أجهزة الأمن السودانية تطوق صحافيين نظموا حملة من أجل الحريات

تأجيل نظر قضية صيدلانية متهمة بالمشاركة في المظاهرات الأخيرة وتصويرها

TT

طوقت قوة أمنية كبيرة مدججة بالسلاح، وقفة احتجاجية نظمتها شبكة الصحافيين السودانيين، بدار حزب الأمة القومي بأم درمان، ومنعتهم من الخروج. وألقت السلطات الأمنية القبض على بعض الصحافيين ثم أفرجت عنهم لاحقا، واحتجزت كاميرا مصور بشركة الإنتاج التلفزيوني «رامتان»، وفي الأثناء تم تأجيل محاكمة الصيدلانية سمر ميرغني، التي تواجه اتهامات بإثارة الشغب، والتعامل مع جهة أجنبية، والتحريض، جراء تصويرها لأحداث التظاهرات التي شهدتها البلاد.

ونظمت شبكة الصحافيين السودانيين أمس، وهي تنظيم مواز لاتحاد الصحافيين السودانيين الموالي للحكومة، نشاطا في إطار «حملة التضامن دفاعا عن حرية الصحافة والتعبير»، الذي شهده أكثر من خمسين صحافيا وصحافية من مختلف وسائل الإعلام المحلية والأجنبية. وقبيل بداية الاحتفال طوقت قوة أمنية كبيرة مسلحة على متن قرابة العشرة سيارات مكان التجمع، وفرضت طوقا عليه، وحاصرت الذين تمكنوا الدخول، فيما منعت الداخلين، وحاولت القوة دخول الدار، بيد أن قادة بحزب الأمة وعلى رأسهم القيادية سارة نقد الله وكريمات زعيم الحزب الصادق المهدي «مريم ورباح»، رفضن دخول قوات الأمن لدار الحزب، بعد أن طلب منهن فض الندوة وطرد الصحافيين، حسبما أفادت به القيادية بالحزب الدكتورة مريم الصادق، ولاحقا استجوبت قوات الأمن عددا من الصحافيين الذين خرجوا منفردين ثم أطلقت سراحهم، واستولت على كاميرا «رامتان» ولم يعرف بعد ما إن كانت قد أعيدت لمالكيها.

وخرج الصحافيون في شكل مجموعات بعد نهاية النشاط لتجنب الاعتقال، واستطاعوا الخروج بسلام، على الرغم من محاولات تحرش من قبل بعض أفراد من الأمن ضدهم.

ورسم الصحافي محمد الأسباط، الذي خاطب الحملة أمس، صورة قاتمة لواقع الصحافة السودانية، وقال إن من يقرأ صحف الخرطوم اليوم يشعر بأنها صادرة من كوكب المريخ، وأن الصحافي لا يستطيع أن ينشر قصته الخبرية التي تروي الأحداث التي تدور حوله من تظاهرات واعتقالات وسقوط ضحايا بين قتيل وجريح. وأن الصحافة السودانية بلغت أكثر مراحل «الانحطاط المهني»، إذ تجاوز جهاز الأمن التدخل في العمل الصحافي، وأضحى هو من يحدد أسلوب كتابة القصة الخبرية، إذ منع الصحافيين من كتابة مفردات من قبيل تظاهرات، شهداء، رفع الأسعار»، وفرض عليهم استخدام مفردات مثل «حزمة الإجراءات الاقتصادية بديلا لغلاء الأسعار، والمخربين بديلا للمتظاهرين»، مما جعل الصحف تفقد مصداقيتها وأصبحت مهنة الصحافة على المحك، ولم يعد القارئ يثق فيها.

وروى الصحافي عقيل أحمد ناعم، للحضور تفاصيل القبض عليه والتعذيب الذي قال إنه تعرض له، والعنف اللفظي والجسدي والتهديد الذي واجهه، وأوضح بأنه تعرض للتهديد أثناء اعتقاله، وبعيد اعتقاله من قبل أجهزة الأمن في منطقته، وتضمنت التهديد مرتين حسب إفادته، مرة أثناء اعتقاله، والأخرى بعد إطلاق سراحه، من سلطات الأمن المحلية التي ذكرته بأسرته وأطفاله. واعتقل الصحافي عقيل ناعم أثناء تغطيته لتظاهرات منطقة «شمبات» شمالي بحري، والتي سقط خلالها عدد من الضحايا بين قتيل وجريح.

من جهة أخرى أجلت محكمة بالخرطوم بحري، محاكمة الصيدلانية سمر ميرغني بحجة أن «الموبايل» خاصتها مغلق ويحتاج لخبير لفك شفرة إغلاقه التي قالت المتهمة إن أحدهم عبث بها، وهو مستند الاتهام الذي تقدم به الشاكي.

وتعرضت الصيدلانية، حسب مقابلة أجرتها مع فضائية «العربية» للاعتقال والضرب والتهديد بألفاظ بذيئة ترددت في ذكرها للمحكمة حياء، فيما تتجه المحاكمة بحسب محامي الدفاع نبيل أديب لأن تكون «محاكمة» على محتويات الموبايل المغلق، التي يزعم الشاكي «جهاز الأمن» أنه يحوي «صورا خليعة»، وهي تهمة أنكرتها د. سمر بشدة وقالت إن من عبث بهاتفها الجوال هو المسؤول عن محتوياته، وجددت القول إن شخصا «بدل كلمة السر»، مما جعلها تعجز عن فتحه.

وقال أديب للصحيفة إن المحكمة التي تخضع لها موكلته «إيجازية»، لذا لم تقدم تهما للمتهمة بعد، وأنه فريق الدفاع على استعداد لدفع التهم الموجهة لموكلته، ووصفها بأنها لن تصمد طويلا. وقال والد المتهمة، بروفسور ميرغني ابن عوف لـ«الشرق الأوسط» أثناء المحاكمة أن قضية ابنته قضية عامة ولا يمثل الحق الشخصي فيها إلا جزءا يسيرا، وأنه وقف دون تبني بعض أفراد الأسرة لمواقف أسرية متشددة إزاء ما حدث لابنتهم، معتبرا قضيتها قضية عامة.

وبدت إحدى عيني الصيدلية سمر ميرغني لحظة خروجها من قفص الاتهام محمرة، وقالت إنها تعرضت لضربة من قبل أحد رجال الأمن.