تحالف جبريل يدعو لحوار في ليبيا بمشاركة «الإخوان» والثوار و«الجماعة المقاتلة»

خطف نجل وزير الدفاع.. ودخول عبد الجليل على خط أزمة حقول النفط

د. علي زيدان رئيس الحكومة الليبية لدى لقائه جون كيري وزير الخارجية الأميركي في نيويورك امس ( أ ف ب)
TT

في محاولة للحد من تدهور الوضع الأمني والسياسي المتفاقم في ليبيا، أطلق «تحالف القوى الوطنية» الذي يقوده الدكتور محمود جبريل، مبادرة جديدة للحوار الوطني تحت شعار «ليبيا للجميع»، بمشاركة قادة الثوار والعسكريين وحزب «العدالة والبناء» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.

وقال مسؤولون في التحالف ذي النزعة الليبرالية، الذي كان قد أعلن تجميد نشاطه السياسي مؤقتا اعتراضا على سوء أداء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة الانتقالية، أن المبادرة تهدف إلى لم الشمل وتوحيد الصفوف بالنظر إلى ما وصفوه بالانقسامات والاختلافات الحادة التي قد تضر السلم الاجتماعي وأهداف ومسيرة ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) عام 2011 ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

وأوضحت مصادر التحالف لـ«الشرق الأوسط» أنه جرى بالفعل توجيه دعوات لكل قادة كتائب الثوار وقادة التيارات السياسية من دون استثناء، بالإضافة إلى أنصار التيار الفيدرالي وأنصار الشريعة والجماعة المقاتلة والأمازيغ والمفتي ورؤساء منظمات المجتمع المدني وعدد من النشطاء، مشيرة إلى أن الحوار سينطلق بالعاصمة الليبية طرابلس يوم 23 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وكان التحالف قد أعلن في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس بطرابلس عن مبادرته الجديدة، حيث لفت إلى «التطورات السريعة والمتلاحقة التي يعيشها المشهد السياسي والأمني والاقتصادي اليوم وما يعتريه من انفلات أمني شبه كامل وخضوع واستسلام واضح لمؤسسات الدولة لمن يمتلك قوة السلاح على الأرض».

وقال التحالف في بيان له إنه «في ضوء هذا الفشل شبه الكامل لأجهزة الدولة في إنجاز الاستحقاقات التي انتخبت أو كلفت من أجلها، يخرج علينا المتحدث الرسمي لـ(المؤتمر الوطني) بتصريح، مفاده أن أعضاء (المؤتمر) يناقشون إمكانية تمديد مدة صلاحية هذا (المؤتمر) التي تنتهي في فبراير (شباط) من العام المقبل، الأمر الذي لاقى استهجانا واستنكارا ورفضا من قطاعات واسعة من الشعب».

وشدد على أن دعوته للحوار الوطني أصبحت أمرا «لازما وعاجلا»، ينتج في حالة تحققه ميثاقا وطنيا توافقيا يمكنه أن يشكل الإطار المرجعي للجنة الستين في جهدها التطويري لدستور ما قبل 1 سبتمبر (أيلول) 1969، كما يعتبر مرشدا لها في رقابتها على الحكومة في أداء أعمالها.

وأعلن التحالف رفضه التام لفكرة تمديد فترة عمل «المؤتمر»، الذي أشار إلى أن سجل أدائه اتسم بالفشل في تحقيق ما انتخب من أجله وفي مقدمة ذلك الاستحقاق الدستوري، والمصالحة الوطنية، ومراقبة الحكومة المؤقتة والتأكد من قيامها ببناء الجيش وتحقيق الأمن وتفعيل القضاء، معتبرا أن «المؤتمر» بدلا من كل ذلك كان أداة فاعلة في خلق وترسيخ أجهزة مسلحة موازية تعوق بناء الجيش والشرطة.

وقال التحالف إنه ما زال يعتقد جازما أن الحالة الأمنية الراهنة وسيطرة قوة السلاح وغياب الدولة التي تحمي إرادة الناخب، سيجعل من عملية كتابة دستور جديد أمرا في منتهى الصعوبة، وإن جرت فستجري تحت قوة السلاح امتثالا لإرادة من يملكه، وهو ما يناقض جوهر العملية الدستورية القائمة على التوافق لا المغالبة.

ودعا إلى «المناداة بتفعيل الدستور الذي كان سائدا قبل الانقلاب العسكري للقذافي عام 1969، على أن تتحول لجنة الستين إلى هيئة تشريعية منوط بها تطوير هذا الدستور بما يتوافق وظروفنا المعاصرة وطموحات شعبنا، حتى يتم الاستفتاء على الدستور المعدل وإجراء الانتخابات البرلمانية».

وأعلن حزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ترحيبه بالمبادرة، كما رحب بعودة حزب «تحالف القوى الوطنية» لممارسة نشاطه وعمله السياسي. كما اعتبر محمد صوان، رئيس الحزب، خلال لقاء جمعه أمس مع سفراء أميركا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، أن الحكومة التي يترأسها علي زيدان، لم تتمكن من تحقيق أي نجاح في الملفات الأساسية مثل ملف الأمن والحكم المحلي.

وأضاف: «هي (الملفات) تحت إشراف رئيس الحكومة مباشرة، الأمر الذي ترتب عليه انعدام الأمن للمواطن واستمرار سلسلة الاغتيالات والخطف وكافة أنواع الجرائم الأخرى والتهريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، ووصل الأمر إلى إيقاف تصدير النفط وقطع المياه والكهرباء وشبه انعدام للخدمات، كل ذلك في ظل عجز كامل لرئيس الحكومة».

واعتبر صوان أن «الحل ممكن، وأننا لدينا تصور واضح لحلحلة هذه الملفات، ولكن الحكومة لا تدار بطريقة توافقية، ونحن مسؤولون فقط عن الوزارات التي شاركنا بها». وقال إن هناك جدلا حول مدة بقاء «المؤتمر الوطني» وهو ما يدعو إلى التعجيل بالحوار الذي يجمع كل الأطراف للاتفاق على خارطة الطريق.

إلى ذلك، وفي أول ظهور رسمي له منذ تخليه عن منصبه كرئيس لـ«المجلس الوطني» الانتقالي، شارك أمس المستشار مصطفى عبد الجليل في الاجتماع الذي عقدته لجنة الأزمة بـ«المؤتمر الوطني» لمناقشة الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد والمتمثلة في استمرار إغلاق الحقول والموانئ النفطية.

وقل بيان إعلامي لـ«المؤتمر» إن الاجتماع ناقش بعض المبادرات والمقترحات التي تقدم بها أعضاء المجلس الانتقالي والتي ترمي إلى حل هذه الأزمة.

في المقابل، قالت وكالة الأنباء المحلية إن مجهولين اختطفوا مساء أول من أمس نجل وزير الدفاع عبد الله الثني، مشيرة إلى أنه لم يعرف بعد من يقف وراء عملية اختطافه أو الجهة التي نقل إليها، ونقلت الوكالة عن مصادر مسؤولة أن مجهولين قاموا بإيقاف محمد الثني البالغ من العمر 26 سنة، ووحيد والده، أثناء قيادته سيارته بمنطقة السراج وهو عائد إلى منزله، مشيرة إلى أن الجهات الأمنية قد بدأت عمليات البحث والتحري عنه، بينما لم يصدر عن وزارة الدفاع أو الوزير أي بيان أو تصريح حول ملابسات الاختطاف.