احتجاجات شعبية في مدينة الصدر على خلفية اعتقال مشتبه فيهم بتفجيرات

متظاهرون يهاجمون دوائر حكومية ومبنى المجلس البلدي

TT

في تطور لافت لأسلوب الغضب الجماهيري في العراق، هاجم العشرات من أهالي مدينة الصدر شرق بغداد عددا من الدوائر الحكومية والمجلس البلدي فيها احتجاجا على تفجير مجلس عزاء في المنطقة السبت الماضي ما أسفر عن مقتل وإصابة 377 شخصا.

وفي حين اعتقل الأهالي عددا من المشتبه بهم في العملية وتوزيع فيديو بذلك على مواقع التواصل الاجتماعي فإن قسما من أهالي المدينة قاموا بتسليم هؤلاء إلى القوات الأمنية التي تمكنت هي الأخرى من اعتقال مشتبه آخر. وطالب الأهالي بتنفيذ حكم الإعدام بهؤلاء وفي أسرع وقت ممكن في نفس المكان الذي وقع فيه التفجير.

وبدأت الاحتجاجات على شكل مظاهرات أمام المجلس البلدي وسرعان ما تطورت إلى مواجهات واشتباكات واعتصامات في حين وصل عدد من نواب التيار الصدري في البرلمان وقيادات أمنية إلى مكان الاحتجاجات. بدورهم تمكن الأهالي من السيطرة على بعض الدوائر وقطع الطرق المؤدية إليها وهو ما يحصل في العراق للمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات الجماهيرية قبل سنتين التي بلغت ذروتها في اعتصامات المحافظات الغربية الخمس منذ تسعة شهور.

وأكد عضو المجلس البلدي لمدينة الصدر، حسين عطية، أن «الأهالي رموا مبنى المجلس بالحجارة، وقاموا بكسر زجاجه، وإلحاق أضرار مادية فيه، رغم أن المجلس البلدي كان أول من وعدهم برفع مطالبهم إلى الحكومة». وأشار عطية إلى أن «مطالب الأهالي تتمثل بتسلم المتورطين، من أجل تنفيذ العقاب فيهم في مكان التفجير، وحرقهم».

من جهته، اعتبر جواد الجبوري، عضو البرلمان عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التعبير الجماهيري عن الغضب أمر له دلالاته التي يتوجب على الجهات الرسمية، لا سيما الحكومة، أخذها بعين الاعتبار»، معتبرا أن «قيام الأهالي بتسليم المشتبه بهم إلى السلطات الأمنية أمر في غاية الأهمية، إذ إنه يمثل تطورا نوعيا في التعاطي مع حدث من هذا النوع لا سيما أن الحكومة يفترض أنها هي الجهة المخولة بالقصاص وليس الانتقام، يضاف إلى ذلك أن هؤلاء لا يزالون مشتبها بهم وهم في عرف القانون أبرياء إلى أن تثبت إدانتهم». وأوضح الجبوري أن «الناس وبرغم ما يتعرضون له من مآس فإنهم لا يزالون يتعاملون بشكل إيجابي مع الحكومة لأن الأمور وصلت حدا لا يمكن السكوت عليه». واعتبر أن «أحد أبرز أسباب الغضب الجماهيري هو عدم وجود ثقة بإمكانية أن يحال هؤلاء إلى القضاء ويأخذوا جزاءهم العادل لا سيما بعد أن تكررت عمليات الهروب لأخطر السجناء»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «الحكم على هؤلاء بالإعدام ليس كافيا وليس هو الحل لأن هؤلاء مجرد أدوات قد لا تعرف ما هي مقدمة عليه بل إن الأمر يتطلب البحث في الجذور عمن يخطط ويمول ويسعى إلى كل إحداث كل هذا الخراب والدمار في العراق».

بدوره، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، العميد سعد معن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المعتقلين يخضعون لتحقيقات مكثفة وسوف يتم الإعلان عن النتائج قريبا». وردا على سؤال بشأن ما تم الإعلان عنه أخيرا لجهة نصب الكثير من المناطيد الأمنية في عدد من مناطق بغداد التي من شأنها الحد من العمليات الإرهابية فضلا عن استيراد أجهزة كشف متفجرات جديدة يطلق عليها «القوسية»، قال العميد معن «بالنسبة للمناطيد فإن الفنيين الذين سيقومون بتشغيلها دخلوا دورة سوف تنتهي في غضون أسابيع وسينصب عدد منها وهو ما يعد تطورا على صعيد الخطط الأمنية، أما فيما يتعلق بأجهزة كشف المتفجرات القوسية فقد جرى التعاقد عليها».

وكانت صفحات تابعة للتيار الصدري نشرت على موقع التواصل الاجتماعي الـ(فيس بوك) أول من أمس مقطع فيديو لشخص اعتقله «جيش المهدي» التابع للتيار، يعترف بالاشتراك في التفجيرات التي استهدفت مجلس عزاء في مدينة الصدر السبت الماضي، وأكد أن المجموعة التي ينتمي لها تضم عشرة أشخاص يقودهم شخص يلقب «أبو عبد الله».

على صعيد متصل، دعا التيار الصدري أمس إلى تبني مشروع وطني مبني على التسامح والحرية، وأكد أن المشروع يجب ألا يكون «أسيرا لعنوان ضيق ديني أو حزبي». وقال الأمين العام لكتلة الأحرار، ضياء الأسدي، خلال كلمة له في الحفل المركزي الذي أقامه التيار الصدري بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال المرجع الديني محمد محمد صادق الصدر في فندق الرشيد، وسط بغداد، إن «على الجميع تبني مشروع وطني قوي مبني على التسامح والحرية»، مبينا أن «هذا المشروع يجب أن يكون هدفه الأسمى هو تكاتف الإنسان وسمو حياته».