استمرت الاشتباكات العنيفة أمس في محيط بلدات الحسينية والذيابية والبويضة إلى الجنوب من دمشق، بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية، وذلك غداة اجتاح ميليشيات شيعية عراقية ولبنانية مدعومة بقوة نيران من الجيش السوري ضاحية شيخ عمر الجنوبية الاستراتيجية في دمشق في ضربة لمقاتلي المعارضة الذين يحاولون التشبث بضواح استراتيجية على مشارف العاصمة. وجاء ذلك بينما قتل 30 شخصا أمس في غارات نفذتها طائرات تابعة للنظام السوري في محافظة حلب في شمال سوريا ومحافظة درعا (جنوب)، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلن ناشطون أمس أن 20 على الأقل من مقاتلي المعارضة لقوا حتفهم حين سيطر مقاتلو جماعة حزب الله ورجال ميليشيا عراقيون على بلدة الشيخ عمر تحت ستار من قصف المدفعية والدبابات والطيران من القوات السورية وسقط عشرات من المقاتلين الشيعة ما بين قتيل وجريح.
وتقع الشيخ عمر بين طريقين سريعين يؤديان إلى الجنوب من دمشق ولهما أهمية حاسمة في إمداد قوات الرئيس بشار الأسد في محافظتي درعا والسويداء على الحدود مع الأردن.
ويقول مسؤولو أمن في المنطقة إن زهاء 60 ألف مقاتل من العراق وإيران واليمن وحزب الله موجودون في سوريا يساعدون الأسد. وأقر حزب الله علنا بالقتال إلى جانب قوات الأسد وهو داعمه الرئيس مع إيران لكنه لا يعلق على تفاصيل عملياته في سوريا.
وقالت مصادر بالمعارضة ومسؤولو أمن إقليميون إن نشر مقاتلي الميليشيات العراقية واللبنانية كان حاسما في منع سقوط المداخل الجنوبية لدمشق في أيدي قوات المعارضة. وحسب سكان تلك المناطق فإن المقاتلين الشيعة بالتعاون مع جنود ومسلحين موالين للأسد كانوا على مدى الأشهر الستة الماضية يحاصرون الضواحي الجنوبية التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في دمشق قرب ضريح السيدة زينب.
وتسبب الحصار في تقليص وجود المعارضين في مناطق بوسط المدينة وأدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء أضر بالسكان المدنيين.
وقال وردان أبو حسن وهو طبيب بمستشفى ميداني بجنوب العاصمة إن المستشفى ومنشأة طبية أخرى قريبة استقبلا 70 مصابا من المقاتلين والمدنيين منذ الرابعة صباحا. وأضاف أن المصابين جاءوا من حي الشيخ عمر ومن منطقتي الذيابية والبويضة القريبتين حيث يحاول مقاتلو المعارضة منع تقدم الميليشيات الشيعية.
وقال الطبيب: «معظم الضحايا سقطوا بسبب غارات جوية ونيران الدبابات وقاذفات صواريخ متعددة الفوهات»، حسبما أوردته وكالة «رويترز».
من ناحيته، قال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الأعلى لهيئة الأركان في الجيش السوري الحر العقيد قاسم سعد الدين لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «النظام السوري، مدعوما بميليشيات حزب الله وأخرى عراقية، يحاول بشتى الوسائل السيطرة على كل المواقع الاستراتيجية، بسبب أهميتها العسكرية من جهة ولكونها بمعظمها تشكل خطوط إمداد حيوية إلى وحداته المنتشرة في مناطق مجاورة»، لافتا إلى أن «النظام يقاتل بشراسة لاستعادة مواقع تمكن الجيش الحر من السيطرة عليها على مشارف دمشق، من أجل صد تقدم المعارضة».
من جهة أخرى، نفى سعد الدين أن يكون «الجيش الحر» مسؤولا عن سقوط قذائف على مصفاة حمص النفطية، أول من أمس، إحدى المصفاتين النفطيتين الموجودتين في سوريا، واللتين تعملان منذ اندلاع العمليات العسكرية في البلاد على نطاق واسع بحدودهما الدنيا. وقال سعد الدين إن «الجيش الحر» في كافة عملياته العسكرية «يتجنب استهداف المدنيين والمنشآت الخاصة بالشعب السوري»، محملا مسؤولية استهداف المصفاة لـ«عناصر مدسوسة أو عناصر نظامية». وكرر توجيه النداء إلى مقاتلي الحر بـ«عدم استهداف المنشآت التي يملكها الشعب السوري».
وكانت الهيئة العامة للثورة السورية أشارت إلى أن الجيش الحر استهدف مصفاة حمص في إطار عملية أطلق عليها اسم «معركة صب النيران»، مشيرة إلى تصاعد «دخان أسود كثيف جدا من المصفاة يغطي سماء مدينة حمص»، علما أن المصفاة موصولة بخط نفط العراق، كما تقوم بتكرير نفط حقل العمر الموجود في محافظة دير الزور شرق البلاد، والذي لا يزال تحت سيطرة القوات الحكومية.
وفي غضون ذلك، قتل 30 شخصا أمس في غارات نفذتها طائرات تابعة للنظام السوري في محافظتي حلب ودرعا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: «قتل 16 مواطنا هم سيدة وطفلان و13 رجلا نتيجة قصف الطيران الحربي والمروحي على مناطق في مدينة السفيرة» شرق مدينة حلب، مشيرا أيضا إلى وقوع عشرات الجرحى.
ويسيطر مقاتلون إسلاميون على هذه المدينة وبينهم جهاديو «دولة الإسلام في العراق والشام».
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن السفيرة تتعرض منذ يومين لقصف عنيف من قوات النظام «التي تسعى إلى تخفيف الضغط على بلدة خناصر التي استعادت السيطرة عليها أخيرا قوات النظام وتحاول المعارضة المسلحة استعادتها لأهميتها الاستراتيجية».
وتقع خناصر على الطريق المعروفة بـ«طريق البادية» التي تشكل طريق الإمداد الوحيد لقوات النظام إلى مدينة حلب التي تدور فيها منذ أكثر من سنة معارك ضارية وتتقاسم السيطرة عليها المجموعات المقاتلة المعارضة والنظام.
في حلب أيضا، قتل ستة أشخاص آخرين هم «فتى وسيدة وأربعة رجال نتيجة قصف الطيران الحربي مناطق في مدينة منبج» في الريف الشمالي والتي تسيطر عليها المجموعات المعارضة.
وفي الجنوب، قتل ثمانية أشخاص في غارة نفذها الطيران الحربي السوري على مدينة نوى في محافظة درعا، بحسب المرصد.
وقالت الهيئة العامة للثورة في بريد إلكتروني إن بين القتلى طفلين، وإن هناك الكثير من الجرحى «معظمهم بحالة خطرة».
وأشار المرصد إلى غارات أخرى على بلدة أبو جرين القريبة من السفيرة، وعلى مناطق في محافظات دير الزور (شرق) وإدلب (شمال غرب).
في موازاة ذلك، أكد المرصد السوري أمس الأنباء عن مقتل نجل محمد صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أبرز الأحزاب الكردية في سوريا، خلال اشتباكات دارت قبل يومين مع مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الريف الغربي لمدينة تل أبيض.