الصين تفرض نفوذها على قمة آسيا ـ المحيط الهادي.. وسط غياب أوباما

كيري يؤكد التزام واشنطن في المنطقة

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل التقاط صورة تذكارية للمشاركين في قمة «أبيك» في جزيرة بالي الإندونيسية أمس (إ.ب.أ)
TT

فرضت الصين نفوذها مجددا أمس على آسيا والمحيط الهادي؛ إذ أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أمس أن المنطقة لا يمكنها الازدهار من دون الصين. وجاءت تصريحات الرئيس الصيني خلال افتتاح قمة آسيا - المحيط الهادي (أبيك) أمس على جزيرة بالي الإندونيسية في ظل غياب لافت للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي اضطر لإلغاء مشاركته في القمة بسبب استمرار أزمة الميزانية في الولايات المتحدة.. فالرئيس الأميركي هو الغائب الأكبر عن هذه القمة المهمة لقادة منتدى التعاون لآسيا - المحيط الهادي، وهي المجموعة التي تمثل أكثر من نصف الثروة العالمية. وقد أثار غيابه القلق لدى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وشكوكا في قدرة أوباما على تنفيذ وعوده بجعل آسيا المحيط الهادي «محور» سياسته الخارجية.

وغياب أوباما أطلق يد الرئيس الصيني الذي بدأ جولة مهمة في جنوب شرقي آسيا تبدو بمثابة حملة لاستمالة دول المنطقة في وقت ألغى فيه أوباما جولة كان يفترض أن يقوم بها في هذه المنطقة.

وفي خطاب كان مرتقبا باهتمام بالغ مد الرئيس الصيني مرة جديدة يده إلى جيرانه. وقال إن «الصين لا يمكنها أن تتطور بشكل معزول عن آسيا - المحيط الهادي، وآسيا - المحيط الهادي لا يمكنها الازدهار دون الصين». وأضاف شي أن «الصين ستحافظ بحزم على السلام والاستقرار الإقليميين.. نحن الصينيين نقول غالبا إن العائلة المنسجمة تزدهر. وبصفتها عضوا في عائلة آسيا - المحيط الهادي، فإن الصين مستعدة للعيش بصداقة تامة مع بقية الدول الأعضاء ومساعدة بعضنا بعضا».

وقد حرص الرئيس الصيني على ما يبدو على اعتماد لهجة مطمئنة لتهدئة التوترات الناجمة عن مطالب بكين في بحر الصين التي تصدم عددا من الدول المجاورة. وبينما يسود العلاقات الصينية - اليابانية التوتر، تصافح شي ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في لقاء عابر على هامش القمة، ولكن لم يجريا مشاورات حول جزر متنازع عليها.

وتعتمد الدول الحليفة للولايات المتحدة على قوة واشنطن للوقوف في وجه المطامح الصينية. وسعى وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى تهدئة مخاوف تلك الدول خلال اليومين الماضيين. وقال كيري، الذي اضطر لأن يحل مكان أوباما، إن غياب الرئيس «لا يؤثر ألبتة» على التزام الولايات المتحدة في آسيا. وقال رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ: «لا أحد يمكن أن يحل مكان الولايات المتحدة.. لا الصين ولا اليابان ولا أي قوة أخرى». واعتبر رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق الذي ألغى أوباما أيضا زيارة إلى بلاده، أن المشاركة في «أبيك» كان من الممكن أن تكون «فرصة ذهبية لأميركا وللرئيس أوباما نفسه لإظهار زعامته والتركيز على آسيا».

كما أن عدم مشاركة الرئيس الأميركي يعرقل أيضا جهود واشنطن للموافقة قبل نهاية السنة على «الشراكة عبر المحيط الهادي»، أي الاتفاق للتبادل الحر الذي سيضم 12 دولة من المنتدى منها الولايات المتحدة باستثناء ملحوظ للصين.

وأقر رئيس الوزراء الماليزي بأن «المهلة التي حددتها واشنطن للتوصل إلى اتفاق في نهاية السنة طموحة جدا». وقال أول من أمس: «إنه جدول زمني ضيق جدا. نشعر بأن الأمر يستلزم وقتا أطول».

والشراكة عبر المحيط الهادي التي ستضم 40 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، ستضم اليابان وأستراليا وبروناي وكندا وتشيلي وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وألبيرو وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام.

وكانت بكين تعارض أصلا هذه الشراكة، وهو مشروع أطلق بمبادرة أميركية، لكن موقفها تبدل مما أعاد الأمل إلى شركائها التجاريين.

وتؤجج الأزمة في واشنطن واحتمال العجز عن السداد في حال لم يجر التوصل إلى اتفاق حول رفع سقف الدين الأميركي بحلول 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، القلق بشأن الاقتصاد العالمي الذي يواجه أصلا مشكلات.

وحذر الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نييتو من أن ذلك «سيطال كل الكوكب وليس فقط هذه الدول التي لها صلات جغرافية واقتصادية وثيقة مع الولايات المتحدة».

وأكد وزراء التجارة والخارجية لدول «أبيك» في بيان مشترك نشر قبل القمة أن «النمو العالمي ضعيف جدا. المخاطر لا تزال قائمة، والآفاق الاقتصادية توحي بأن النمو أضعف وأقل توازنا على الأرجح مما هو مرتقب».

وبحسب مسودة البيان الختامي للقمة التي تنهي أعمالها اليوم، فإنه يتوقع أن يدعو القادة إلى «سلسلة إصلاحات بنيوية ترمي إلى زيادة الإنتاجية ومشاركة اليد العاملة وإنشاء الوظائف».