قضاة سعوديون يفضلون المحاماة لكسب المال و«الحياة الأكثر بساطة»

أمين مجلس القضاء لـ «الشرق الأوسط»: التسرب ليس ظاهرة

مقر المحكمة العليا في الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

قدر قانونيون عدد القضاة السعوديون الذين فضلوا مهنة المحاماة بنحو 40 قاضيا، خلال سنوات قليلة.

وأرجع القانونيون ذلك لأسباب تتعلق بارتفاع الأعباء على القضاة، وغياب عناصر الجذب الكافية لبقائهم في وظائفهم. مستعرضين عوامل كضعف التحفيز والرعاية الصحية.

يأتي ذلك في وقت بلغت فيه نسبة القضاة الذين تسربوا من ديوان المظالم معدلا أعلى من المحاكم الشرعية، غالبيتهم من المختصين في القضاء التجاري.

وتجاوز عدد القضايا التي نظرت فيها المحاكم العامة خلال الـ12 شهرا الماضية 650 ألف قضية متنوعة، أما في القضاء الإداري فبلغت خلال عام واحد أكثر من 99 ألف قضية.

وأمام تلك التطورات قال لـ«الشرق الأوسط» سلمان النشوان أمين عام المجلس الأعلى للقضاء: «إن تسرب القضاة للعمل في مكاتب المحاماة لا يمكن أن يمثل ظاهرة» وإنما يقع تحت كل إنسان واختياراته.

ولا يفضل مجلس القضاء أن يعمل القضاة مستشارين غير متفرغين في اللجان شبه القضائية لفض المنازعات المتخصصة التابعة لعدد من المؤسسات الحكومية، ومنها وزارة التجارة، ووزارة الثقافة والإعلام، ومصلحة الجمارك، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية وقدر قانونيون عدد القضاة السعوديون الذين فضلوا مهنة المحاماة بنحو 40 قاضيا، خلال سنوات قليلة.

وأرجع القانونيون ذلك لأسباب تتعلق بارتفاع الأعباء على القضاة، وغياب عناصر الجذب الكافية لبقائهم في وظائفهم. مستعرضين عوامل كضعف التحفيز والرعاية الصحية.

يأتي ذلك في وقت بلغت فيه نسبة القضاة الذين تسربوا من ديوان المظالم معدلا أعلى من المحاكم الشرعية، غالبيتهم من المختصين في القضاء التجاري.

وتجاوز عدد القضايا التي نظرت فيها المحاكم العامة خلال الـ12 شهرا الماضية 650 ألف قضية متنوعة، أما في القضاء الإداري فبلغت خلال عام واحد أكثر من 99 ألف قضية.

وأمام تلك التطورات قال لـ«الشرق الأوسط» سلمان النشوان أمين عام المجلس الأعلى للقضاء: «إن تسرب القضاة للعمل في مكاتب المحاماة لا يمكن أن يمثل ظاهرة» وإنما يقع تحت كل إنسان واختياراته.

ولا يفضل مجلس القضاء أن يعمل القضاة مستشارين غير متفرغين في اللجان شبه القضائية لفض المنازعات المتخصصة التابعة لعدد من المؤسسات الحكومية، ومنها وزارة التجارة، ووزارة الثقافة والإعلام، ومصلحة الجمارك، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية.

يرى المحامي ماجد قاروب أن مهنة المحاماة تتيح لصاحبها أن يكون من ذوي الطبقة المتوسطة داخل المجتمع، مشيرا إلى أن دخلها الصافي يراوح 10 آلاف ريال ويمكن أن يصل إلى مليون ريال شهريا، وفق حجم وإمكانات وأعمال كل مكتب عن الآخر، وأضاف أن المعادلة الاقتصادية التي ذكرها توازن بين الدخل والمصاريف والمهنة وهي كغيرها تحتوي على مخاطر مالية واقتصادية، تتمثل في مصاريف التشغيل الإداري والكادر القانوني، إلا أنه أكد أن 90 في المائة من المجتمع ما زالوا يعتمدون على غير المختصين للتقاضي عنهم أمام المحاكم.

وذكر قاروب أن دخول مزيد من طلبة العلم الشرعي للمحاماة من خريجي المعهد العالي للقضاة وأصحاب الفضيلة القضاة بات ملحوظا، معيدا ذلك إلى جهود وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء بتطوير الممارسة المهنية وإعطاء المهنة جزءا مما تستحقه من المكانة داخل العمل القضائي، على اعتبار أن المحامي شريك للقاضي في العمل العدلي.

وأشار إلى أن ميدان القضاء لم يعد الفرصة الوحيدة لمن يريد الالتحاق بالمنظومة العدلية والقضائية، بعد أن أصبحت المكانة الأدبية للمحامي محفوظة وأفضل مما كان، متوقّعا مزيدا من تعزيز ذلك في ظل مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء، معتبرا أن وزارة العدل قامت بقراءة مستقبلية للاحتياج للمحامين للعمل المهني عند تفعيل محاكم الاستئناف، حيث ستكون الحاجة مضاعفة للمحامين من حيث العدد والأهمية.

وأبان قاروب أن البعض يعتقد أن الخلفية الشرعية له كخريج سابق للمعهد العالي للقضاء أو قاض سابق، تعطيه ميزة تنافسية أفضل من المحامي دارس القانون، واصفا ذلك بالمظهر السلبي الذي يتجلى من قبل بعض من انتقل إلى مهنة المحاماة حين يستخدم عبارة «قاض سابق» على لوحته الإعلانية خارج بناية المكتب أو على كارت التعريف الخاص به. وأضاف أن ذلك من الممارسات المخالفة لنظام المحاماة ويسيء إلى المؤسسة القضائية نفسها، قبل أن يسيء إلى من يقوم بهذا العمل، ودعا كلا من «وزير العدل، ورئيس ديوان المظالم ورئيس الادعاء العام، ورئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ومدير الأمن العام» للتصدي لتلك الظاهرة ومن يمارسها من منسوبيهم السابقين الذين خرجوا إلى ميدان المحاماة.

وتوقع إطلاق هيئة المحامين، التي تعد حاليا في مرحلة الإجراءات التنفيذية وتنظيم اللوائح خلال الفترة القريبة المقبلة، مشددا في سياق متصل على أنه لا يمكن تطوير القضاء إلا بوجود محامين مستقلين لديهم الحصانة الأدبية والنظامية من أجل أن يؤدوا مهمتهم الصحيحة شرعا وقانونا أمام محاكم وزارة العدل وديوان المظالم.

من جهته، قال المحامي حمود الناجم إن الأسباب التي تدفع القضاة للاتجاه إلى مهنة المحاماة متعددة، أبرزها أن مرفق القضاء يتسم بالسكون والتطوير فيه جزئي، مؤكدا أن التطور السريع الذي شهدته الأنظمة العدلية ساهم أيضا في فتح الأبواب للالتحاق بالمحاماة التي أصبحت رافدا من روافد مؤسسات المجتمع المدني، لأن الحقوقي لديه خلفية شرعية ونظامية.

ورأى الناجم أن القضاة من أعلى موظفي الدولة أجرا، إلا أن ذلك لا يتسق مع مقدار الجهد الذي يبذلونه والمشقة التي يعانونها في دراسة القضايا وضعف التواصل الاجتماعي، مبينا أن كثيرا من القضاة لا يجدون مقر تعيينهم في القرى النائية مناسبا لهم، بسبب البعد الجغرافي عن المناطق الرئيسة، ما يجعلهم يختارون الاستقالة.

ولفت إلى أن القاضي لا يمكنه مباشرة أي عمل تجاري ويؤسس أملاكا خاصة؛ لأن الأعراف تعد ذلك عيبا، حيث يتطلب قبوله ورضاه من المجتمع أن يكون محل نزاهة، مشيرا إلى أن عددا من القضاة تم إجبارهم على ترك العمل بناء على الملاحظات التي دونتها ضدهم إدارة التفتيش القضائي في المجلس الأعلى للقضاء.

وأوضح أن مهنة المحاماة تمتاز بأنها مفتوحة ويمكن للمحامي أن يكون استشاريا ويتعاقد مع مؤسسات دولية واستثمارية ويحقق معدلا جيدا من الدخل، بشرط أن يتحلى بالأمانة والصدق والانضباط، مشددا على أن خريجي المعهد العالي للقضاء أصبحوا يفضلون الالتحاق بمكاتب المحاماة على الانضمام للسلك القضائي، واصفين الخطوة بأنها تتيح لهم الحرية والإبداع والتطور في أسرع وقت.

وطالب بتطوير مهنة المحاماة حتى يتطور مرفق القضاء، وأن يتم إطلاق هيئة المحامين في القريب العاجل حتى يتسنى لها النهوض بالمهنة وتنظيم السوق.

ووصف المحامي بندر المحرج البيئة القضائية بأنها غير جاذبة نظرا لقلة عدد القضاة وكثرة العمل وتنوعه وقلة الأعوان، إضافة إلى ضعف الحوافز المادية وانعدام المميزات والحقوق كالتأمين الصحي، على العكس من القطاعات الحكومية الأخرى.

وشدد المحرج على ضرورة أن يكون القاضي مستقرا نفسيا وموازاته بنظرائه في بعض الدول المجاورة الذين يحظون بالمميزات التي تجعلهم يمارسون وظائفهم باطمئنان، مؤكدا أن القاضي في السعودية يدفع ثمن الموروث القديم الذي يعني عدم مخالطة بقية أفراد المجتمع بإكثار، سواء في الأندية الرياضية أو المطاعم، معتبرا أن تلك المفاهيم قد أدخلته في عزلة وجعلته حبيسا عن ممارسة حياته الطبيعية. وأضاف أن ذلك لم يناسب جيل القضاة الجدد من الشباب الذين لا يحبذون الانقياد لذلك المفهوم، ما دعاهم لترك العمل والالتحاق بميادين أخرى.

وقال إن المهن الحرة تتسم بالمرونة أكثر والقدرة على التنويع، أما الوظيفة الحكومية فهي محددة وفق عمل وساعات معينة ولا يمكن تجاوزها لعمل آخر، مستبعدا في الوقت ذاته أن يكون سبب ترك القضاة لوظائفهم ماديا بالدرجة الأولى.

وبلغ عدد المحامين في السعودية، وفقا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة العدل، أكثر من 2115 محاميا، أوكلت لهم في الفترة الأخيرة مهمة الإبلاغ لدى وحدة التحريات المالية بوزارة الداخلية عن قضايا غسل الأموال التي يشتبهون بها في حال ورودها لمكاتبهم.

وطلب وزير العدل محمد بن عبد الكريم العيسى، في وقت سابق، من جميع المحامين تشديد متطلبات التعرف على العملاء ومعرفة هوية المستفيد الحقيقي قبل إقامة علاقات العمل، سواء كانوا أفرادا أو شركات، مع عدم إقامة علاقة تجارية مع اسم وهمي، في الوقت الذي نصت فيه العقوبات، التي قد يتعرض لها المحامون في حال عدم مواكبة دورهم في هذا الإطار، على السجن والغرامة ومصادرة الأموال، في حال كانت مسؤوليتهم جنائية مع جزاءات تأديبية أخرى تصل إلى عقوبة إلغاء الترخيص.

وأصدر وزير العدل السعودي حديثا تعميما على جميع المحاكم، بضرورة منح المحامين حقوقهم أثناء المرافعات الشرعية، مع أهمية أن يكفل القضاة للمحامين الحقوق التي تضمنتها اللوائح التنفيذية لنظام المحاماة في ظل ما أبدوه من تعرضهم لإجراءات لا تتفق مع مضمون النظام أثناء سير المحاكمات.

وتسعى الوزارة إلى تفعيل المواد «التاسعة، الثالثة عشرة، التاسعة عشرة، والثانية والثلاثين» من نظام المحاماة، التي تتلخص في تمكين المحامي من سلك الطرق التي يراها ناجحة في الدفاع عن موكله، ولا تجوز مساءلته عما يورده في مرافعته كتابيا أو مشافهة مما يستلزمه حق الدفاع، مع ضرورة أن تقدم له المحاكم والدوائر الرسمية وسلطات التحقيق التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه، مع تمكينه من الاطلاع على الأوراق وحضور جلسات الاستجواب ولا يجوز رفض طلباته دون سبب مشروع.