلك التطور الذي ينطلق من نقطة إلى أخرى. من حسن الحظ أن كراو تجاوب مع ملاحظاتي واستطعنا تطوير الشخصية. إذن، يعتمد عملي على قناعتي بأن الشخصية التي سأقوم بها تلتقي وما لدي. أو دعني أضع ذلك في تعبير آخر: أريد أن أضيف إلى الشخصية من عندي إذا ما لزم الأمر. الشخصية التي أستطيع التجاوب معها ستمكنني من ذلك على نحو تلقائي أو مع قليل من التعديل.

* هل أنت من النوع الذي كان يتمنى لو أنه عاش في زمن هوليوودي سابق؟

- لا. شكرا. أنا سعيدة هنا (تضحك). لا أدري إذا كان هناك زمن معيـن أحب أن أعيش فيه غير الزمن الحالي. طبعا، هناك الكثير من الأمور التي أوافق على أنها كانت أفضل مما هي عليه اليوم، وهذا في كل خانة من خانات العمل بما فيها خانة التمثيل. لكننا لسنا حاليا في زمن رديء. السينما ما زالت موجودة كحالة هروب وكحالة تفكير.

* ترين أن السينما ترفيه وهي أيضا رسالة؟

- طبعا هي كذلك، وعلى نحو منفصل أحيانا وغير منفصل في أحيان أخرى. أنظر إلى «تحت البشرة» كفيلم يجمع بين الاثنين، لكن لا بأس إذا ما كان الخط الفاصل مموها. ربما من الأفضل له أن يكون.