اعتقال امرأة حاولت زرع عبوة ناسفة قرب مدرسة جنوب بغداد

خبير يعزو تزايد الهجمات الليلية إلى «تراخي» القوات الأمنية

TT

اعتقلت السلطات العراقية، أمس، امرأة كانت تقوم بزرع عبوة ناسفة قرب مدرسة جنوب بغداد، بينما قتل أربعة من عناصر الصحوة التي تقاتل تنظيم القاعدة في العراق، في هجوم شمال العاصمة. وقال مصدر في وزارة الداخلية العراقية إن «حارس مدرسة البشير الابتدائية في منطقة المدائن (20 كلم جنوب بغداد) قبض على امرأة كانت تزرع عبوة ناسفة على جدار المدرسة».

وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «قام الحارس بمساعدة حراس آخرين، بتسليم المرأة إلى قوات الجيش العراقي»، التي «اعتقلتها على الفور».

وتأتي هذه الحادثة غداة تفجير انتحاري بشاحنة مفخخة استهدفت مدرسة ابتدائية في قرية للتركمان الشيعة، قرب الحدود السورية، أسفر، أول من أمس، عن مقتل عشرة أطفال وخمسة من طاقم التعليم، بينهم مدير المدرسة.

من ناحية ثانية، قتل أربعة من عناصر الصحوة في ناحية المشاهدة (45 كلم شمال بغداد).

وأوضح ضابط في وزارة الداخلية أن «عبوتين ناسفتين انفجرتا على دورية لقوة من عناصر الصحوة، مما أسفر عن مقتل أربعة منهم وإصابة خمسة آخرين».

واللافت منذ فترة هو تغير منطق الهجمات المسلحة كثيرا في العراق، وتغير الأساليب التي تتبعها الجماعات المسلحة، وفي مقدمتها تنظيم «القاعدة»، بقصد الاستهداف سواء كان هذا الاستهداف موجها لأهداف ذات طبيعة عسكرية، وربما نوعية أو مجرد استهداف عبثي، وصل إلى حد تفجير المدارس بعد المساجد والحسينيات، بهدف إحداث فتنة طائفية. ففي السابق، كانت هناك نمطية في أساليب الاستهداف من قبل الجماعات المسلحة، وتتمثل في تنفيذ العمليات الانتحارية أو التفجيرات، أيا كانت في ساعات الصباح الأولى.

وقد كان يتردد في كل وسائل الإعلام في العراق والعالم، التي تتابع ذلك وتنقله، أن بغداد استيقظت على وقع تفجيرات جديدة.

الآن ومنذ شهور اختلف الأمر كثيرا، إذ غالبا ما بدأت بغداد أو المحافظات الأخرى تختتم نهارا طويلا من الإجراءات الأمنية المكثفة بتفجيرات تصبغ ليل بغداد الرمادي، بسبب قلة ساعات تجهيز الكهرباء، بلون الدم. ويقر المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد، العميد سعد معن، بأن تكتيك «القاعدة» قد «تغير، وهو أمر يجب الإقرار به».

لكن العميد معن، وفي سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن هذا التحول في طبيعة عمل «القاعدة»، يقول: «من وجهة نظرنا لا يوجد تحول في الاستراتيجية، ولكن هناك تحول في الآليات وسياقات العمليات لجهة تكثيفها طبقا لدافعي الأموال الذين يريدون نتائج على أرض الواقع، لما يدفعونه من أموال لقتل العراقيين».

يضيف معن أن «هناك نوعا جديدا من استثمار الأموال يتمثل في قتل المزيد من أبناء الشعب العراقي».

وعلى الرغم من أن عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية والقيادي في التحالف الكردستاني شوان محمد طه، الذي يتابع فكر «القاعدة» والجماعات المسلحة منذ فترة طويلة يتفق إلى حد كبير مع العميد معن، فإنه وفي سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط» يرى أن «الجماعات المسلحة وبالذات (القاعدة) تعرف جيدا أن كلا من السنة والشيعة يعرفون وبالتجربة أنها لا تفرق بين سني أو شيعي لأن لها هدفا أو استراتيجية تتخطى ذلك، فإنها ومن جانب آخر، ولكنه هام جدا تعرف أن هناك من بات يستغل ما تقوم به لإغراض إثارة الفتنة، ويرميه برأس (القاعدة)، وهو أمر يصب أيضا في مصلحتها، لأنها تريد إحداث المزيد من الخراب والدمار». وبشأن تغيير نمط الهجمات من النهار إلى الليل يختلف طه مع العميد معن، الذي لا يجد ثمة «فرقا كبيرا في الاستهداف نهارا أو ليلا». إذ يرى طه أن «الإرهابيين درسوا جيدا طبيعة المجتمع العراقي على كل المستويات، بما في ذلك كثرة الحركة الليلية». ويعتقد طه أن أعداد عناصر «القاعدة» في بغداد «ازدادت وهناك سبب مهم في هذا المجال، وهو أن العمليات الجارية في حزام بغداد جعلتهم يضطرون إلى نقل المزيد مما يملكونه إلى الداخل، وبالتالي القيام بعمليات بعضها ثأرية هي الأخرى».

الخبير الأمني الدكتور معتز محيي الدين، مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية، يرى، من جهته، أن «هناك سببا رئيسا لزيادة العمليات الليلية من انتحارية أو هجمات مسلحة، وهي أن هناك فتورا واضحا في ساعات المساء عند الأجهزة الأمنية يصل إلى حد التراخي».

ويضيف أن «عدد الأفراد في كل نقطة تفتيش بين الساعة السادسة مساء إلى الثامنة يقل كثيرا، ثم أن التجمعات البشرية في الليل أكثر وتصعب حمايتها، كما أن هناك مسألة في غاية الأهمية، وهي أن الواجب كثيرا ما يأخذ طابع إسقاط الفرض لا أكثر».

ويضيف محيي الدين عاملا نفسيا اجتماعيا لكل ما قيل، وهو ما سماه «روح الاتكالية لدى معظم الأجهزة الأمنية التي تريد فقط إتمام واجبها من الساعة كذا إلى الساعة كيت دون أخذ العبر والدروس أو الانتباه لما يجري حولها».