تحذير من دخول انتحاريين أجانب لاستهداف زيارة عاشوراء إلى كربلاء

تضارب في المواقف حيال تشكيل لجان الحماية الشعبية

TT

حذرت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مما يمكن أن تسفر عنه عملية تجنيد انتحاريين عرب وأجانب والبدء بإرسالهم إلى العراق مع قرب مناسبة عاشوراء التي تستمر أكثر من شهرين في العراق، لا سيما في المدن الشيعية مثل كربلاء.

وقال حاكم الزاملي، عضو البرلمان والقيادي في التيار الصدري، في تصريحات إن «هناك عملية تجنيد لانتحاريين من جنسيات عربية وإرسالهم إلى العراق إبان زيارة عاشوراء للقيام بعمليات انتحارية»، مؤكدا أن «عددا من هؤلاء الانتحاريين بدأوا يدخلون العراق عبر الأراضي السورية من خلال خطة جديدة لـ(القاعدة) تستعملها لغسل العقول». وأضاف الزاملي أن «الأهالي استطاعوا أخيرا قتل انتحاري يحمل الجنسية الشيشانية حاول تفجير نفسه في منطقة أبو دشير جنوب بغداد، إلا أن العملية باءت بالفشل بسبب خلل في عملية التفخيخ»، مشيرا إلى أن «الإرهابيين بدأوا يستخدمون الانتحاريين في مناطق الموصل والأنبار».

وتأتي تصريحات الزاملي غداة إعلان مجلس محافظة بابل أمس عن «دخول انتحاريين (...) لاستهداف المواكب الحسينية خلال شهر محرم»، لافتا إلى أن معلومات استخبارية دقيقة تؤكد «وجودهم في حواضن تقع شمال بابل». كما تتزامن هذه التصريحات والمعلومات مع بدء الاستعدادات المكثفة في العراق لإحياء ذكرى عاشوراء في العاشر من شهر محرم من كل عام من قبل الشيعة. ويتوقع المراقبون السياسيون أن يكون موسم عاشوراء الحالي في العراق من بين المواسم الأكثر دموية بسبب تزايد معدلات العنف في البلاد على صعيد استخدام السيارات المفخخة التي يقود بعضها انتحاريون فضلا عن الأحزمة الناسفة والعبوات اللاصقة والكواتم، وفي ظل استمرار الأزمة السياسية وبدء التحضير للانتخابات البرلمانية العام المقبل.

وفي هذا السياق، وفي حين الحديث عن وجود ميليشيات وجيوش طائفية (جيش المختار) وعشائرية (جيش العشائر في الأنبار)، بالإضافة إلى «جيش المهدي» و«عصائب أهل الحق» وغيرها، فإن هناك تباينا في المواقف بشأن إمكانية تشكيل لجان شعبية مناطقية لحماية أبناء المناطق من عمليات القتل والتفخيخ، لا سيما في المناطق الشيعية التي يرى الكثيرون أنها الأكثر استهدافا، لا سيما في العاصمة بغداد.

وفي حين أبدى الكثيرون استغرابهم من أن تنطلق الدعوة لتشكيل لجان الحماية الشعبية من قبل قيادي بائتلاف دولة القانون الذي يقود الحكومة، ألا وهو عدنان الشحماني عضو لجنة الأمن البرلمانية، فإن قياديا آخر في الائتلاف عد مثل هذه الدعوة «ليست أكثر من ردة فعل عاطفية غير مدروسة».

وقال عدنان السراج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «ربما تكون مثل هذه التجارب موجودة في بعض بلدان العالم، لكنها تأخذ في العراق بعدا آخر يمكن أن يستغل من قبل الخصم»، مشيرا إلى أن «من يدفع باتجاه تشكيل مثل هذه اللجان أو الميليشيات من داخل الوسط الشيعي يرى أنه قادر على حماية نفسه باتباع مثل هذه الأساليب دون أن يدري أن ذلك يصب في النهاية في مصلحة تنظيم القاعدة الذي يريد إثبات عجز القوات الأمنية عن القيام بواجباتها». وقال السراج إن «(القاعدة) تمنى بخسائر كبيرة جدا في العراق، والحرب معها لا تزال مفتوحة، وهي متعددة الصفحات، وبالتالي فإن المطلوب هو التركيز على جهد الدولة بدلا من تشتيته وراء ردات فعل آنية وغير مدروسة».

من جانبه عد أحمد الكناني، الناطق الرسمي باسم حركة أهل الحق (عصائب أهل الحق سابقا) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الدور يجب أن يبقى في المرتبة الأساس للقوات الأمنية في حفظ الأمن، وهو ما أكدنا عليه في بياناتنا وأدبياتنا، حتى تبقى السيطرة بيد الدولة لا بيد الميليشيات، خصوصا إذا ما جرى تعزيزها بلجان أو جيوش أو غيرها».

وردا على سؤال بشأن الاتهامات التي توجه لحركته بأنها ميليشيا، قال الكناني: «إننا حركة مقاومة ضد المحتل الأميركي، وعندما رحل المحتل ألقينا السلاح وانخرطنا في العمل السياسي، وكل من يقول غير ذلك يريد الإساءة إلينا». وأوضح الكناني أن «هناك صيغة يمكن اعتمادها في هذا المجال، وهي أن تتشكل لجان مشتركة في الأحياء من كلا الطائفتين وبالتساوي، لتتولى رصد الحركات الغريبة وإيصال المعلومات للجهات الأمنية في كل زقاق وكل محلة، لا أن تحل محل الأجهزة الأمنية».

الخبير الأمني الدكتور معتز محي عبد الرحمن، رئيس المركز الجمهوري للدراسات الأمنية، قال ردا على سؤال بشأن تباين الرؤى بشأن لجان الحماية الشعبية إن «من يرفض تشكيل مثل هذه اللجان أو الميليشيات من جديد ينطلق من تجارب سابقة عندما تحولت هذه الميليشيات إلى قوات بديلة بسبب ضعف الدولة، وقد فتحت المجالات أمام جهات أخرى للعبث بالأمن وإقامة حواجز أمنية وهمية، وبالتالي اختلطت الأمور»، مشيرا إلى أنه «لا توجد دولة مدنية تلجأ إلى هذا الأسلوب حتى حين تضعف، إذ يمكن أن تحل ذلك من خلال المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحمايتها». وأوضح أن «من يؤيد ذلك فإنه يشير إلى تجربة الصحوات أو مجالس الإسناد أو غيرها التي تعتبر قوات شعبية لكنها تحت رعاية الحكومة».